“الحزب” يتلقى الضربات بصبر غريب!

يتعلق مصير منطقة الشرق الأوسط بمصير مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، التي تقف بدورها عند “محور فيلادلفيا” (معبر صلاح الدين)، بحيث يصر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على ابقاء المعبر تحت سيطرة القوات الاسرائيلية، وهو ما ترفضه “حماس” والدول العربية أيضاً، لا سيما مصر كون وجود هذه القوات ينتهك اتفاقية السلام مع اسرائيل الموقعة عام 1979، وقد هددت القاهرة بمراجعة المعاهدة وهي الأولى بين إسرائيل ودولة عربية.

وأكثر ساحة يمكن أن تشعل الحرب في المنطقة هي لبنان، إلا أن “الصبر الاستراتيجي” لدى “حزب الله” في الفترة الاخيرة مستغرب، فعلى الرغم من أنه توعد برد مدوٍ على اغتيال القيادي فؤاد شكر، الا أن ٣٨ مقاتلاً سقط له منذ الاغتيال، ٧ منهم أمس ومع ذلك يبدو رد فعله غير متناسب مع حجم الخسائر التي يتكبدها، وأقسى ما وصل اليه توسيع دائرة استهدافاته قليلاً.

ولعل ما صدر عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت يشير إلى امكان كبير لاشتعال الجبهة اللبنانية وتطورها إلى حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله”، إذ اعتبر أن المفاوضات للتوصل إلى وقف لاطلاق النار “ستستمر من دون تقييد في الوقت، أو أنها ستنفجر في مرحلة معينة وتنتهي بجولة أخرى من العمليات العسكرية في الجنوب، وربما في الشمال أيضاً، حيث تستمر المواجهات العنيفة. وفي نهاية المطاف يتعين عليها أن تتطور إلى حرب واسعة”.

الميدان
لا يزال التصعيد سيد الموقف في الميدان، حيث شن الجيش الاسرائيلي عدة غارات أسفرت عن مقتل ٨ أشخاص، بينهم طفل في الثامنة من عمره، واستهدفت مسيرة سيارة على طريق صور – معركة أدت الى سقوط ضحية.

كما شن الطيران الحربي غارة على بلدة ميس الجبل أسفرت عن سقوط قتيل، وكذلك سقط قتيل آخر في غارة على بلدة عيترون.

واستهدفت مسيرة ظهر أمس منزلاً وسيارة بصاروخين ما أسفر عن سقوط ضحيتين، بينهما طفل بعمر الثماني سنوات.

وأغار الطيران الحربي صباحاً على بلدة طيرحرفا، وأفيد عن سقوط 3 ضحايا وجريح.

وفيما نعى “حزب الله” 7 من عناصره، شن سلسلة عمليات وصل عددها إلى 13، فأعلن عن استهداف ثكنتي زرعيت وراميم، وقاعدتي عين زيتيم وميرون، وعن قصف مواقع: العباد، المالكية، حدب يارون، المطلة، السماقة، خربة ماعر، رويسات العلم وتلة الخزان.

غارات على سوريا
إلى ذلك، دوت انفجارات عنيفة ناجمة عن ضربات جوية إسرائيلية جديدة استهدفت أكشاك بيع الوقود في ريف حمص الغربي، تتبع لعناصر سوريين يعملون لصالح “حزب الله” غرب مصفاة حمص، على طريق صافيتا – حمص في منطقة قرية خربة التينة، ومستودعات قرب مدينة حماة، وسط محاولة الدفاعات الجوية التابعة للنظام السوري التصدي للطائرات الاسرائيلية، إلا أنها فشلت في ذلك ووصلت الصواريخ الى أهدافها، تزامناً مع تصاعد كثيف للدخان من المواقع المستهدفة.

تعثر مفاوضات غزة
ويأتي التصعيد على وقع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار قي غزة، بعدما تحول “ممر فيلادلفيا” إحدى العقبات الرئيسية في المباحثات للتوصل إلى هدنة.

ومساء الخميس، قال مكتب نتنياهو إن إسرائيل لن تقبل اتفاق هدنة في غزة من دون “السيطرة على ممر فيلادلفيا، لمنع إعادة تسليح حماس”. ونفى “التقارير التي تفيد بأن إسرائيل تدرس فكرة نشر قوة دولية” في الممر.

رفض مصري
وترفض مصر بصورة قاطعة انتشار القوات الاسرائيلية في “ممر فيلادلفيا”، إذ ترى في ذلك “تهديداً بانتهاك معاهدة السلام الاسرائيلية المصرية الموقعة في عام 1979 برعاية أميركية”، وفق ما قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان.

وهدّدت القاهرة بمراجعة المعاهدة وهي الأولى بين إسرائيل ودولة عربية.

وهذا الأسبوع، دعا مسؤول مصري كبير مجدداً، إلى “الانسحاب الكامل للقوات الاسرائيلية من ممر فيلادلفيا ومعبر رفح الفلسطيني”، وهو المنفذ الوحيد أمام سكان غزة إلى الخارج الذي لم تكن إسرائيل تسيطر عليه حتى أيار الماضي.

تشكيك بنوايا نتنياهو
‎ولا تزال غالبية الخبراء والمطلعين في إسرائيل تشكك في نوايا نتنياهو، وتتهمه بالتخريب المقصود للصفقة، حتى يظل لهيب الحرب مشتعلاً، ويضمن بذلك البقاء في الحكم. وقال الجنرال في جيش الاحتياط، يتسحاق بريك، إنه بعد 6 لقاءات عقدها مع نتنياهو منذ بداية الحرب، بات على قناعة بأن الرجل لا يريد صفقة بتاتاً. وأضاف: “قبل 6 أشهر تحدثنا طويلاً عن محور فيلادلفيا، وكان واضحاً أنه يعرف القصة تماماً، ولكنه لا يعيرها أهمية. إنه يعرف أن الأنفاق بين سيناء المصرية وقطاع غزة قليلة جداً، ولا تشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل. وأن هناك حلولاً كثيرة أخرى وأفضل لمعالجة نقاط الضعف الأمنية، لكن نتنياهو لا يريد أياً منها”.

‎أما أولمرت فاعتبر أن نتنياهو لا يريد عودة المخطوفين، ولا وجود لأي احتمالية للتوصل إلى تفاهمات في المفاوضات التي تجري في الفترة الأخيرة، التي يتوقع أن تستمر في الأسبوع المقبل، وربما الأسابيع التالية. ورجح أن تستمر المفاوضات من دون تقييد في الوقت، أو أنها ستنفجر في مرحلة معينة وتنتهي بجولة أخرى من العمليات العسكرية في الجنوب، وربما في الشمال أيضاً، حيث تستمر المواجهات العنيفة. وفي نهاية المطاف يتعين عليها أن تتطور إلى حرب واسعة، بإطلاق صواريخ بعيدة المدى من “حزب الله”، وردّ إسرائيلي بحجم لم نشاهده بعد، والتدهور إلى حرب شاملة. هذا هو التطور الوحيد الذي يخدم سلم أولويات نتنياهو، ويبدو أنه احتياجات يحيى السنوار أيضاً.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة