عين الرمانة والشياح… في زمن حرب الاسناد: كأن خطوط التماس انمحت!

لا يبدو أن الخلاف بين “لا نريد الحرب” و”نؤيد المقاومة” تسلل إلى شارعي المنطقتين

على الرغم من كل الخطاب السياسي عالي النبرة بين الأحزاب الشيعية والأحزاب المسيحية، تشهد منطقة خط التماس الشهيرة عين الرمانة – الشياح، هدوءاً شديداً، مع أن اشكالات عدة حصلت بين المنطقتين، آخرها كان على دوار الطيونة وسقطت فيه ضحايا.

أكثر من ذلك، هناك عدد كبير من الطائفة الشيعية يسكن في عين الرمانة، لدرجة يمكن القول إن الخط لجهة طريق صيدا القديمة أصبحت غالبية سكانه من الشيعة.

سيدات عين الرمانة تجدهن في “سوق الجمال” يتسوقن، والشباب من الشياح يسهرون في مقاهي عين الرمانة ومطاعمها، كأن خطوط التماس انمحت.

ولا يبدو أن الخلاف بين “لا نريد الحرب” و”نؤيد المقاومة” تسلل إلى شارعي المنطقتين، فالعلاقات تبدو طبيعية بينهما، ولا خلافات تذكر.

رئيس مركز “القوات اللبنانية” في عين الرمانة ايلي قيصر يشير في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن الخطاب السياسي لا ينعكس سلباً على الأرض، مؤكداً أن “المشكلات التي كانت تحصل سببها من خارج منطقة عين الرمانة وليس من سكانها، وأكبر برهان على ذلك، عندما حصل إشكال الطيونة عناصر القوات أخلوا من يريد من السكان”.

ولا ينفي قيصر أن المشكل الأخير تسبب في بعض التشنج، لافتاً إلى أن الخلاف حول الحرب في الجنوب لم ينعكس على الأرض نهائياً، ولكن “يلاحظ أن ليس هناك توجه لدى الجنوبيين للنزوح إلى عين الرمانة، كأنهم يفضلون عدم السكن فيها، ولا نرى توجهاً منهم للاستئجار في منطقتنا، لا أعرف اذا كان ذلك بايعاز من القيادات الشيعية أو أنهم من تلقاء أنفسهم يخافون السكن بسبب المشكلات التي حصلت”.

أما من جهة الشياح، فيقول أحد فعالياتها لموقع “لبنان الكبير”: “لا مشكلة بين المسيحيين والشيعة، ولا حتى بين الأحزاب الشيعية والمسيحية على صعيد المناصرين والمتحزبين، بل على العكس المنطقة تشهد منذ انتهاء الحرب تعايشاً حقيقياً، وكل المشكلات التي حصلت كانت تبدأ فردية وتتوسع، وهذا طبيعي في بلد يعيش بمثل: أنا وخيي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب، لا سيما مع تغذية الخلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، ولكن كنا نشهد أن الأمور بعد هذه الاشكالات تعود الى طبيعتها في فترة قصيرة، وينسى الخلاف، بل لا تجد أن هناك عمليات ثأرية لتبعات هذه الخلافات التي كانت تحصل، وبالتالي ليست هناك كراهية وحقد بين المنطقتين”.

أحد المقاتلين القدامى في منطقة الشياح يقول لموقع “لبنان الكبير”: “على الرغم من أن المنطقتين تقاتلتا خلال الحرب الأهلية، ولكن كان أهاليهما يربون أصدقاء على خطوط التماس”.

ويضيف المقاتل القديم: “خلال الحرب ليس كل المقاتلين كانوا ملتزمين، وبعض التنظيمات كان يتخطى الحدود”. ويذكر إحدى الحوادث التي تقدم فيها القتال والسيطرة على موقع في عين الرمانة، مشيراً الى أنه عند وصوله ومجموعته إلى هذا الموقع وجد تصرفاً غريباً من بضعة شبان من تنظيم آخر، وسمعوهم يتحدثون عن نيتهم الاعتداء على سيدات، وذلك خلال حراستهم مدخل أحد المباني بصورة مريبة، فحاصرت مجموعته هؤلاء الشبان وجردتهم من سلاحهم، ونزلت إلى ملجأ المبنى فوجدت نساء وأطفال، ما دفع قائد المجموعة الى الاتصال بأحد أحزاب المنطقة (المعادية لتنظيمه) وأجلى الموجودين في الملجأ عبرهم إلى مكان آمن.

ويوضح المقاتل القديم أن هذه القصة من قصص عديدة حصلت خلال الحرب، ما منع الكراهية بين أهالي المنطقتين بعد انتهائها، لكنه يؤكد أنه على الرغم من عدم وجود كراهية، الا أن متحزبي المنطقتين سيكونون مستعدين لقتل بعضهم البعض إذا كانت هناك حرب، قائلاً: “للأسف هذا هو الواقع اللبناني، بحيث يسلم الناس أمرهم لزعيم ما وينفذون ما يأمرهم به حتى لو لم يقتنعوا بذلك”.

اذاً، خط التماس الشهير محاه الزمن، ولكن يمكن إعادة رسمه من جديد في حال قرر الزعماء اللبنانيون تكرار مآسي الماضي، ويبدو أن حادثة الطيونة زرعت بعض التشنج، ما حدا بالجنوبيين الى عدم اللجوء الى عين الرمانة ابّان النزوح من الاعتداءات الاسرائيلية.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة