هوكشتاين يؤسس للحل السياسي: الاختراق صعب .. لكنه ممكن!

مصادر مطلعة على اجواء المباحثات التي اجراها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين كشفت لـ”الجمهورية” انها شهدت عرضاً مفصّلا للتطورات التي تسارعت في الفترة الأخيرة. في ضوء ما قامت به اسرائيل من خطوات عدوانية خطيرة، على الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي في “حزب الله” فؤاد شكر، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في طهران.

واكدت المصادر ان هوكشتاين لم ينقل اي تهديدات او تحذيرات خلافا لما تردد عبر بعض القنوات والمحطات، بل كان النقاش معه هادئا وصريحا، عبّر خلاله عن مخاوف واضحة بأنّ احتمالات اشتعال الحرب تبقى قوية جدا، في غياب الحل السياسي الذي يوفّر الأمن والاستقرار في منطقة الحدود الجنوبية، ويؤمّن عودة سكان الجنوب اللبناني والمستوطنات الاسرائيلية الى بيوتهم بأمان.

واشارت المصادر الى أن الاساس من زيارة هوكشتاين في هذا التوقيت هو التأسيس المسبق على الاختراق المتوقع في مفاوضات الدوحة، وتحضير الاجواء للانتقال سريعا الى مفاوضات الحل السياسي على جبهة جنوب لبنان، وبالتالي فإن جوهر هذه الزيارة السريعة، ليس محاولة وقف اطلاق النار على الجبهة الجنوبية، فالوسيط الاميركي أكد استحالة الوصول الى هذا الامر قبل وقف اطلاق النار في غزة، بل محاولة ابقاء الوضع على جبهة الجنوب محصورا في نطاقه القابل للسيطرة، ومنع تفاقمه الى حدّ ينعكس بصورة سلبية على مفاوضات الدوحة.

ولفتت المصادر الى أنّ مقاربة هوكشتاين لصورة الوضع القائم عكست رغبة اميركية في احتواء او ضبط او منع ردّ “حزب الله” على اسرائيل، او ثني الحزب عن هذا الرد. حيث بدا متهيبا من احتمالات تصاعد التوتر في جنوب لبنان، وركز تكررا على الدعوة الى تجنّب القيام بأي عمل يؤدي الى تصعيد الموقف أكثر.

وقالت المصادر ان خلاصة زيارة هوكشتاين أنّه نقل رسالة واشنطن إلى كلّ الاطراف تتلخص بأنها لا ترغب في أن تتوسع دائرة الصراع او في أن تتورّط المنطقة في حرب واسعة. وأنّه لا ينبغي التصعيد من أي طرف كان. منبهة الى ان استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه من منازعات ومواجهات، نتيجته إدامة الصراع وحالة من عدم الاستقرار، واستمرار المعاناة. وفي هذا السبيل تعمل واشنطن بشكل مكثف مع كلّ الأطراف لوقف التوترات في المنطقة ومنع تدحرج المواجهات الى صراع اوسع واخطر. كما ان واشنطن تعوّل بصورة جدية على مفاوضات الدوحة، في أن تصل بالحرب في قطاع غزة إلى خط النهاية في أقرب وقت ممكن، وثمة مؤشرات تبعث على التفاؤل. وهذا من الاساس يشكل اولوية لدى الادارة الاميركية، ومن هنا كانت رسالة الرئيس بايدن قبل ايام قليلة بأنه آن الاوان لكي تتوقف الحرب والمعاناة.

وفي الرسالة الاميركية التي حملها هوكشتاين ايضا، تضيف المصادر، أن انهاء المواجهات في جنوب لبنان، نتيجة طبيعية للاتفاق على وقف اطلاق النار في قطاع غزة. والخطوة الفورية التي تلي هذا الاتفاق تتجلى في إطلاق مفاوضات الحل السياسي لمنطقة جنوب لبنان، الذي ترى فيه الولايات المتحدة مصلحة وضرورة لكل الاطراف.

اوساط نواب المعارضة الذين التقاهم هوكشتاين قالت ان أن لقاءاته اتسمت بالايجابية وكلامه متفائل لجهة نجاح وقف اطلاق النار في غزة، وهو ما سينسحب وقفا لاطلاق النار في جنوب لبنان، واطلاقا لمفاوضات جدية للمرحلة المقبلة. وان المعارضة اكدت ضرورة الالتزام بالقرار 1701، ورفض ادخال لبنان في حرب لا مصلحة له فيها”.

مفاوضات الدوحة

المناخ السابق للمفاوضات المقرّر عقدها في الدوحة اليوم حول غزة ملبد، ومشوب بتشكيك حتى من داخل اسرائيل بنوايا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في انجاح هذه المفاوضات، ما يقلل من احتمال انهاء الحرب الذي تدفع اليه الادارة الاميركية على أساس مبادرة الرئيس بايدن.

الاختراق صعب .. لكنه ممكن

وعلى الرغم من ضعف احتمال التوصل الى اتفاق، اكدت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية” ان واشنطن ارسلت اشارات متتالية تؤكد فيها انّ نجاح مفاوضات في التوصل الى اتفاق احتمالٌ قائم اكثر من اي وقت مضى. وانها ستبذل اقصى طاقتها في هذا الاتجاه، كما في اتجاه تفادي حرب واسعة ومدمرة في المنطقة.

وعلى ما يقول مطلعون على الموقف الاميركي لـ”الجمهورية” فإنّ المقاربة الاميركية لمفاوضات الدوحة تتسم بحزم أكبر، ودفع قوي الى اتفاق على صفقة تبادل للاسرى وانهاء الحرب، لخصته الرسالة الاميركية الى اسرائيل كما لسائر الاطراف بأن الوقت حان لإنهاء الحرب. ولفت هؤلاء الى ان اولوية واشنطن في هذه المرحلة هي الانصراف الكلي الى انتخاباتها الرئاسية، وليس الانخراط او التورط في حرب لا تريدها اصلا. ومن هنا في مواجهة أيّ مماطلة، خصوصا من قبل نتنياهو، سيضغط الاميركيون الى الحد الاقصى لبلوغ الاتفاق. وامام هذا المشهد، فإن باب المفاوضات مفتوح على المفاجآت الايجابية.

عقبتان!

وإذا كانت الشروط الجديدة لنتياهو تشكل عقبة في وجه المفاوضات، إلّا أن ثمة عقبة ثانية تلوح في أفق المفاوضات، وتتمثل في احتمال عدم مشاركة حركة “حماس”. وحول هذا الامر علمت “الجمهورية” من مصادر موثوقة أن الايام الاخيرة شهدت حركة اتصالات عربية وغربية ناشطة في اتجاهات مختلفة، وتركزت في اتجاه الدوحة، وطهران، واطراف سياسية في لبنان، وهدفها الاساس تليين موقف “حماس” واقناعها بالمشاركة في مفاوضات 15 آب. ذلك أن غيابها يظهرها طرفا ممانعا للمفاوضات، قد يستغله نتنياهو ويحوله الى فرصة جديدة للماطلة أكثر فاكثر”.

الجمهورية

مقالات ذات صلة