هوكشتين في بيروت في مهمة لمنع الردود و إعطاء فرصة “للدوحة”!

بين العام 2006 والعام 2024 وفي نفس اليوم والشهر أي 14 تموز وبعد مرور 18 عاماً تتجدد مشاهد الصولات والجولات الديبلوماسية المكوكية من أجل إنقاذ لبنان من حرب إسرائيلية مدمرة قد حصلت ونفير حرب أخرى بدأت منذ عشرة أشهر وقد تتطور إلى اندلاع حرب شاملة، على وقع التهديدات الإيرانية والإسرائيلية وتهديدات حزب الله ومحور المساندة لغزة بالرد والرد المقابل.

وتزامناً مع هذا التاريخ حطّ الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين في بيروت التي غاب عنها منذ حزيران الماضي كما ستكون جولة لوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في المنطقة في نفس الوقت، وذلك لاستكمال الجهود الأميركية الساعية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والذي ستعقد مفاوضات بشأنه في قطر نهار الخميس قد تحمل معها في حال نجحت مصير غزة ولبنان والمنطقة وتبعد شبح الحرب الشاملة.

وأشارت مصادر ديبلوماسية غربية لموقع “هنا لبنان” أنّ الإدارة الأميركية وعبر زيارة وزير خارجيتها والموفد الرئاسي آموس هوكشتاين إلى المنطقة تبذل أقصى الجهود وتضغط ديبلوماسياً بالتشارك مع بعض الدول الأوروبية والعربية لتجنيب المنطقة ويلات الحرب، ولتراجع حدة المواجهات وخفض حدة التوتر بين إسرائيل وحماس في غزة وإسرائيل وحزب الله في لبنان. ولفتت المصادر إلى أنّ الموفدين يعملون على خطين متوازيين بين لبنان وإسرائيل وإيران وإسرائيل ولو سراً من أجل توحيد المواقف لإنجاز تسوية دولية لا تخلو من الصعوبات في ظل هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، واعتبرت المصادر أنّ أفكار التسوية وبنودها تتبلور شيئاً فشيئاً وعلى جميع الأطراف التحلي بالمسؤولية والجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل شامل في ظل إعلان معظم دول المنطقة بأنّ الحلول الديبلوماسية هي الطريق الأفضل بدل اندلاع الحرب التي قد تجر الويلات، والطرح الأميركي القطري المصري حول وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن يشكل المدماك لهذا الحل. وبحسب المصادر فإنّ هوكشتاين يشدد على موقف الولايات المتحدة الداعي إلى عدم توسيع الحرب بين إسرائيل وحزب الله. وهو ما أكده الموفد الأميركي أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي آملاً التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وانعكاسه على لبنان من أجل تنفيذ القرار 1701.

في اليرزة وخلال اللقاء مع قائد الجيش العماد جوزيف عون بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون تناول البحث الأوضاع في لبنان والمنطقة والتطورات على الحدود الجنوبية. وبحسب مصادر مطلعة على أجواء اللقاء فإنّ الحديث تمحور حول قدرات الجيش اللبناني وجهوزيته في حال تم التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والذي سينعكس على لبنان، إضافة إلى دور الجيش في المرحلة المقبلة لجهة زيادة عديده وعتاده ومسؤولياته لتنفيذ القرار 1701 بمندرجاته كافة لأنه ضمانة الإستقرار في الجنوب، وفي حال نجحت المساعي والإتصالات في التوصل إلى حل يساهم في وقف وتيرة التصعيد ويعيد أهالي الجنوب إلى قراهم وسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم كما أكد هوكشتاين.

مواقف هوكشتاين المكلف من الرئيس الأميركي لا تزال على حالها كما في زياراته السابقة ولم يحمل لقاؤه برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي إستمر قرابة الساعة أي مبادرة أو أفكاراً جديدة للحل سوى أنه حذر من نفاذ الوقت وأنّ الصراع بين حزب الله وإسرائيل طال أمده، ودعوته للتوصل إلى حل ديبلوماسي في أسرع وقت لأنّ هناك حاجة ملحة لخفض التصعيد على طول الخط الأزرق. فسمع من الرئيس بري ما سمعه في جولاته السابقة مع قلق شديد من الخطوات التصعيدية التي تقوم بها إسرائيل من خلال سياسة الإغتيالات والمجازر اليومية بحق المدنيين في لبنان وغزة واضعاً الكرة في ملعب إسرائيل الساعية دوماً إلى إفشال الحلول الديبلوماسية.

مصادر مقربة من عين التينة أكدت لموقع “هنا لبنان” أنّ أجواء عين التينة ليست سلبية وأنّ مهمة هوكشتاين في بيروت هي مهمة ضبط الوضع بعيداً عن التوترات وإعطاء فرصة لاجتماعات الدوحة من أجل تحقيق وقف إطلاق النار من دون ردود فعل من قبل إيران وحزب الله مما سينعكس إيجاباً على لبنان، وأشارت إلى أنه تحدث مع الرئيس بري عن تنفيذ القرار 1701 على مراحل من دون التطرق إلى ماهية هذه المراحل وكيفية تنفيذها بعد توقف إطلاق النار، كما شدد على ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية من أجل متابعة شؤون البلاد في حال حصول تسوية تمكن لبنان من تحقيق استقراره وأمنه وإعادة إعماره.

فهل سيقبل حزب الله بذلك وينتظر من دون رد إفساحاً في المجال أمام إجتماعات الدوحة؟

مصادر مقربة من الحزب إعتبرت أن لا ثقة بكل الطروحات الأميركية وأنّ الأميركيين لا يمارسون ضغوطاً كافية على إسرائيل من أجل تحقيق وقف إطلاق النار ، مشيرة إلى أنّ الحزب لا يمانع التوصل إلى وقف إطلاق النار لأنه من الأهداف الإستراتيجية لجبهة الإسناد، لكن زيارة هوكشتاين وكل ما يجري يهدف إلى تأخير الردود من قبل حزب الله وإيران ليس إلا.

أما وفد المعارضة النيابي فقد أبلغ الموفد الأميركي بأنّ قوى المعارضة ضد جر لبنان إلى حرب أوسع وأنّ قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة التي من شأنها نشر الجيش اللبناني على الحدود وتنفيذ القرار 1701 بكامل مندرجاته. وبعد اجتماع تقييمي للقاء هوكشتاين عبر تقنية “زووم”، أكد عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ لموقع “هنا لبنان” أنّ لقاء هوكشتاين مع وفد من نواب المعارضة يؤكد الإنفتاح الأميركي المباشر على المعارضة في لبنان وأخذ مواقفها وتطلعاتها ورؤيتها بعين الإعتبار، مشيراً إلى أنّ اللقاء بتوقيته الحساس وبمضمونه يؤكد أنّ موقف المعارضة له تأثير في قرارات الحسم وهو رسالة ديبلوماسية وسياسية مهمة بأنّ لبنان ليس متروكاً ولا تسيطر عليه فئة واحدة من اللبنانيين، وأنّ الخيارات مفتوحة على أكثر من اتجاه لا سيما ما يتعلق بإنتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ القرار 1701 وإتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بلبنان في ظل وجود المنطقة على شفير تسوية كبرى من شأنها إحداث تغييرات جمة.

مهمة هوكشتاين هذه أتت لتأخير الرد الإيراني ورد حزب الله إفساحاً في المجال لمفاوضات الدوحة وقد تكون الأخيرة له قبل الإنتخابات الأميركية، آملاً بأن تتكلل بوقف لإطلاق النار في غزة قد توسع مهامه لتحقيق إنجاز آخر بعد وقف الحرب جنوباً عبر مساهمته في الإتصالات الآيلة إلى تنفيذ القرار 1701 بكامله وترسيم الحدود البرية على غرار ما جرى معه خلال ملف ترسيم الحدود البحرية.

 شهير إدريس – هنا لبنان

مقالات ذات صلة