اسم استثنائي في المشهد السياسي الايراني: لماذا استقال ظريف؟
أشعر بالخجل لأنني لم أتمكن من تحقيق التقييمات الفنية للجان (الاستشارية) وتمثيل النساء والشباب والأقليات بالشكل الذي وعدت به… أعتذر أمام الشعب الكبير في إيران عن عدم قدرتي على متابعة الأمور في دهاليز السياسة الداخلية. فما هي الظروف التي دفعت نائب الرّئيس الايراني للشّؤون الاستراتيجيّة محمد جواد ظريف إلى الاستقالة من منصبه الرئاسي؟
بكلمات احتجاجية ليست كالكلمات الترويجية التي استخدمها القيادي الايراني محمد جواد ظريف خلال الحملة الانتخابية للرئيس الاصلاحي المنتخب مسعود بزشكيان، بحيث بذل ما أمكنه من طاقات سياسية وسخّر ما ملكت يمينه من خبرات تراكمت لديه إبان توليه أكثر من منصب سياسي وديبلوماسي في فترة سابقة.
ففي مطلع شهر آب الجاري عيَّن بزشكيان وزير الخارجية السابق ظريف نائباً له للشؤون الاستراتيجية كما أوكل إليه مسؤولية مركز البحوث الاستراتيجية الرئاسية، إلا أنه لم يمضِ على تعيينه أكثر من 10 أيام حتى أعلن في بيان مطول عبر منصة “اكس” عن استقالته من منصبه الرئاسي لينطلق على الأثر سيلٌ من التحليلات السياسية التي ربطتها بأبعاد متعددة منها فشله في عقد صفقة مع الأميركيين تتعلق بالعقوبات الاقتصادية، في مقابل عدم الرد الايراني على إسرائيل على خلفية اغتيال زعيم حركة “حماس” اسماعيل هنية في طهران.
تعددت الظروف السياسية والنتيجة واحدة، استقال ظريف وخرج من المشهد السياسي الايراني الذي لم تكتمل ملامح إدارته الجديدة بعد. في هذا السياق، يقول الباحث اللبناني والمتخصص في الشؤون الايرانية الدكتور خالد الحاج لـ “لبنان الكبير”: “مما لا شك فيه أن استقالة ظريف محطة يجب التوقف عندها مطولاً على اعتباره ملقباً بالصياد لما لديه من قدرة فريدة على رؤية الأمور إقليمياً ودولياً تحسب له دائماً. في الشكل قدم استقالته تحت عنوان وجوب تشكيل الحكومة الرئاسية من الاصلاحيين والشباب والنساء. أما في المضمون فمن المؤكد أن إيران في وضع استثنائي خصوصاً أمام تجرؤ الكيان الصهيوني على استهداف هنية داخل أراضيها وهو ما نقل الصراع في المنطقة إلى تحدٍ كبير جداً، كذلك احتمال وصول (دونالد) ترامب الى الحكم ما يعني أن إيران ستعاني على الصعيد الاقتصادي مضافاً إليه الضغط الذي ستمارسه إسرائيل على الولايات المتحدة في ما يتعلق بالأنشطة النووية والصواريخ الباليستية التي ستحضر قريباً على طاولة المفاوضات، وعليه أمام حكومة بزشكيان تحديات كبيرة وستعاني كثيراً إذ إن من الصعوبة أن تنال الرضى الشعبي ولن تكون الحكومة الشعبية وستواجه أزمات اقتصادية عديدة”.
ويضيف الحاج: “محمد جواد ظريف الطامح الى أن يصبح رئيساً للجمهورية واسمه مطروح دائماً وهو من الشخصيات المنافِسة، نأى بنفسه عن هذه الحكومة ليخرج في هذه المرحلة بكفين نظيفين ما يعني أنه لا يتحمل مسؤولية ما ستحمله من مشكلات تضعها في مواجهة مع الشارع”.
في المقابل، يعتبر الباحث المصري والمتخصص في الشؤون الايرانية أحمد فاروق لـ “لبنان الكبير” أن “للاستقالة أبعاداً داخلية بحتة وستؤثر إلى حد ما على الحكومة ككل من حيث رأس المال المجتمعي. تأتي الاستقالة بسبب استغلال الطرف المرفوض من الشعب بحسب توصيف ظريف، لتعيينه في منصبه للضغط على الحكومة، وهو كان قد أشار إلى قانون عدم توظيف مسؤولين في أماكن حساسة ممن لهم أبناء يحملون جنسيات أجنبية”.
تجدر الاشارة إلى أن ظريف يحمل وعائلته الجنسية الأميركية، مؤكداً أنه لا يملك أي عقارات في الولايات المتحدة.
بين الاستقالة على خلفية جنوح الحكومة نحو التيار المحافظ على هيئة الخضوع لسلطة مرشد الجمهورية علي خامنئي، وعدم تحقيقها لتطلعاته الاصلاحية أو لأسباب أخرى خافية، يبقى محمد جواد ظريف اسماً استثنائياً في المشهد السياسي الايراني بانتظار دورٍ ما يلعبه في القادم من العروض الايرانية.
لبنان الكبير