هل تنجح روسيا في ثني إيران عن الرد مقابل “إس 400″…وتجنّب المنطقة ويلات الحرب؟

نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مسؤولين إيرانيين، قولهم إن طهران طلبت من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة، وإن الأخيرة بدأت في تسليمها رادارات ومعدات دفاع جوي متقدمة. تزامن ذلك مع الزيارة التي قام بها الاثنين الماضي وفد روسي برئاسة أمين مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، الى إيران، حيث التقى الرئيس مسعود بزشكيان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي أكبر أحمديان، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية محمد باقري، وبحث الوفد في مجالات التعاون والوضع الأمني في الشرق الأوسط.

يأتي ذلك فيما يترقب العالم هجوماً محتملاً للجمهورية الاسلامية على إسرائيل رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، ما يثير تساؤلات حول موقف موسكو ومصلحتها من أي تصعيد محتمل. فهل دخلت موسكو فعلاً على خط إحتواء التصعيد في الشرق الأوسط الى جانب الجهود التي تبذلها واشنطن في هذا السياق، على الرغم من العداء والتهديدات المتبادلة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا؟

في ما يتعلق بطلب إيران أنظمة دفاع جوي من موسكو، يرى المحللون أن هذا يندرج تحت التعاملات العسكرية وعملية الشراء والبيع، أي “الاقتصاد العسكري”، بحيث من المعروف أن روسيا تزود عدداً من الدول بالصواريخ والأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي، وبالتالي فإن طهران تستفيد بالفعل من أنظمة الدفاع الجوي الروسية “إس 300″، كما قدمت إيران دعماً عسكرياً لروسيا في حرب أوكرانيا (في شكل طائرات مسيرة إيرانية). لكن موسكو رفضت مراراً وتكراراً الطلب الايراني بالحصول على أنظمة “إس 400” الأكثر تطوراً، ويرجع المتابعون سبب ذلك إلى أن موسكو لا تزال ترفض “إزعاج” إسرائيل كثيراً، خصوصاً أن لا سبب لذلك، ومعروف أن الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يتمتعان بعلاقة جيدة.

إلا أن موسكو ربما تكون مهتمة بمواجهة الولايات المتحدة عبر إيران، ونتيجة لذلك، قد يكون هناك اتفاق تساعد فيه طهران بموارد عسكرية، على ضرب القواعد الأميركية في سوريا والعراق، من دون الانضمام إلى أي هجمات على إسرائيل، لعلمها أنها لا تملك تغيير قواعد اللعبة منفردة في المنطقة، كما أنها غير مهتمة بالدخول في حرب مع إيران ضد إسرائيل، الأمر الذي يجعلها من خلال مقاربتها “البراغماتية” لسبل دعم طهران لا تنزلق إلى صدام مباشر غير محسوب العواقب مع الغرب.

ورأت مصادر متابعة أن زيارة الوفد الروسي واللقاءات التي أجراها تركزت بصورة أساسية على تطورات الوضع الاقليمي والدولي الحالي، مع حاجة موسكو إلى استطلاع مواقف القيادة الايرانية، واحتمالات القيام بضربة عسكرية ضد إسرائيل من شأنها أن تؤجج التصعيد في المنطقة عموماً. من هنا، فإن موسكو مهتمة بمعرفة حجم الرد الايراني المحتمل، وتنسيق المواقف مع طهران حول التطورات التي قد تطرأ في المستقبل القريب، مع تحديد آليات مشتركة للتحرك لمنع أي تصعيد من التأثير على الملفات الرئيسة التي تهم الطرفين وبينها الوضع في سوريا ومحيطها، بحيث أن شويغو لم يخرج عن الخط السياسي الذي رسمه الرئيس بوتين تجاه هذه المسألة، والذي تحدد بالتحذير من اقتراب المنطقة من تصعيد خطر.

كما كشفت المصادر أن شويغو حاول إقناع الايرانيين بأن أي رد في الفترة الحالية سيكون انتهاكاً للقانون الدولي، ويجب ألا يكون على أساس تكهنات لم يتم إثباتها، مطالباً باستكمال التحقيقات، لتحديد سبل الرد وكيفيته سواء عسكرياً أو استخباراتياً، حتى لا تسقط قواعد الاشتباك المعروفة بين الشرق والغرب وكي لا تدخل المنطقة ضمن حرب ورد بلا قواعد.

بناءً على ذلك، لا تستبعد المصادر قيام روسيا بدور محوري في ضبط مجريات تطور الأحداث سواء بوضع قواعد اشتباك تمنع تطور الرد الايراني وما سيعقبه من رد إسرائيلي إلى حرب شاملة وموسعة، كما أن ليس هناك ما يمنع قيام روسيا من لعب دور الوسيط الساعي إلى الحل عبر تحديد ثمن سياسي يغني عن الرد ويجنّب المنطقة ويلات الحرب، ويكون ذلك الثمن حصول ايران من روسيا على ما تطالبها به من سلاح نوعي، وتحديداً أنظمة “إس 400”.

زياد سامي عيتاني- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة