هل يخاف جنبلاط على الطائفة: إلى أي مدى يتلاقى مع الحزب… وهل أفاد فتح الجبهة الجنوبية غزة أم أضرّ بلبنان؟؟
كيف "الردّ" على مَن يقول إن حزب الله فتح الجبهة تعزيزاً لأوراق إيران التفاوضية وليس دفاعاً عن لبنان؟
لا شك أن مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الأخيرة من حزب الله وجبهة الجنوب وحادثة مجدل شمس لقيت استحسان وتنويه الثنائي الشيعي، وقد بلغ التطور في هذه المواقف حد قيام جنبلاط بزيارة إلى الضاحية الجنوبية لتقديم التعازي برئيس أركان الحزب القائد الجهادي فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل في قلب حارة حريك وصولاً إلى تقديم التعازي برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية انطلاقاً من اعتبار سيّد المختارة الذي قاد الحركة الوطنية قبل عقود أن والده «كمال جنبلاط رسم لنا طريق فلسطين ونحن سائرون عليها».
والواقع أن جنبلاط تدرّج في مواقفه قبل بلوغ هذه المرحلة. فهو بعد فتح «جبهة الإسناد» في الجنوب، ناشد حزب الله عدم توريط لبنان في الحرب، وقال إنه «لا يحبذ الحرب ويتمنى ألا نُستدرج إلى الحرب لأن عندها لن يبقى شيء من لبنان». لكنه اليوم بات يعتبر أن حزب الله يقوم بواجبه بالدفاع عن لبنان خلافاً لرأي قوى المعارضة التي سبق أن تقاطعت مع الحزب التقدمي الاشتراكي أكثر من مرة في خياراتها السياسية والسيادية ولاسيما في رفض التصويت لمرشح الثنائي الشيعي الوزير السابق سليمان فرنجية والتي تبرّر لجنبلاط مواقفه المستجدة بحرصه على الجبل وحماية وتحييد الطائفة الدرزية.
وقد لعب جنبلاط دوراً كبيراً في قطع الطريق على فتنة شيعية درزية محتملة بعد حادثة الصاروخ المريب في مجدل شمس التي أودت بحياة 12 شخصا والتي استغلتها تل أبيب لتأجيج المشاعر وتأليب الموحدين الدروز ضد حزب الله. ووصف جنبلاط الادعاءات الإسرائيلية بوقوف حزب الله وراء إطلاق الصاروخ بأنها «كذب وافتراء». أكثر من ذلك، نُقل عن الزعيم الدرزي قوله للمحازبين الذين قد يتأففون من مواقفه المستجدة تجاه حزب الله «من لا يعجبه موقفي ليقدم استقالته من الحزب». ففي قناعة جنبلاط أنه لا يجوز الانشغال بأي اشتباك داخلي فيما جبهة الجنوب مشتعلة. وما مواقفه من غزة وفلسطين سوى امتداد لإرث والده وللمختارة في دعم القضية الفلسطينية.
وقد حملت «القدس العربي» عدداً من التساؤلات التي تُطرَح حول حركة الزعيم الدرزي إلى أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، سائلة عن سبب تطور موقف الرئيس السابق للحزب من دعوة حزب الله إلى عدم توريط لبنان في الحزب إلى دعمه واعتباره يدافع عن لبنان، فقال: «الحرب وقعت في 8 تشرين الأول بعد فتح حزب الله للجبهة، وموقف وليد جنبلاط كان واضحاً بدعوته الحزب لعدم توسعة الحرب، والحزب استمر ملتزماً بقواعد الاشتباك كما هو معلوم وبضوابط دقيقة وموقفنا إلى الآن لم يتبدل. أما اعتبار الحزب انه يدافع على لبنان، فالعداء مع إسرائيل ليس وليد لحظة 8 تشرين، خصوصاً أن عدوانها على لبنان لم يتوقف منذ 1948. وبالتالي موقفنا ثابت إلى جانب الجنوبيين في مقاومتهم إسرائيل وهذا الأمر ليس بجديد، الجنوبيون قاوموا إسرائيل قبل حزب الله من خلال الحركة الوطنية اللبنانية وجبهة المقاومة الوطنية وسيقاومون بعد حزب الله طالما إسرائيل مستمرة باحتلالها وعدوانيتها».
وإذا كان الموقف الجنبلاطي نابعاً من خوف على الطائفة ومن رغبة في تحييدها، يجيب ناصر «الموقف الجنبلاطي نابع من التزام تاريخي، والخوف هو على لبنان لأن إسرائيل عدوة لكل لبنان وليس لفئة منه فقط. والطائفة الدرزية والحزب التقدمي الاشتراكي بهذا الموقف اليوم إنما يعبّران عن الهوية والانتماء الواضحين».
وكيف تردون على مَن يقول إن حزب الله فتح الجبهة تعزيزاً لأوراق إيران التفاوضية وليس دفاعاً عن لبنان؟ في رأي القيادي الاشتراكي «لا أحد ينفي علاقة حزب الله بإيران حتى هو نفسه، وسياسياً لا يمكن تجاهل تأثير أي دولة إقليمية قوية سواء إيران أو غيرها، ولكن لا يمكن اعتبار من استشهد على أرض الجنوب بمواجهة إسرائيل وكأنه استشهد على أرض بلد آخر أو لمصلحة بلد آخر. هل نتجاهل صراعنا كبلد مع إسرائيل ونحيله على أنه فقط صراع بين إيران وإسرائيل على أرضنا؟ ألم تعتد إسرائيل على لبنان قبل قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقاومها اللبنانيون من مختلف المناطق والاتجاهات والأحزاب؟ وقد استمر هذا الواقع مع حزب الله ولن يتوقف بعده لأن المشكلة إسرائيل وليس من يقاومها لأن هذا حق وواجب».
وهل أفاد فتح الجبهة الجنوبية غزة أم أضرّ بلبنان وقراه الجنوبية؟ «لا توجد حرب بلا أثمان، طوفان الأقصى وما تلاه بحد ذاته رغم الأثمان الكبيرة أعاد إحياء القضية الفلسطينية، ولا يبدو بكل الأحوال أن ما قبل الطوفان سيكون كما بعده».
وإلى أين يمكن أن يصل الانفتاح بينكم وبين حزب الله ولاسيما بعد زيارة التعزية في الضاحية الجنوبية وتطويق فتنة مجدل شمس؟ يعتبر ناصر «أن الواقع الداخلي اللبناني معقد جداً، ولا يعني أبداً ان التلاقي في الموضوع الفلسطيني أو دعم أهل الجنوب في مواجهتهم، لا يعني ذلك على الإطلاق أن هذا سيؤدي إلى تطابق في المواضيع الداخلية، والدليل على ذلك موضوع رئاسة الجمهورية مثلاً حيث موقفنا واضح لجهة ضرورة التفاهم بين مختلف الأطراف على خيار لا يكون طرفاً».
وإلى أي مدى تأثرت علاقة الحزب الاشتراكي بقوى المعارضة وخصوصاً القوات اللبنانية؟ يجيب «لا أعرف من هي القوى المعارضة وغير المعارضة ومعارضة ماذا، موقفنا بالموضوع الفلسطيني هو موضوع اختلاف مع العديد من القوى السياسية، نظرتنا ومقاربتنا لموضوع جنوب لبنان هو موضوع اختلاف أيضاً منذ زمن. علينا جميعاً أن نحترم خيارات ومواقف بعضنا البعض، فلا أحد يملك حصرية مفهوم الدولة ولا السيادة ولا غيرها من العناوين الأساسية، ويبقى أن كل ذلك لا يعالج بين اللبنانيين إلا بالحوار، لأن كل طرف له الحق في أن تكون له نظرته للبنان».
تجدر الإشارة إلى زخم كبير يضعه الزعيم الدرزي وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى مع أبناء الجبل للتعبير عن التضامن الجنوبيين من خلال الدعوات إلى فتح بيوت الجبل أمام النازحين من القرى الحدودية أو من الضاحية ومراعاة أوضاعهم المادية لدى تأجير بيوتهم على الرغم من بعض الإشكالات الفردية التي تُسجّل في قرية من هنا أو هناك وعدم سهولة تسويق الانفتاح على بيئة حزب الله لدى بعض شرائح الطائفة الدرزية التي ما زالت تتذكّر حوادث 11 أيار 2008 عندما هاجم الحزب منطقة الجبل.
سعد الياس – القدس العربي