الغموض يزداد: حسابات الحرب الشاملة أم مقايضات اللحظة الأخيرة؟
يبدأ اليوم الشهر الـ11 من “حرب المشاغلة” بين “حزب الله” وإسرائيل في جنوب لبنان وشمال إسرائيل المتواصلة حتى إشعار آخر جغرافياً وميدانياً وحربياً ما لم تندلع حرب واسعة صارت هاجساً محيراً وغامضاً ومخيفاً في الوقت نفسه منذ بدأ العد العكسي للردّ المحتمل لكل من إيران و”حزب الله” وأذرع “المحور الممانع” على إسرائيل سواء بطريقة منسقة ومتزامنة دفعة واحدة أم “بالتناوب” والتفرّد طرفاً وراء طرف.
وإذ تمر اليوم عشرة أيام على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران والقائد الميداني العسكري الأول في “حزب الله” فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، يجد لبنان نفسه أمام تعاظم الغموض حيال كل يوم يمر وسط نفير الاستنفار الحربي والتهديدات المفتوحة بين إسرائيل وكل من إيران وحلفائها في المنطقة بدءاً بـ”حزب الله”، فيما أن طيّ الشهر العاشر من “حرب المشاغلة” في الجنوب التي أطلقها “حزب الله” في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي مرّ بصمت مطبق ولم يثر أي تفاعلات رسمية أو سياسية حيال تراكم الأحلاف الباهظة البشرية والمادية والعمرانية ناهيك عن واقع تهجير أكثر من مئة الف جنوبي من منازلهم المدمرة، الأمر الذي يفاقم إلى درجة عالية جداً المخاوف من الحرب المحتملة وما ستستتبعه من تداعيات خطيرة على الداخل اللبناني في ظل انهيار القدرات الذاتية اللبنانية على مواجهة أخطار حرب واسعة.
وفيما يزداد الغموض والتضارب الحاد في التقديرات والمعطيات المتصلة بردّ ايران و”حزب الله” على إسرائيل، أدرجت مصادر ديبلوماسية بارزة لـ”النهار” ثلاثة أسباب يجري تداولها لـ”لتأخير” المحتمل وما يستتبعه من ردّ إسرائيلي تبعاً لحجم وطبيعة الرد وهي:
أولاً، إن تعقيدات عسكرية كبيرة تواجه رداً منسقاً هذه المرة من أطراف “محور الممانعة” بما يملي عدم الاستعجال لئلا يخفق الرد في إيلام إسرائيل “بقوة” كما توعدت طهران و”حزب الله” ويدفع الدولة حكومة نتنياهو إلى الاندفاع أكثر نحو ضربات وهجمات قاصمة ضد “المحور” .
ثانياً، إن الفترة الماضية منذ اغتيال هنية وشكر تشهد مرحلة استنفار ديبلوماسي غير مسبوق بين المعسكر الغربي كله وإيران سواء عبر مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة تطرح معها مقايضات لا تجد معها إيران ضيراً في إطالة هذه الفترة ما دامت تعود عليها بفتح أبواب المقايضات والصفقات المحتملة مع الدول الغربية، حتى لو حققت خطوات جزئية راهناً.
ثالثاً، إن إسرائيل أبلغت إلى الدول المعنية كافة أنها باتت أقرب إلى شنّ حرب استباقية على إيران و”حزب الله” بما يعني انها جاهزة لحرب شمولية على جبهات عدة مفتوحة، وتزامن ذلك مع حركة تعزيزات ضخمة للقطع البحرية الأميركية في المنطقة، بما ضاعف الضغوط الديبلوماسية لاطالة فترة المفاوضات والوساطات علها تنجح في خفض أخطار حرب شاملة.
ووجّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمس رسالة تهديد جديدة، فتوجه إلى اللبنانيين بالقول: “من يلعب بالنار يبشر بالدمار”. وأضاف: “إذا استمرّ “حزب الله” في عدوانه فسنحاربه بشكل شديد للغاية”.
النهار