الحريري صارع وحيداً… في الحادث الأسوأ في تاريخ لبنان!

الحادث الأسوأ في تاريخ لبنان، مرّت عليه 4 سنوات ولا تزال جراح أهالي الضحايا تنزف فيما العدالة غائبة، من دون أن يتحقق أي نوع من أنواع المساءلة القانونية أو المحاسبة. ولم يكن تعقد قضية تفجير مرفأ بيروت والتشابك في تفاصيلها عائقاً أمام سعي الضحايا الذين ظلوا على قيد الحياة إلى استرداد حقوقهم المشروعة، فهم ينتظرون من وطنهم الذي ظُلموا فيه أن يقدم لهم العدالة التي تضمد جراحهم وتُريح قلوبهم الحزينة.

في أعقاب الكارثة المروعة التي فجّرت مرفأ بيروت، شهد المشهد السياسي والاعلامي انفجاراً من الاتهامات والتوجيهات المتشابكة، في محاولة يائسة لإضفاء المزيد من التعقيد على الأزمة وإبعادها عن مسار الحقيقة والعدالة. ومع ذلك، كان الرئيس سعد الحريري أول من وصل إلى موقع الكارثة، ملتاعاً على ما أصاب العاصمة بيروت الأحب الى قلبه والتي كانت الأجمل في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

لم ينخرط الرئيس الحريري في أي محاولات لتوجيه الاتهامات المسبقة، بل على العكس، شدد على ضرورة إجراء تحقيق دولي عادل قادر على كشف الحقيقة الكاملة وإنارة الغموض الذي يلف هذه النكبة التي ألمت بالمرفأ، وإنصاف أهالي الضحايا بضمان أن دماء أعزائهم لن تذهب هدراً.

ولخطورة هذه القضية التي تتعلق بمسؤولين كبار وصغار على حد سواء، فإن رفع الحصانات عن جميع المعنيين، بمن فيهم السياسيون، يُعد شرطاً أساسياً لإجراء تحقيق عادل ونزيه، وهذا ما أعلن عنه الرئيس الحريري في حينه، في مؤتمر صحافي عقده في “بيت الوسط”، مشيراً الى أن كتلة “المستقبل” النيابية قدمت اقتراحاً لتوقيع عريضة تدعو إلى تعليق الحصانات الدستورية والقانونية التي تحمي الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة وسائر الموظفين، وذلك بهدف إتاحة الفرصة للمحقق العدلي لاستدعاء جميع من لهم صلة بانفجار مرفأ بيروت والتحقيق معهم. ومع ذلك، لقي هذا الموضوع معارضة كبيرة من الأطراف الأخرى التي خشيت من القدرة على إظهار العدالة.

هذه القضية الكبيرة تسير وفقاً للقوانين والدستور، وهي أمام 3 محاكم: المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المجلس العدلي ومحكمة التمييز الخاصة بالقضاة. ومن هذا المنطلق عارض الرئيس الحريري أن تضيع هذه القضية بين المحاكم الثلاث من دون محكمة واحدة تبت في أمر قضية المرفأ وقادرة على ايصال الحقيقة، وهذا أيضاً لم يلقَ تجاوباً من بقية الأطراف.

من جهة أخرى، عندما رأى الرئيس الحريري أن الاتهامات تستهدف أماكن محددة فقط بهدف الإضرار بمنصب معين وهو رئاسة الحكومة التي كان يتولاها آنذاك الرئيس حسان دياب، أكد أن المسؤولية الحقيقية تقع على من هم محصنون ومتستّرون خلف غطائهم السياسي. لذلك، عارض مع رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة قرار المحقق العدلي طارق البيطار بإصدار ورقة استدعاء بحق الرئيس دياب.

كان هدف الرئيس الحريري من معارضة هذا القرار التصدي لمحاولة التفرد بالاتهامات ضد منصب رئاسة الحكومة، لا سيما أن رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون اعترف سابقاً بعلمه بوجود كميات من المواد القابلة للاشتعال في مرفأ بيروت قبل خمسة عشر يوماً من الانفجار. وبصفته كان قائداً للجيش، كان يعلم أن القوانين تحظر إدخال أي كمية من هذه المواد إلى الأراضي اللبنانية من دون الحصول على إذن مسبق من رئيس مجلس الوزراء، وذلك بعد موافقة الجهات العسكرية والأمنية المختصة. لذلك، كان موقف الرئيس الحريري رافضاً للمساس بهيبة منصب رئاسة الحكومة، على الرغم من أن رئيسها آنذاك ليس من بوابته السياسية.

نجم: تبين أننا أقل خطأ
أشار النائب السابق نزيه نجم لموقع ”لبنان الكبير” الى أن استقالة الرئيس الحريري اليوم من رئاسة الحكومة “لكي يكون في صف شعبه وأهله”.

وقال: ”بعد الاعتكاف السياسي، تبين أننا اليوم كفريق سياسي كنا أقل خطأ بين جميع المسؤولين، سواء في قضية انفجار مرفأ بيروت أو غيرها، فكان الرئيس الحريري يعمل لمصلحة البلد، ولكن مع الأسف كثر من كانوا لا يريدون بلداً”.

الطبش: دعوة لتحقيق دولي
أما النائبة السابقة رولا الطبش فأكدت لموقع ”لبنان الكبير” أن قضية مرفأ بيروت، على الرغم من المحاكمات والتحقيقات التي جرت فيها، إلا أنها تعرضت للكثير من الانتقادات وطال أمدها بصورة كبيرة، ما أدى إلى ضياع الحقيقة وسط التجاذبات السياسية.

وأعربت الطبش عن أسفها وحزنها لعدم التوصل إلى نتيجة لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المجرمين بعد كل هذه السنوات، معتبرة أن هذا أمر غير مقبول على الإطلاق. وشددت على حق الضحايا وعائلاتهم في كشف الحقيقة والعدالة.

ورأت الطبش أن دعوة الرئيس الحريري لإجراء تحقيق دولي تهدف إلى ضمان عدم وجود تأثيرات سياسية أو ضغوط على مجريات التحقيق، بما يؤدي إلى إحقاق العدالة للضحايا. وأوضحت أنها، بصفتها محامية، وعلى الرغم من ثقتها بالعديد من القضاة، ترى أن هذه الدعوة منطقية في سياق الواقع السياسي والقضائي في لبنان، وقد تؤدي إلى مستوى أعلى من الشفافية والمصداقية، شريطة توافر التعاون الدولي والارادة السياسية القوية على الصعيدين الداخلي والدولي.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة