“حرب على حافة هاوية سحيقة” ولا أحد يستجيب للوسطاء: نتنياهو اصبح مخيفا وردّ الحزب يختلف عن ردّ إيران!

الأكيد أن سلوك نتنياهو أصبح مخيفاً للمنطقة وللمجتمع الدولي

تعيش منطقة الشرق الأوسط على إيقاع الردود والردود المضادة، والضربات المتقابلة بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى. بلغت المواجهات مرحلة متقدمة في الخطورة، إنها حرب على حافة هاوية سحيقة. بانتظار الردّ الإيراني ورد حزب الله على استهداف طهران والضاحية الجنوبية لبيروت، تدور اتصالات كثيرة على المستوى الدولي والديبلوماسي في محاولة لمنع التصعيد. ولكن لا أحد يستجيب للوسطاء. خصوصاً بعد فشل الوساطة الأميركية في منع إسرائيل من التصعيد ضد بيروت وضد طهران، وبعد فشل إدارة جو بايدن من فرض وقف إطلاق النار في غزة والاتجاه نحو إبرام صفقة. بعد كل هذا التراكم في الفشل، أصبح الكلام للميدان. خصوصاً أن كل الرسائل التي تم إيصالها لحزب الله نقلاً عن جهات دولياً لم يتعاط معها الحزب بأي إيجابية. بل كان جوابه واضحاً أن “الجواب في الميدان” ولا مجال للتفاوض الديبلوماسي في هذه المرحلة.

حرب غير تقليدية وغير كلاسيكية
في المقابل، فالمعلومات الواردة من الولايات المتحدة الأميركي تشير إلى أن نتنياهو قد أدار ظهره بشكل كامل للإدارة الديمقراطية وأصبح اتكاله على الجمهوريين وهو على تنسيق دائم معهم. في هذا السياق تفيد المعطيات إلى أن نتنياهو لا ينسق مع الديمقراطيين وفقط يكتفي بإبلاغ المؤسسات الأميركية ولا سيما الجيش والبنتاغون في ما يقرره بدون تنسيق وتشاور. من غير المعروف حتى الآن إذا كان هذا الكلام دقيقاً أم أنه نحو من التبرؤ مما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي الساعي إلى توسيع الحرب في المنطقة واستدراج الجميع إلى دوامة تصعيد لا تنتهي.
أمام هذه الوقائع فإن المنطقة تقف على حافة حرب، بلا شك هي غير تقليدية وغير كلاسيكية، ولكن لا أحد يعلم مداها ومحدوديتها وكيفية اندلاعها أو استمرارها بوتيرتها التصاعدية المشهودة منذ 10 أشهر إلى فترة أطول بكثير. لكن الأكيد أيضاً أن إيران وحلفاءها يحضرون لردّ يوازن حجم الضربات التي تلقوها في الفترة الأخيرة. في هذا السياق تتحدث بعض المعطيات أن المنطقة ستكون أمام ردّ مركّب، الأول هو الردّ الإيراني والذي تدور مباحثات حول جعله رداً مشتركاً ومنسقاً بين مختلف الجبهات كي تخرج إيران بصورة الطرف القوي والقادر على توجيه ضربات في الوقت نفسه من جبهات مختلفة. أما الردّ الآخر فهو ردّ حزب الله والذي سيكون عنيفاً جداً بحسب المعلومات.

ضرب كل المحرمات
من أسباب إصرار حزب الله على تنفيذ ردّه على استهداف الضاحية الجنوبية هو إعادة إرساء معادلة التوازن التي يريدها مع إسرائيل وعدم ترك الكلمة الأخيرة لها في الميدان وفي قواعد الإشتباك. لا سيما أن استهداف الضاحية واغتيال فؤاد شكر يعني ضرب كل المحرمات ورسالة مباشرة لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله. وبالتالي، لا بد للردّ أن يكون متناسباً مع هذه الرسائل.

يتعاطى حزب الله مع اعتبار أن خيار عدم الردّ هو الأكثر كلفة وخسارة مهما كانت تبعات قراره بتنفيذ ردّ قوي، ولو أدى ذلك إلى اندلاع حرب. خصوصاً أن العمليات الإسرائيلية وصلت إلى مكان لم يعد بالإمكان السكوت عليها، وبحال عدم تنفيذ ردّ قوي وفعال فإن الإسرائيليين ونتنياهو سيواصلون عملياتهم، ولا بد من ردّ عنيف وواضح ومباشر لوقف نتنياهو عند حدّه.

بهذه القناعة يعمل حزب الله حالياً ويفكر ويخطط لماهيّة ردّه. في الموازاة تتكثف الاتصالات السياسية والديبلوماسية في محاولة لثني الإسرائيليين عن الردّ على الردّ، لعدم الانزلاق نحو الحرب الكبرى أو التدرج في التصعيد نحو انفجار عسكري أكبر.

من غير المعروف كيف سيكون التعاطي الإسرائيلي مع ذلك، ولكن الأكيد أن سلوك نتنياهو أصبح مخيفاً للمنطقة وللمجتمع الدولي.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة