الميدان هادىء…بانتظار اصبع نصر الله اليوم…!
غزة صارت خلفنا. طوفان 7 تشرين الأول 2023 كان زلزالاً تكبر موجاته التسونامية يوماً بعد يوم. وإذا كان السؤال قبل فترة عن اليوم التالي بعد حرب غزة، صار اليوم التالي منتظراً للمنطقة بكاملها، بحدودها الجغرافية والسياسية، بعدما أوغل بنيامين نتنياهو في أساطير الدم، متباهياً بالقتل على كل الجبهات، واضعاً كل “الأعداء” أمام إلزامية الثأر ليطلق مرشد محور الممانعة خامنئي فتوى الانتقام، لقائد “حماس” إسماعيل هنية الذي اغتيل في المخدع الطهران، بانتظار الجهة التي سيشير اليها أصبع المرشد اللبناني حسن نصر الله اليوم في تشييع يده اليمنى فؤاد (محسن) شكر…
بالنسبة لبكرا شو؟ سؤال ساد الأجواء من المحيط الى الخليج. فالذين ناموا أمس على احتمال رد “حزب الله” على اغتيال شكر فصحوا على موت هنية، انشغلوا بتخيل مشهد مواجهة كبرى ستضع المنطقة أمام احتمالات الموت والدمار تجبر الجميع لاحقاً، المنتصرين قبل المهزومين، على الجلوس حول طاولة تسوية.
حرب أيام
وإذ يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً لبحث اغتيال هنية، أشارت مصادر قريبة من “الاليزيه” لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “باريس تستعد لحرب أيام عدة بين لبنان واسرائيل، وتتدخل بعدها فرنسا وأميركا، لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 7 تشرين الأول، إلا أنها تتخوف من أن تفلت قواعد الاشتباك إلى الدرجة التي لا يمكن ضبطها، لا سيما اذا استهدف حزب الله مواقع ذات استراتيجية كبرى أو تجمعات سكنية في المدن الاسرائيلية”.
الميدان هادئ
ولأول مرة منذ ٩ أشهر شهد الميدان الجنوبي هدوءاً غير مسبوق، بحيث لم تسجل أي عملية للحزب طوال النهار، فيما اقتصر القصف الاسرائيلي على بعض التمشيط المدفعي لعدد من القرى الحدودية.
وخلال زيارة إلى لواء كفير الذي أجرى تمريناً برفع الجاهزية في الشمال، قال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي: “عصر أمس حصلنا على فرصة في قتل محسن. إن محسن أبرز شخصية عسكرية لدى حزب الله، وشخصية مقربة جداً من نصر الله، وهو يرتب له عملياً كل الأمور العسكرية. هذا الشخص مسؤول عن كل الأوامر بما في ذلك قتل 12 طفلاً عصر يوم السبت في مجدل شمس، وقتل أحد مواطنينا في كيبوتس هغوشريم ظهر أمس”.
وأضاف: “لدينا ثقة بالعمليات التي نخطط لتنفيذها مستقبلاً، كوننا مصممين على عدم العودة بحزب الله إلى ما كان عليه في السادس من تشرين الاول”.
وتابع: “محسن لن يكون موجوداً، لكننا لسنا بصدد عودة الوضع إلى ما كان عليه، على الحدود، على بُعد 200 متر عن المطلة، أو شتولا، أو رأس الناقورة”.
وأشار الى أن “جيش الدفاع قادر على التصرف وعلى الوصول أيضاً إلى نافذة معيّنة في إحدى حارات بيروت، وهو قادر على ضرب نقطة معيّنة تحت الأرض. ونحن قادرون كذلك على الانطلاق لمناورة برية قوية للغاية في العمق”.
واشنطن ترفع مستوى التحذير
وعلى وقع التصعيد، رفعت وزارة الخارجية الأميركية مستوى تحذيرها من السفر إلى لبنان إلى المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى في تحذيرات الوزارة.
ويعني التصريح السماح بمغادرة أفراد عائلات موظفي الحكومة الأميركية وبعض الموظفين غير العاملين في حالات الطوارئ على أساس كل حالة على حدة.
كما حضت سويسرا رعاياها على مغادرة لبنان، مشيرة إلى الوضع المضطرب بشدة في البلاد.
وأوصت وزارة الخارجية السويسرية في تحديث لنصائح السفر الخاصة بها إلى لبنان “الرعايا السويسريين بمغادرة البلاد بوسائلهم الخاصة، إذا بدا ذلك ممكناً وآمناً”، مشيرة الى أن “قرار مغادرة البلاد يُتخذ طوعاً وعلى حساب الشخص المغادر ومسؤوليته”.
وقالت إن تدهوراً كبيراً في الوضع الأمني في جميع أنحاء لبنان أمر ممكن في أي وقت، علماً أن “الضربات الجوية المحددة الهدف يمكن أن تعرض أيضاً أشخاصاً غير متورطين للخطر”.
خطة نتنياهو
ويرى محللون ومسؤولون أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عازم على تغيير قواعد الاشتباك في الحرب، والانتقال إلى ما هو أبعد من غزة للقضاء مباشرة على قادة “حماس” وضرب وكلاء إيران في أماكن أخرى.
ويلفتون إلى أن الهجوم واحد من أكبر الضربات التي وجهتها إسرائيل الى إيران وحلفائها حتى الآن، معتبرين أن التوقيت والمكان اختيرا لإحراج طهران التي كانت تستضيف هنية وغيره من كبار الشخصيات الاقليمية في حفل تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان.
وقال مصدران إيرانيان لـ “رويترز” إن مقتل هنية أحدث صدمة وسط كبار القادة الايرانيين الذين يخشون بشدة الآن من احتمال أن تكون إسرائيل اخترقت قواتهم الأمنية. ويتزايد القلق من قدرة عدوهم اللدود على الوصول إلى كبار المسؤولين الايرانيين واغتيالهم.
وأعلن خامنئي أن الانتقام هو “واجب” إيران لأنه حدث في العاصمة الايرانية، معتبراً أن إسرائيل قدمت بنفسها المسوغات اللازمة لمعاقبتها بشدة.
وقال حسين علائي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني لموقع “جماران” الإيراني على الانترنت، من دون تقديم أدلة: “تعاونت الولايات المتحدة بالتأكيد مع إسرائيل عن كثب في الجانبين العملياتي والاستخباراتي في خطة اغتيال هنية”.
وأضاف: “بتنفيذ هذا الاغتيال، أرادت إسرائيل أن تظهر للجماعات الفلسطينية أنه ليس هناك مكان آمن لهم في أي مكان في العالم”.
إلى ذلك، تبرأت الولايات المتحدة من اغتيال هنية، وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في سنغافورة إن الولايات المتحدة ليست ضالعة في مقتل هنية.
وعن خيارات ايران للرد، رأى محللون أن طهران قد ترد بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ في ضربة انتقامية من إسرائيل على غرار الهجوم الذي شنته بعد استهدافها مجمع سفارتها في دمشق في نيسان الماضي وأسفر عن مقتل سبع قيادات عسكرية بارزة.
وقد تختار طهران الرد من خلال وكلائها المسلحين، بما في ذلك “حزب الله” في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق، عبر تكثيف هجمات الوكلاء على إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة.
أما عن “حزب الله” فاعتبر محللون أنه سيضطر إلى الانتقام برد يضاهي مكانة شكر كأعلى قيادة عسكرية له، لكنه سيأخذ في الاعتبار أيضاً أن إسرائيل ضربته في الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها.
وقد يهاجم “حزب الله” مناطق في إسرائيل لم يضربها بعد في الصراع الحالي، من بينها مراكز حضرية، ما يفاقم احتمالات الوقوع في دوامة انتقام وانتقام مضاد.
لبنان الكبير