واشنطن متورّطة استخباراتياً في الاغتيالات: 3 سيناريوهات “إسرائيليّة” حول ردّ فعل الحزب!

لا بد من الاقرار بان ثمة فجوة امنية جدية وخطرة يجب سدها في المواجهة المفتوحة مع كيان العدو، ولا بد ايضا من الاقرار بان “إسرائيل” لم تكن لتنجح في تنفيذ الهجومين في بيروت وطهران، دون قدرات استخباراتية عالية ترصد لها مليارلات الدولارات. ووفقا للمعلومات، فانه في موازاة البحث عن الرد المتناسب على خرق “الاسرائيليين” لكل “الخطوط الحمراء”، فان جهودا حثيثة تجري في اكثر من اتجاه لتحديد مصادر وكيفية حصول الاختراق الامني في لبنان وإيران، خصوصا ان ثمة شكوكا عالية بوجود متعاونين يزودون الاستخبارات “الاسرائيلية” بالمعلومات حول الأهداف وتحركاتها، دون الاكتفاء بوسائل تقنية كالأقمار الصناعية التي توفرها الولايات المتحدة الاميركية، المتورطة مباشرة في تزويد الاجهزة الاستخباراتية “الاسرائيلية” بالمعلومات المستقاة عبر التكنولوجيا المتطورة، وكذلك الافراد، باعتبار ان ال”سي آي ايه” لديها انسيابية اكبر في احداث اختراقات بشرية لاسباب كثيرة، تفضل مصادر مطلعة عدم تعدادها لاسباب تتعلق بسير التحقيقات الجارية .

 

وفي هذا السياق، تفصل تلك المصادر بين طبيعة الهجوم في حارة حريك وطهران، لان عملية الاغتيال الاولى تثير علامات استفهام حيال الخلل الذي ادى الى كشف تحرك المسؤول الجهادي في حزب الله فؤاد شكر، علما ان حزب الله كان يضع في حساباته احتمال تنفيذ “اسرائيل” لعمليات اغتيال، ولم يلتفت لكل التطمينات الغربية المسمومة حيال استبعاد ضرب بيروت والضاحية الجنوبية.

اما في عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية، فان البحث عن الخرق الامني لا يبدو اولوية، لان تحركه في طهران كان علنيا، وتحديد مكان اقامته لم يكن مسألة صعبة، لكن المفاجأة كانت في اتخاذ “اسرائيل” قرارا متهورا باستهدافه في العاصمة الايرانية، في تحد واضح للهيبة الايرانية، دون ان تضع في الحسبان رد الفعل المرتقب، خصوصا انها تدرك بان طهران مجبرة على الرد. علما ان المعلومات تفيد بان الدوحة حصلت على ضمانات اميركية بعدم المس بهنية، باعتباره الصوت “العاقل” في حركة حماس، والاكثر قربا من مسؤول الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، الذي يثق به ثقة “عمياء” ومن خلاله يمكن التوصل الى “صفقة”.

وتضع تلك الاوساط، التصعيد “الاسرائيلي” في سياق بحث الاجهزة الامنية والعسكرية والسياسية “الاسرائيلية” عن ترميم الردع المفقود، وتحقيق مكسب معنوي يساعدها في استعادة ثقة “الإسرائيليين” بالدولة الخائفة والمنقسمة على نفسها. لكن هذه الضربات لن تمنح “اسرائيل” ما تريده، لان هيبتها لا يمكن ان تستعاد عبر نجاحات “تكتيكية” مؤقتة لن تلحق باعدائها هزيمة استراتيجية، فالجبهات العسكرية المفتوحة على كل الاحتمالات لن تتغير الوقائع فيها بسبب عمليات الاغتيال، وقد تجد “اسرائيل” نفسها امام السؤال الاصعب: وماذا بعد؟ وماذا اذا ردت ايران بقوة اكبر هذه المرة بعد ان تخلت عن “الصبر الاستراتيجي”؟ وماذا اذا كانت حساباتها خاطئة مرة جديدة؟ وهل هي مستعدة لحرب شاملة؟

في المقلب الآخر، لم تكشف المقاومة عن نياتها بعد، لكن الاعلام “الاسرائيلي” وكبار المحللين اجمعوا،على حتمية رد حزب الله على استهداف الضاحية الجنوبية، ولفتوا الى ان التقديرات لدى القيادة السياسية والعسكرية تشير الى انه لا يريد توسيع الحرب، لكنه سيسعى الى الحفاظ على “المعادلات”، وهذا يفترض اكثر من سيناريو لخصته صحيفة “اسرائيل اليوم” بثلاثة، مرجحة ان يستخدم لاول مرة صواريخه الدقيقة لاستهداف قواعد لسلاح الجو والاستخبارات، ومصانع أمنية وحتى منشآت طاقة.

ولفتت الصحيفة الى ان امام الحزب ثلاثة سيناريوهات أساسية:

– الأول: هجوم صاروخي لمرة واحدة نحو “تل أبيب”. حسب المنطق الذي يعمل به السيد نصر الله في الحرب، وهو يتطلع الى الرد على “إسرائيل” بصيغة “العين بالعين”. ولفتت الى ان “لإسرائيل” تفوقا تكنولوجيا واستخباريا على حزب الله، ولذلك من المستبعد ان تتم تصفية اي مسؤول “اسرائيلي” كبير. وعليه، قد يفضل الحزب هجوماً صاروخياً يستهدف قلب “إسرائيل”، بوزن الهجوم “الإسرائيلي” في الضاحية.

– الثاني: الدخول في حرب شاملة. وحتى الآن، كان المنطق الذي وجه حزب الله في الحرب هو التطلع الى استنزاف “إسرائيل” لمساعدة حماس والجهاد الإسلامي في غزة. لكن إذا شعر السيد نصرالله والقيادة في إيران بنضوج الوقت لدخول حرب شاملة، حرب تجبي من “إسرائيل” ثمناً ذا مغزى، فإنهم سيفتحونها بضربة ثقيلة، وبتحريك خطة “احتلال الجليل” عبر ادخال آلالف المقاتلين من قوة الرضوان، للسيطرة على قاطع إقليمي “إسرائيلي”.

– الثالث: يختار حزب الله تنفيذ هجوم قوي يتضمن توسيع مدى النار، وكذلك استخدام صواريخ دقيقة، لجباية ثمن مهم من “إسرائيل” قدر الإمكان.

وامام هذه الاحتمالات، لا تستبعد مصادر ديبلوماسية احتمال عدم تراجع “اسرائيل”، بل الذهاب بعيدا بالتصعيد اذا ادركت ان رد حزب الله قد يؤدي الى حرب شاملة، وذلك عبر القيام بضربة استباقية ضد اهداف استراتيجية لمحاولة ضرب “قدراته الفتاكة”… لكن يبقى برأيها “بصيص امل” صغير في ان تؤدي هذه الاحداث الخطرة في نهاية المطاف الى تسوية، عبر البدء بوقف للنار في غزة، بعد ان بات نتانياهو قادرا على الادعاء بانه استعاد الردع وحقق مكاسب امنية، تعوض الاخفاق العسكري والسياسي!

في الخلاصة، هذا ما يفكر به العدو، لكن لا يعرف احد ما يدور في “عقل” قيادة حزب الله، وما هي الخطوة التالية لمحور المقاومة. الاغتيالات ورغم فداحة الخسارة، لن تؤثر في تماسك “المحور”، ولن تؤدي الى تغيير استراتيجي في خياراته.”الكرة” الآن في “ملعبه”، وبعد الرد الحتمي سيبنى على “الشيء مقتضاه”.

ابراهيم ناصرالدين- الديار

مقالات ذات صلة