المنطقة وفي طليعتها لبنان دخلت في خطر شديد: “ نتنياهو “المُشرّج” أميركياً سيعود أعنف!

أعداؤنا هم أعداؤكم. معركتنا هي معركتكم"

وقف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في وسط الكونغرس الأميركي يقول بالفم الملآن: “أعداؤنا هم أعداؤكم. معركتنا هي معركتكم. وسيكون انتصارنا هو انتصاركم”. ببضعة كلمات اختصر الهدف من زيارته، موحّداً المسارين الاسرائيلي والأميركي نحو هدف واحد: هو الحاق الهزيمة بالارهابيين في قطاع غزة من جهة والارهابيين في لبنان من جهة أخرى، بحسب تعبيره.

وبصرف النظر عن مصطلحات نتنياهو، لا شك في أن الكثير من القادة والمسؤولين الأميركيين مقتنعون بكلامه، والدليل موجة التصفيق والوقوف اعجاباً به. حتماً هذا أمر خطير، وبموضوعية، كانت زيارته حتى الآن ناجحة، ليعود ويستأنف حربه ضد أعداء اسرائيل، وفق معياره، وما يضمره من خطط للإقتصاص منهم وإبعاد خطرهم عن اسرائيل، بعدما ربط وجود “حماس” و”حزب الله” بإيران وعدائيتها حيال اسرائيل والولايات المتحدة، مدغدغاً مشاعر الأميركيين وخصوصاً ممثلو الحزب “الجمهوري” في الكونغرس.

هذه المشهدية التي رافقت زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، لا بد من أن يتوقّف عندها مسؤولو “حماس” و”الحزب” إذا كان لديهم الحدّ الأدنى من تحليل الأمور وحرية اتخاذ القرارات، ولو كان ذلك مشكوكاً بأمره، لارتباطهم الوثيق بإيران، ولا سيما “حزب الله”.

ويرى باحث في مجال الدفاع والسياسة الخارجية في معهد أميركي أن نتنياهو حاول توجيه 3 رسائل واضحة: أولاً، لن تتوقّف الحرب في غزة قبل إنهاء حكم “حماس” للقطاع. ثانياً، لن تتوقّف الحرب مع “الحزب” قبل ضمان أمن الشمال وعودة النازحين. ثالثاً، لن تتوقّف الحرب مع إيران قبل القضاء على دورها المزعزع للاستقرار وسلاحها النووي.

ويبدو أنه حضّر الأرضيّة والأجواء اللازمة لتصعيد أعماله الحربيّة، وهو القفز فوق دماء آلاف الفلسطينيين معتبراً أن معركة رفح لم تسفر عن وقوع قتلى مدنيين، وهذا أمر بديهي في فكر نتنياهو لأن الجانب الانساني ليس من أولوياته، تماماً كما يبدو هذا الجانب غائباً لدى قيادات “حماس” وزعيمها يحيى السنوار، وهما أي نتنياهو والسنوار ينظران إلى “اليوم التالي للحرب”، وفق ما يؤكده الباحث الأميركي.

حضّر نتنياهو الكلمات المفاتيح التي تحاكي العقل الأميركي السياسي، وهو بارع في هذا المجال، مستخدماً عبارتي “نزع السلاح” و”نزع التطرف”. ويلفت الباحث السياسي إلى أنه “بهذه الطريقة ضَمَنَ المزيد من المساعدات الأميركية المالية والعسكرية، وقد بلغت ما يزيد عن 41 مليار دولار، وتمرير ما يقارب 15 مليار دولار من المساعدات العسكرية الاضافية، لحسم الأمر في غزة وجنوب لبنان، فنزع السلاح يعني أنه لا ينبغي لحماس حكم غزة ما بعد الحرب، وبالتالي، فإن الأميركيين متفقون معه على تحقيق هذه الأهداف ولو بلغة ناعمة مغلّفة بعبارة “حماية المدنيين”.

نتنياهو الذي يعود بعد أيام إلى تل أبيب، سيدعم وفده الذي سيفاوض ما بين قطر وأبو ظبي بالحديد والنار، وبالتالي يكون قد دعم نفسه للإستمرار في الحكم حفاظاً على إئتلاف حكومته المتشددة المهددة بالإنفراط فيما لو وضع البندقية جانباً.

ويعتبر الباحث الأميركي أن “حماس” طالما تحتفظ بقدرتها العملياتية، وتستمر في القتال في مناطق غزة، سيجد نتنياهو المبررات لإكمال حربه والإمعان في قتل المدنيين الفلسطينيين، وهو كان واضحاً في زيارته إلى الولايات المتحدة بأنه سيتعقّب قادة “حماس” وسيقتلهم، لذلك من المتوقّع أن نشهد عمليات كبيرة تستهدف هؤلاء القادة ولو أدت إلى كوارث إنسانية، كما حصل مع محمد الضيف الذي يبدو مصيره مجهولاً حتى اليوم!

وبعد الزيارة إلى واشنطن، والتصفيق الحاد الذي ناله نتنياهو في الكونغرس نتيجة إصراره على مواجهة إيران وميليشياتها وخصوصاً “حزب الله”، باتت الحرب مع لبنان قريبة أكثر أو على الأقل، سنشهد تصعيداً أقوى في الجنوب وربما توسيعاً للعمليات الاسرائيلية. ويوضح الباحث الأميركي أن ايحاءه أمام الكونغرس بأن “الحزب” بات يُشكّل تهديداً وجودياً لاسرائيل ولا يمكن فصله عن صراعها الأوسع ضد “حماس”، والحوثيين، وإيران عموماً، كان يهدف إلى تمهيد الطريق لتوغل بري في جنوب لبنان والتخفيف من رد الفعل الأميركي والدولي إذا نفّذ هذا الهجوم.

عموماً، يُجمع الباحثون الأميركيون على أن نتنياهو نجح في مخاطبة مشاعر الأميركيين، مبرهناً لهم أن ما يهدِّد الشعب الاسرائيلي يهدِّد الشعب الأميركي، وتشبيهه هجوم حركة “حماس” يوم 7 تشرين الأول بأحداث 11 أيلول مضاعفاً 20 مرة، وإعلانه أن “الصراع مع محور إيران هو صراع بين الخير والشر ولا بدّ أن تقف أميركا وإسرائيل معاً وسننتصر”، وقوله: “نحن لا نحمي أنفسنا فحسب، بل الولايات المتحدة أيضاً”، محذراً من أن “الولايات المتحدة ستكون الهدف التالي إذا تم تقييد يد إسرائيل”، وتأكيده أن “إسرائيل عندما تتحرك لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية فإنها تحمي نفسها وتحمي الولايات المتحدة”.

وقد يكون الوضع الحالي نموذجياً لنتنياهو كي يوسّع حربه في قطاع غزة وجنوب لبنان، علماً أن “حماس” و”الحزب” يقدّمان له “الحوافز” والمبررات التي تكسبه الرأي العام الاسرائيلي والعالمي، في ظل شلل الادارة الأميركية، والفوز شبه المحسوم لحليفه دونالد ترامب، وبالتالي كلّ ذلك يعني أن المنطقة وفي طليعتها لبنان دخلت في خطر شديد، الأمر الذي يستدعي من الحكومة الطلب من “الحزب” الابتعاد فوراً عن الحدود ووقف أعماله العسكرية وإرسال الجيش اللبناني إلى هذه الحدود ودعوة آموس هوكشتاين إلى زيارة عاجلة للبنان من أجل وضع الترتيبات الديبلوماسية موضع التنفيذ تمهيداً لإحياء اتفاقية الهدنة والتطبيق الفعلي والكامل للقرار 1701، وإلا سيكون الثمن باهظاً على لبنان والمنطقة.

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة