إسرائيل – الحوثي: تصعيد نحو الحرب على “الحزب”…: ماذا يتم التحضير له في إسرائيل؟

"حزب الله" نفسه على "الرادار" الإسرائيلي

لم تكن الغارات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على ميناء الحديدة يوم السبت حدثاً عابراً على هامش الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزة. وعلى الرغم من ان الحدث أتى حسب التبريرات الإسرائيلية كرد على إطلاق مسيّرة ايرانية الصنع من طراز صمد- 3 اطلقت من مناطق جماعة الحوثي في اليمن، وأصابت مبنى سكنياً في قلب مدينة تل ابيب موقعة قتيلاً إسرائيلياً، فإن الضربات الإسرائيلية التي الحقت اضرارا كبيرة في ميناء الحديدة، لا سيما منطقتي التفريغ وخزانات الوقود شكلت ردا إسرائيليا على عشرات الهجمات الحوثية بالصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة على مدى اكثر من تسعة اشهر منذ 7 أكتوبر 2023. والضربات الإسرائيلية كانت لافتة لكونها مختلفة في حجمها والاضرار التي الحقتها بالقطاع اللوجيستي لجماعة الحوثي، حيث يشكل ميناء الحديدة المتنفس الأهم للجماعة والمناطق التي تسيطر عليها منذ الانقلاب الذي قادها في 2014 -2015 الى السيطرة على العاصمة صنعاء.

اذا الغارات الإسرائيلية كبيرة، والعملية كبيرة بمعنى انها المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بتوجيه اكثر من عشرين مقاتلة من طراز “اف- 15” و “اف-35” مصحوبة بطائرات قيادة، توجيه ومراقبة، ومعها مجموعة من الطائرات “بوينغ 707” المخصصة للتزويد بالوقود في الجو. وانها المرة الأولى التي تشن فيها إسرائيل غارات ضد اهداف على مسافة تصل الى اكثر من 1700 كيلومتر. ويشكل مدى التحليق ذهابا وإيابا ما مجموعه ٣٤٠٠ كيلومتر على الأقل. وهذه بحد ذاتها رسالة الى ايران التي تفصل الأهداف الحيوية (مدن رئيسية، قواعد، ومنشآت نووية) فيها عن إسرائيل مسافة تتراوح بين 1500 و1800 كيلومتر. وتأتي الرسالة في لحظة مفصلية من الحرب في غزة، والتطورات على الجبهة الشمالية مع “حزب الله”. فمنذ ان بدأت طهران تتلمس احتمالا لاطلاق إسرائيل حملة ضد “حزب الله” في لبنان وسوريا، لم تتوقف التهديدات بإشعال كافة الجبهات العاملة ضمن ما يسمى محور “وحدة الساحات”. كما لم تتوقف طهران عن التلويح بإمكانية تدخلها مباشرة للدفاع عن “حزب الله” في حال شن إسرائيل حرباً واسعة ضد الفصيل المذكور. وبدا واضحا ان ايران بدأت تشعر بأن شيئاً ما يتم التحضير له في إسرائيل. والهدف “حزب الله” اهم الاستثمارات الإيرانية الخارجية منذ 1979. فالجبهة الداخلية في إسرائيل تتابع التحضيرات لمواجهة احتمال نشوب حرب مع “حزب الله”.

والجيش يكثف التدريبات على محاكاة حرب في لبنان ضد “حزب الله”. وسياسة اصطياد قادة “حزب الله” ومقاتليه في الميدان مستمرة بمعدل 3 اغتيالات يوميا. والمخازن العسكرية الإسرائيلية تواصل استقبال شحنات كبيرة من القذائف النوعية الأميركية، من بينها قنابل “إم كي -82 ” زنة الواحدة 250 كلغ. وهي في صدد انتزاع شحنات جديدة من القنابل الثقيلة المخصصة لضرب التحصينات الكبيرة والانفاق من طراز “إم كي-84” زنة 1000 كلغ. اضف الى ذلك ان كل التحضيرات تجري في وقت انتقلت فيها إسرائيل في حرب غزة الى المرحلة الثالثة، أي انها انهت العمليات الكبرى، وانتقلت لتواصل توغلات انتقائية ومتنقلة، فضلا عن مواصلة السيطرة على محوري نتساريم الذي يقطع قطاع غزة الى نصفين، وفيلادلفيا الذي يفصل القطاع عن مصر.

في هذه الاثناء ترفع إسرائيل و “حزب الله” من مستوى التراشق المتبادل. ولكن الجديد في الاستهدافات الإسرائيلية انها بدأت تعتمد قواعد جديدة من شأنها أن استمرت ان تجر “حزب الله” شيئاً فشيئاً الى توسيع الحرب. إنها بدأت تستهدف المقاتلين والقادة، حتى لو كانوا محاطين ببيئة مدنية في الجنوب. بمعنى أن إسرائيل لن تتورع عن قتل مدنيين لتنفيذ اغتيالات بحق مقاتلين وقادة. مؤدى هذا الامر ارتفاع الإصابات بين المدنيين، وبالتالي اضطرار “حزب الله” ولو مكرهاً الى رفع مستوى الرد والتدحرج شيئاً فشيئاً نحو حرب أوسع.

ان “حزب الله” لا يريد حرباً واسعة. يريد حرب استنزاف محدودة، لكن عليه ان يحسب حساب ما يريده الإسرائيلي بعد تسعة اشهر على انطلاق حرب الاسناد من لبنان. بصرف النظر عمن يحكم في تل ابيب، ومن حيث يدري او لا يدري فقد وضع “حزب الله” نفسه على “الرادار” الإسرائيلي. من هنا احتمال ان يكون التصعيد الأخير وصولاً الى الحديدة وعودة الى بلدة عدلون جنوبي لبنان (ضرب مخازن صواريخ و ذخيرة) خطوة إضافية نحو حرب اتخذ قرارها على “حزب الله”.

علي حماده- ا لنهار العربي

مقالات ذات صلة