لبنان في عين العاصفة: هل باتت الحرب الشاملة على الجنوب وشيكة؟

شهد جنوب لبنان السبت أعنف تصعيد من العدو الاسرائيلي و”حزب الله” على حد سواء مند السابع من “أكتوبر”، ما يثير مخاوف من احتمال نشوب حرب شاملة بين الطرفين، قد تشمل اجتياحاً برياً إسرائيلياً لجنوب لبنان، وإطلاق صواريخ تدمر البنية التحتية تجاه شمال إسرائيل، مع ما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها. فقد شهدت الجبهة اللبنانية الاسرائيلية تصعيداً كبيراً آخر خلال 48 ساعة، جاء عقب اغتيال إسرائيل 4 من قياديي “حزب الله” و”الجماعة الاسلامية” وكوادرهما، وأتبعت تلك الهجمة بغارة مدمرة على بلدة الجميجمة تسببت في سقوط عدد من الشهداء والجرحى، ليرد الحزب بغارات شملت لأول مرة، 3 مستوطنات إسرائيلية جديدة لم يسبق له استهدافها في عملياته السابقة، “تدشيناً” للمعادلة التي أعلنها الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله “المدنيون بمستعمرات جديدة”، رداً على غاراتٍ شنّتها اسرائيل ليل الخميس وأبرزها في محيط الجميجمة حيث سقط القيادي في “وحدة الرضوان” علي جعفر معتوق، وأصيب العديد من المدنيين، إلى جانب غارة في مجدل سلم أعلن الجيش الاسرائيلي أنه “قضى” فيها على قائد آخر في مجال العمليات في قطاع الحجير بـ “قوة الرضوان”.

وأعلن الحزب السبت إدخال مستعمرة “دفنا” للمرة الأولى إلى بنك الأهداف، التي قصفت بعشرات صواريخ الكاتيوشا، بالتزامن مع إعلان “كتائب القسّام” قصف مقر قيادة “اللواء 300 – شوميرا” في الجليل الأعلى برشقة صاروخيّة، علماً أن الحزب كان شنّ الجمعة ضربات على مستوطنات “أبيريم” و”نيفيه زيف” و”منوت” التي استهدفها للمرة الأولى، بالتوازي مع إعلانه إدخال صاروخ جديد إلى الميدان. وقال في بيان إن مقاتليه “استهدفوا موقع رويسات العلم في ‏تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بصاروخ وابل الثقيل وهو من صناعة مجاهدي المقاومة الاسلامية، ما ‏أدى إلى إصابة الموقع إصابة مباشرة وتدمير قسم منه واشتعال النيران فيه”.‏

في المقابل، وسعت إسرائيل من دائرة إستهدافها لـ “حزب الله”، عندما نفذت مقاتلاتها في وقت متقدم من ليل السبت غارات على مستودع ذخيرة له للمرة الأولى في بلدة عدلون، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً شمالي الحدود اللبنانية مع إسرائيل، وأدت إلى سلسلة من الانفجارات المدوية سمعها شهود في جميع أنحاء الجنوب لمدة ساعة كاملة، الأمر الذي يشكل تطوراً غير مسبوق منذ إشتعال “جبهة المشاغلة”.

كل هذا التوتر جنوباً تزامن مع الرد الاسرائيلي السريع على الخرق النوعي والخطير للحوثيين، الذين أطلقوا مسيرة لتنفجر في وسط تل أبيب، اذ إستهدفت المقاتلات الاسرائيلية مواقع عسكرية وحيوية في الحديدة اليمنية، ما وسع من مسرح العمليات إلى عمق يخشى معه أن تتفلت ساحات القتال المؤازرة والمناصرة لغزة، والدخول في حرب شاملة تجر المنطقة بأسرها إلى حرب إقليمية مدمرة.

وهذا التصعيد المتزايد والمتفاقم، هل يضع لبنان في عين العاصفة؟ وبالتالي هل إكتملت ظروف الحرب الموسعة التي تهدد إسرائيل لبنان بها؟ وآخر هذه التهديدات جاء على لسان وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس الذي رفع سقف التهديد عبر “وول ستريت جورنال”، محذراً من أن “الحرب الشاملة أصبحت وشيكة للغاية وطريقة منعها هي الضغط على إيران”. واعتبر أن “وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الرهائن لن يمنع الحرب مع حزب الله شمالاً”، لافتاً إلى أن “إسرائيل لن تقبل بالهدوء مقابل الهدوء”. وشكك في “إمكان إقناع حزب الله بسحب قواته”، مشيراً الى أن هذا “سيحدث إما من خلال رد عسكري إسرائيلي أو إذا أمرتْ إيران الحزب بالانسحاب”. والسؤال الذي يفرض نفسه إزاء التصعيد والتوتر المتزايدين اللذين يلفان الاقليم، هل التهديدات الاسرائيلية باجتياح لبنان باتت جدية؟

ما يزيد من إحتمالية الحرب الشاملة على لبنان ما تلقاه مسؤولون رسميون سياسيون وأمنيون من جهات ديبلوماسية تحمل معطيات ومؤشرات في غاية السلبية والخطورة من التطورات على الجبهة الجنوبية، على خلاف الأجواء التي سادت الأسبوع الماضي بأن الوضع في جنوب لبنان سيبقى منضبطاً تحت قواعد الاشتباك، وأنه تمت إعادة رسمها بصورة طفيفة بالنيران من طرفي الصراع. وكشفت مصادر مطلعة أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعطى تعليمات مباشرة على المستوى العسكري- الأمني الاسرائيلي، بتصعيد عمليات الاغتيال لقيادات في “حزب الله” أياً كانت التداعيات، لن يتردد في إعطاء الموافقة على عمليات عسكرية في لبنان تؤدي إلى ارتكاب مجازر كما حصل في المواصي في خان يونس.

وأمام التصلب في المواقف الاسرائيلية التهديدية، فإن “حزب الله” بالتأكيد لن يقبل بأن تبقى إسرائيل تستبيح قيادته وكوادره، فضلاً عن التدمير الممنهج للقرى والبلدات الجنوبية المتاخمة للحدود، حيث بلغ الاستهداف الاسرائيلي للحزب حد قصف أحد مستودعات ذخيرته، الأمر الذي سيدفعه إلى توسيع ضرب بنك الأهداف الاسرائيلية بخطط وأسلحة مختلفة عن كل ما تم إستخدامه طيلة الأشهر الماضية. كل هذه التطورات والمعطيات تضع الجنوب ليس في قلب العاصفة وحسب، بل تجعله على حافة هاوية حرب لا يمكن لأحد توقع مجرياتها ونتائجها الكارثية!

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة