لا يحق لمجلس الوزراء ولا لرئيسه تعيين بديل عن وزير المال!

كثيرة هي الأخبار التي سرت عن نية وزير المال يوسف الخليل الستقالة أو عن قرار بتبديله. وسرعان ما صدر النفي من المكتب الإعلامي للوزير واضعا ما سرّب في إطار “الخبر غير الصحيح”، وأكد أنه يمارس نشاطه المعتاد في الوزارة يوميا.

وبمعزل عن الخبر والنفي، ثمة سؤال مشروع: هل يحق أصلا للوزير الاستقالة في ظل حكومة تصريف أعمال هي في الأساس مستقيلة؟ والأهم، هل يمكن تعيين وزير بديل، في غياب رئيس للجمهورية؟ وفي الأساس، من يبت قرار قبول الاستقالة؟

كلها أسئلة تحكم المرحلة الحالية، وسط الفراغ الذي “أطبق” على مفاصل الوطن، من رأسه إلى كامل الجسم المهترئ، فضاعت معه الأصول والمفاهيم الدستورية!

من هنا، لا بد من العودة إلى صلب القضية وهي هل يحق أصلا للوزير الاستقالة من حكومة مستقيلة؟

ليست وظيفة

يبادر الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك إلى الإجابة، انطلاقا من قراءة دستورية يقسمها إلى محورين. يقول لـ”النهار”: “من الثابت أنه يحق للوزير الاستقالة، بإرادة منفردة من دون الحاجة الى موافقة الرئيس، لا سيما أن الوزارة ليست وظيفة وإنما خدمة عامة”.

في المحور الأول، يشرح مالك أن “مرسوم قبول الاستقالة الذي يصدر عن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، سندا إلى الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور، يتمتع بمفعول إعلاني فقط لا إنشائي. وإذا سلّمنا جدلا بأن قبول الاستقالة مشروط بصدور المرسوم، وهذا حكما أمر غير صحيح، نكون قد عطلّنا أحكام المادة 69 من الدستور، التي تنص على اعتبار الحكومة مستقيلة مع استقالة ثلث أعضائها، حيث يحق لرئيس الجمهورية رفض هذه الاستقالات، ورفض قبولها، مما يفيد في الخلاصة أنه يحق للوزير الاستقالة من دون أدنى شك”.

إنما اليوم الحكومة مستقيلة، فالمعادلة تختلف. إذ ما معنى أن تستقيل من موقع هو أصلا مستقيل؟

أما في المحور الثاني الذي يتعلق بتعيين وزير جديد مكان الوزير المستقيل، فيعتبر مالك أنه “لا يحق لمجلس الوزراء، كما لرئيس مجلس الوزراء، ولا لأي مرجع كان، تعيين وزير جديد في الحكومة، لأن تشكيل الحكومة وتسمية الوزراء إجراء دستوري، بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، عملا بأحكام الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور”.

ويشدد على أن “هذه الصلاحية المنوطة حصرا برئيس الجمهورية، هي صلاحية شخصية مستمدة من قسمه المنصوص عليه في المادة 50 من الدستور ومن كونه رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وبالتالي هي لا تنتقل إلى مجلس الوزراء عملا بأحكام المادة 62 من الدستور، وإلا أصبح في إمكان الحكومة أن تعيد تشكيل نفسها بنفسها”.

وفق مالك، “الحل ليس بتعيين وزير جديد، إنما بإعمال أحكام المرسوم 83/82 تاريخ 12- 10 -2021 ، أي عبر تكليف الوزير البديل الحلول محل الأصيل عند غيابه ولأي سبب كان”.

هكذا، فإن الدستور أكثر من واضح في تعامله مع استقالات الوزراء، والأهم مع تعيين وزراء جدد. فهذه المسألة لا يمكن بتها في غياب رئيس البلاد!

أمام الواقع الدستوري الأكثر من واضح، هل من سوابق تمت في هذا المجال؟

لعلّ الاستقالات الشهيرة أو ما عرف يومها بالانسحاب الحكومي كانت عام 2006، حين سجل انسحاب الوزراء الشيعة من حكومة فؤاد السنيورة، إلا أن الحكومة يومها لم تكن مستقيلة، وكانت خطوة الوزراء المنسحبين “سياسية للتشكيك في ميثاقية الحكومة وشرعية قراراتها احتجاجا على موقفها من تشكيل المحكمة الدولية للتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه”.

من هنا، نادرا ما تمت استقالة وزير أو وزراء من حكومة تصريف أعمال، وفي زمن فراغ رئاسي. فهذا الواقع السياسي الذي يفرض نفسه اليوم هو واقع مضاعف “يتعايش” بين شغور في الموقع الأول للسلطة وحكومة مستقيلة، ويجعل من المعادلة مستحيلة… أقله في الشأن الدستوري!

النهار

مقالات ذات صلة