برّي: “إذا بدهم حوار أنا جاهز وإلّا على مهلهم”

لو لبّى الجميع دعوة الحوار فسننتخب رئيساً في غضون عشرة أيام

يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على عدم الدعوة إلى حوار ما دام مكوّن لبناني يرفض المشاركة إصراراً منه على انتخاب رئيس يحظى بإجماع لبناني يؤهّله لممارسة دوره بالشكل المطلوب. بتروٍّ يتعاطى، ويرى أنّ تمرير الوقت لا يغني عن الحوار، ويقول: لو لبّى الجميع دعوة الحوار فسننتخب رئيساً في غضون عشرة أيام.

لا جلسات انتخاب قبل الحوار الذي يتمسّك به رئيس المجلس. رغبته في إشراك القوات اللبنانية في الحوار تندرج في سياق إدراكه أنّ أيّ رئيس يُنتخب خارج التوافق المجلسيّ والإقليمي يستحيل عليه أن يحكم.

في عين التينة لن تجد أصداء إيجابية لاقتراح المعارضة، التي بدت بمضمونها وما نطقت به وكأنّها تستجدي الرفض. كلّ من زارته المعارضة نصحها بالتشاور مع رئيس المجلس لأنّه لا نجاح لمبادرة بمعزل عن التنسيق معه. اقتراح المعارضة المؤلّف من بندين لم يحظَ بتأييد غيرها من الكتل. استقبال كتلتَيْ التحرير والتنمية والوفاء للمقاومة لوفدها لا يعني فتح مجال التفاوض، وقد قرّر الثنائي عدم إقفال الباب أمام الزائرين متى أرادوا والموقف سيبقى ذاته.

تتلمّس عين التينة وسيّدها أنّ الموضوع الرئاسي تعتريه المراوحة وسط أجواء إقليمية ومحلّية معقّدة للغاية. أجواء المفاوضات بين حماس وإسرائيل وما يرشح عنها جعلت رئيس المجلس يقول إنّ رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يريد أخذ المنطقة إلى اللاحلول والاستمرار في الحرب بما يؤكّد عدم صدقه في إنجاح أيّ محاولة للتفاوض.

لا لعزل أحد

في اتّصال مع “أساس” أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ موقفه ثابت لا يتغيّر “إذا بدهم حوار أنا جاهز وإذا ما بدهم…”. وعلى الرغم من أنّ فريقاً واحداً يرفض الحوار فإنّ رئيس المجلس “مش مستعدّ يعزل حدا حتى ولو كان شو ما كان” مستنداً في ذلك إلى تجارب الماضي. “بالزمان عزلوا الكتائب أيام موسى الصدر وكان موقفنا ضدّ العزل واليوم نكرّر الموقف ذاته”. ولكن ماذا لو استمرّت المراوحة في الملفّ الرئاسي، يقول الرئيس برّي: “على مهلهم، نحن حريصون على مبدأ الحوار، وأنا أبلغتهم إذا مشينا بالحوار ننتخب رئيساً في غضون عشرة أيام”. يستبشر بالعلاقة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: “ما في تناقضات مع التيار وماشي حالنا”. بالمقابل يقول إنّه لا مسعى جديداً ولا مبادرة جديدة في الوقت الراهن”.

ما لم يقُله بالمباشر قالته كتلة “التنمية والتحرير” في اجتماعها منتقدةً الحملات ضدّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبالقدر الذي دانت فيه “أيّ تطاول أو تجنٍّ أو استخفاف بالمواقع الرئاسية وصلاحيّاتها وأدوارها، فلن تعير أيّ اهتمام لحملات التجنّي والافتراء التي تطاول رئيس المجلس النيابي ودوره وصلاحيّاته، وهي حملات حتماً مكشوفة الأهداف”. وتساءلت الكتلة ونوابها: “لماذا خشية هذا البعض من علّة وجود لبنان وهو الحوار؟ ولماذا تصوير الحوار أو التشاور على أنّه فزّاعة وتجاوز للنظام والدستور؟”.

غمزت كتلة التحرير والتنمية في بيانها من قناة حزب القوات، وإن تجنّبت الإتيان على ذكره، وتمسّكت بالحوار ولو بعد حين. يصرّ رئيس مجلس النواب على أن لا دعوة إلى الحوار في ظلّ غياب أيّ مكوّن أو رفضه المشاركة. موقف مبدئي يتمسّك به صاحب القدرة على امتصاص التشنّجات الداخلية ومواقف البعض وهجومهم على موقع الرئاسة الثانية. في عين التينة يلتقي بري زوّاره، ومعه يكون التداول في آخر مستجدّات الوضع الداخلي. تحتلّ الرئاسة صدارة البحث وكذلك جبهة الجنوب والحرب الإسرائيلية على غزة. اجتمعت كتلة التحرير والتنمية برئاسته وخرجت ببيان سياسي من الطراز الأول، عالي السقف لكن دون أن يدخل في متاهات التسميات والمساجلة التي ينتظرها البعض ليبني عليها ويستثمرها في حساباته المناطقية والحزبية الضيّقة.

حوار لأيّام معدودات

برأي كتلة رئيس المجلس فإنّ “طبيعة التعقيدات والتوازنات في المجلس النيابي والاستعصاء الحاصل يفرضان أن يكون هناك تشاور وحوار جدّيان وسط مناخ منفتح تحت قبّة البرلمان وتحت سقف الدستور لأيام معدودات، ويفضيان إلى توافق على مرشّح أو اثنين أو ثلاثة من أجل انتخاب رئيس للجمهورية”. فهل يعني التوافق على مرشّحَين أو أكثر خروج بري أو الثنائي من أحادية ترشيح سليمان فرنجية والانفتاح على النقاش بشأن أكثر من مرشّح كبادرة حسن نيّة قبل الدعوة إلى الحوار؟ متابعو عين التينة يقولون إنّ موقفاً كهذا لم يتضمّن جديداً وإنّ الخلاف باقٍ على حاله: تريد المعارضة من رئيس المجلس أن يفتح المجلس لجلسات متتالية إلى أن ينتخب رئيس الجمهورية، وترفض حواراً برئاسته، بينما يرفض الثنائي أيّ حوار لا يكون برئاسة بري الذي يرفض أيضاً الدعوة إلى جلسات انتخاب متتالية. وفي رأيه يمكن عقد أربع جلسات يومياً، وإذا فشل النواب في انتخاب الرئيس يقفل محضر الجلسة لاستحالة تعطيل التشريع في المجلس كلّ تلك الفترة.

نطقت الكتلة بلسان رئيسها، واللبيب من الإشارة يفهم ما قالته. يدلّ الكلام على أن لا رئيس في الأفق ولا جلسات انتخاب قريبة ولا حوار بمن حضر وإن كان العدد يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، وأنّ القصّة لا تتّصل بمعارضة فريق للحوار، وإن كانت القوات، بل هو الوضع الإقليمي والدولي الذي يرمي بثقله على ملفّ الرئاسة في لبنان.

غادر معظم سفراء الخماسية البلد في إجازة الصيف. تلملم فرنسا نفسها بعد مخاض انتخابات برلمانها، وتدواي الناس وهي عليلة. تتلهّى الولايات المتحدة بانتخاباتها ومعضلة رئيسها الهرم، فمن أيّ باب سيتسلّل الرئيس في لبنان؟

غادة حلاوي- اساس

مقالات ذات صلة