يحاول كل فريق تحسين موقفه التفاوضي: بري و«الخُماسية» يبطئان إيقاع حركتهما في انتظار نتائج المفاوضات
تشتد الضربات المتبادلة بين إسرائيل و ««حزب الله» تزامنا مع المنسوب الإيجابي المرتفع حول احتمالية التوصل إلى هدنة في غزة.
إلا ان حسابات «جبهة الإسناد» في جنوب لبنان مختلفة، بإصرار كل من الطرفين على تثبيت تسديدة لضربات قوية تجاه الآخر، غالبيتها «تحت الحزام» من قبل إسرائيل، فيما يصر «حزب الله» على امتلاك زمام الأمور بالكامل وضبط إيقاع الجبهة وفقا لروزنامته. وهو قصف أمس الأول قاعدة عسكرية إسرائيلية قرب بحيرة طبرية على مسافة 60 كيلومترا في العمق الإسرائيلي، في رسالة أراد منها التكرار انه قادر على استهداف أي منشأة عسكرية أو حيوية إسرائيلية في البر والبحر (منصات انتاح الغاز الطبيعي) والجو، بالكشف تباعا عن صواريخ أرض ـ جو في حوزته، من دون تأكيد هوية مصنعها.
يرفع «حزب الله» التحدي مع إسرائيل، مؤكدا جهوزيته لحرب طويلة لا تتحملها الدولة العبرية، غير القادرة أصلا على تخطي آثار عملية «طوفان الأقصى» ومفاعيلها، على الرغم من شنها حربا بلا هوادة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي. الا ان «جبهة الإسناد» اللبنانية من قبل «الحزب»، أربكت الحسابات العسكرية الإسرائيلية، في ضوء الفارق الكبير عسكريا بين «حماس» و«حزب الله» الذي يملك قدرات مختلفة وتعزيزات غير محدودة في العديد والعتاد.
توازيا، تشهد الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية إطلاق مواقف من الضفتين. ففيما عاد وزير الدفاع الأسرائيلي يوآف غالانت إلى نغمة التهديد بعدما اقلع عنها عقب زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، قال الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله «ان الوضع مفتوح على كل الاحتمالات».
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «التصعيد في المواقف والعمليات العسكرية هو بمثابة رسائل تواكب المفاوضات التي يتوقع لها ان تحقق نتائج إيجابية لجهة التوصل إلى اتفاق يوقف المعارك في غزة، تمهيدا لتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين. وفي هذا الإطار، يحاول كل فريق تحسين موقفه التفاوضي عند عودة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين. فقد زار غالانت الحدود الشمالية مع لبنان وقال: «اذا وصلنا إلى تسوية تتضمن عودة المختطفين، فهذا لا يلزمنا بوقف النار مع «حزب الله»، الذي بدوره أعطى موقفا ملتبسا حول القرار الذي سيتخذه بعد اتفاق غزة». وأضاف غالانت: «اذا لم يتم وقف لإطلاق النار في شكل نهائي، فإن الامور تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات».
وبين الاندفاع من قبل طرفي النزاع في الجنوب، والمفاوضات الخاصة بوقف النار على مراحل في غزة، تستمر المواجهة المفتوحة في الميدان. رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتخلى عن تفاؤله بالتوصل إلى حل فور انتهاء معارك غزة. وفي هذا الإطار، أكد ان هوكشتاين الذي يقوم بجولة في أوروبا، سيتوجه فورا إلى لبنان عند التوصل إلى وقف للنار في غزة، لاستكمال المفاوضات التي قطعت شوطا بينه وبين رئيس المجلس، وان كان البعض يخشى ان تتم هذه المفاوضات تحت ضغط المعارك بهدف تحسين المكاسب وفرض الحلول.
ويضيف مصدر: «هذه المواقف كلها تأتي في إطار الضغط على المفاوضات».
وترى المصادر ان أجواء التوافق تبقى هي المرجحة نتيجة الزخم الدولي الضاغط لإنجاح المفاوضات، على الرغم من محاولات المماطلة من حكومة نتنياهو لكسب الوقت حتى زيارته إلى الولايات المتحدة في القسم الأخير من الشهر الجاري، الأمر الذي حرك العديد من الدول لإجراء الاتصالات لدفع الأمور نحو تسريع الاتفاق والتهدئة.
توازيا مع المواجهة المفتوحة في جبهة الجنوب والاتصالات الدولية للتهدئة في غزة، يستمر الترقب في المشهد السياسي اللبناني، وخصوصا في الاستحقاق الرئاسي المتعذر إنجازه منذ 31 أكتوبر 2022.
وتبدو خطوات سفراء المجموعة الخماسية الخاصة بلبنان (الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وقطر ومصر والمملكة العربية السعودية)، تسير على إيقاع ما يتناهى اليها من دول الوساطة، حيث تجري المفاوضات بشأن التهدئة في غزة. والشيء عينه في مقر رئاسة مجلس النواب اللبناني في عين التينة، حيث أبطأ الرئيس بري من التحضير للدعوة إلى حوار أو تشاور يصر عليهما قبل الدعوة إلى جلسة جديدة للانتخابات الرئاسية بعد جلسة أخيرة في 14 يونيو 2023. ويتمسك بري بحضور جامع للحوار أو التشاور، وعدم الاكتفاء بحضور ثلثي عدد أعضاء مكونات المجلس النيابي أي 86 نائبا، في ضوء المقاطعة العلنية لحزب «القوات اللبنانية»، الذي يتعاطى مع الموضوع بالرفض الكلي وتحول موقفه «حرفا لا يقرأ».
الانباء الكويتية