حسابات الرئاسة مؤجّلة… وهمّ هوكشتاين في مكان آخر!

في حين تتخبّط فرنسا في أزمة بدأت بوادرها مع الإنتخابات المُبكرة التي رشّحت كفّة اليمين، بما يُنذر بأنّ “العهد الماكروني”سيُواجه تحديّات داخليّة، لكن ذلك لا يحجُب المساعي الفرنسيّة على صعيد الملفّ اللبناني والتي تبلورت بالزيارة التي قام بها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى باريس لتوحيد الجهود التي يُمكن أن ترسم المشهد الحدودي بين لبنان إسرائيل في حال تمّ الوصول إلى إتفّاق في غزة.

حول لقاءات الموفد الأميركي هوكشتاين يُوضح الصحافي المُتخصص بالشأن الأوروبي تمام نور الدين خلال حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونيّة أنّه “لم يتطرّق إلى الملف الرئاسي اللبناني في باريس بل إلى الحرب الدائرة في الجنوب وأكّد أنه سينقل تهديدات إسرائيلية إلى الجانب اللبناني في بيروت، لا أكثر ولا أقل”، مشيراً إلى أنّ “أهم لقاءاته كانت مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في باريس، الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان في الموضوع الرئاسي”.

هل سنشهد إرتفاعا في حدّة التصعيد جنوباً؟ يُجيب نور الدين: “لمعرفة ذلك علينا أنْ نعلم ما يًفكّر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وما الذي تُخطّط له إسرائيل. لا أحد يُمكنه أن يتوّقع حتى في إسرائيل نفسها لا تعلم إلى أين تتجّه الأمور. حتى لو سألنا المقاومة فسيكون جوابها بأن لا يُمكنها التوّقع بما سيحصل”.

وبالإنتقال إلى الحديث عن إنعاكاسات الإنتخابات الفرنسيّة على الملفّ الرئاسي، يُشير نور الدين إلى أنّه “أولّا علينا أن نعلم ما يحصل في فرنسا وكيف ستكون الخريطة لننقل ما الذي سيحصل في الملف الرئاسي. لن يحصل أي طرف على أكثرية النصف زائد واحد، تماماً كما في لبنان، لا أحد يملك الثلثيْن، وللحكم نحتاج إلى النصف زائد واحد. حتى لو حصلت تحالفات لن يصل أي طرف إلى النصف زائد واحد لسبب أن اليمين المتطرّف لن يتحالف مع اليسار، ولا مع كتلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكل الأفرقاء المتبقيّة لن تتحالف، لأن هذا التحالف سيكون هجيناً، لأنهم لا يتشابهون. اليسار لن يتحالف مع ماكرون، وحتى لو قبل قسم معين من اليسار التحالف معه فلن يصلوا إلى النصف زائد واحد”.

 إذاً ووفق ذلك، يرى نور الدين أنّه “لن يحصل أي طرف على هذه النسبة وبالتالي سندخل إلى شلل دستوري وشلل في المؤسسات وبدأ الحديث في الأخبار في فرنسا وكأننا نسمع أخبار لبنان، حيث بدأ الحديث عن الصرف على القاعدة الإثني عشريّة، وعن حكومة تقنيين أي تكنوقراط، وأنّ التعيينات تحتاج إلى توقيعيْن إثنين كي تمرّ، ورئيس الجمهورية لن يُوافق على التوقيع في حال كان اليمين المتطرّف حصل على النصف زائد واحد او شكل حكومة، لن يوّقع رئيس الجمهورية التعيينات التي سيضعها مجلس الوزراء الفرنسي، وفي حال ماكرون إقترح لائحة فإن رئيس الحكومة لن يوقع”.

ويضيف: “هذا الأمر، عندما تكون فرنسا مشلولة في الداخل، ومُنشغلة في مشاكلها الداخلية، بما معناه أنها ستُواجه أزمة إقتصادية في فرنسا لأن المؤسسات المالية التي تعطي علامات للديون، ستخفض علامة فرنسا وسترتفع الأسعار. عندما ستنشغل فرنسا بأزماتها الداخلية يخفّ وهجها على الساحة الدولية. الأجهزة الأمنيّة موحدة وهي اليوم بيد الرئيس، لكن إذا وصل اليمين المتطرف أو كلف الحكومة، ستُصبح المخابرات الداخلية منافسة للمخابرات الخارجيّة وسيصبح هناك حرب أجهزة وهذا سيؤدي إلى فشل على المستوى الأمني في الداخل والخارج لأنهم سيُعرقل أحدهما عمل الآخر. فرنسا ستدخل إلى أزمة دستورية وقد تصل إلى الشارع، بدأت أصوات تتحدّث بأن اليسار بدأ يقول لهم “خذوا الصناديق ونحن نأخذ الشارع”، بمعنى مُمكن أن تحصل تحرّكات في الشارع. السنوات الثلاث المُقبلة ستكون صعبة على فرنسا”.

الإهتمام بالملف الرئاسي اللبناني سيتراجع إذاً؟ يُجيب: “في النهاية فرنسا دولة لديها مؤسسات، لكن وزارة الخارجية المُشرفة على ملفات الدول الأخرى لديها هامش من الحركة، لكن ضعف ماكرون في الداخل والسلطة الموجودة في فرنسا سينعكس على الخارج، أيّ أن في فرنسا هناك أزمة ديمقراطية ستأخذنا إلى أزمة سياسية وستؤدّي في النهاية إلى أزمة نظام. هذا كله يُضعف وهج فرنسا على الساحة الدوليّة”.

وفق كل ما يحصل من تطوّرات أمنيّة إقليميّة، فإن الملفّ الرئاسي سيبقى داخل الثلاجّة إلى حين فك أسر كلمة سرّ الدولية.

الانباء الألكترونية

مقالات ذات صلة