في سلوك “صبياني” متهور: باسيل ينال من المؤسسة العسكرية عبر وزير “دفاعه”
حذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من شغور آخر تبرز مخاطره في لبنان، وهو الشغور الذي سيلحق بالكلية الحربية، للسنة الثانية على التوالي، مبدياً تخوفه من أنه “لن يكون هناك تلامذة طلاب يلتحقون بها، ليكونوا استمرارية للجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك”.
صرخة البطريرك جاءت خلال عظة الأحد، في ظل تفاقم الخلافات المزمنة بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزيف عون التي تعود مفاعيلها الى عهد الرئيس السابق ميشال عون، حين أطاح الرئيس “الفعلي” جبران باسيل العلاقة التي كانت تربط الرئيس بقائد الجيش، وكان هو من سمّاه وعيّنه، وذلك على خلفية رفض الجنرال عون الانصياع لإملاءات باسيل بدءاً بالتعيينات، لتبلغ ذروتها خلال الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول، بحجة “قبة الباط” من الجيش، ما سهّل الحراك الشعبي الذي صبّ غضبه على رئيس الجمهورية و”صهر” العهد المدلل.
ولم تكن إنتهاء ولاية عون الرئاسية كفيلة بتلطيف جو التوتر بين وزير الدفاع (العوني- الباسيلي) وقائد الجيش، اذ ان باسيل يستغل موقع وزير دفاعه لاستهداف الجنرال عون وعرقلة قيادته للجيش، غير آبه للمخاطر التي يمكن أن تنتج عن ذلك السلوك “الصبياني” المتهور على المؤسسة العسكرية، خصوصاً في هذه الظروف التي تواجه فيها البلاد شبح الحرب، الأمر الذي يفرض المزيد من الالتفاف على المؤسسة بدلاً من إضعافها.
وعلى الرغم من أن قيادة الجيش أنجزت في العام الماضي، بعد أربع سنوات من الانقطاع، مباراة الدخول إلى الكلية الحربية، معلنة عن قبول 118 تلميذاً للالتحاق بها، امتنع الوزير سليم عن التوقيع على النتائج، ما حال دون إلتحاقهم بالكلية، ودفع قيادة الجيش الى التحذير من مغبة إقفالها، كاشفة أن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على هيكلية المؤسسة وهرميتها. والخلافات بين سليم وعون لا تزال تتفاقم، ويحكى عن قطيعة فعلية بين الرجلين، منذ تعيين قائد الجيش قائداً للأركان ولم يصادق الوزير على التعيين، على الرغم من صدور مرسوم من الحكومة، (بداعي أن تلك الاختبارات لم تراعِ المعايير المطلوبة وهو ما تنفيه قيادة الجيش).
وسبق أن زعم سليم في تصريح سابق، أنه طرح هذا الموضوع مع قائد الجيش، “الذي شكا لي من تدني المستوى، فاضطرت القيادة إلى خفض العلامات ما أثر على مستوى المرشحين للدخول إلى الكلية الحربية”. وقال: “عندما وافقت على إطلاق دورة الكلية الحربية، وافقت على كل الأرقام التي رفعتها قيادة الجيش، ولكن تبين أن ليس كل الذين تم اختيارهم حازوا في المباراة المستويات التي يجب أن تتوافر في الضباط الذين يتخرجون من الكلية الحربية، وقلت لقائد الجيش إنه لا يجوز قبول ضباط في الجيش نعرف سلفاً أن مستويات بعضهم غير عالية”. وهذا ما دفعه وقتها الى إشتراط توقيع المرسوم، مقابل فتح دورة ثانية، معتبراً أن لا سبب ليرفض قائد الجيش هذا الاقتراح!
تجدر الاشارة في هذا السياق الى أن الذين فازوا بالتصنيف كانوا 118، (وافق عليهم المجلس العسكري، مع مراعاتهم للتوازن الطائفي)، من أصل 173، وهو العدد الذي أجازته القيادة للمقبولين في الدخول الى الكلية الحربية، علماً أن قيادة الجيش كانت أصدرت بياناً شددت فيه على أن “لا مجال للتشكيك في نتائج الكلية الحربية وأنّ اللجنة الفاحصة المؤلفة من ضبّاط أكفّاء اعتمدت أعلى معايير الشفافية والموضوعية والعدالة بما يحفظ حقّ الطلاب الذين فازوا بالمباراة بكفاءة وجدارة”.
ويتساءل المتابعون للملف: إضافة إلى ظلم الفائزين السابقين، ما الذي يضمن في حال فتح دورة ثانية أن يتقدم إليها من يتمتع بالمواصفات التي يحددها الوزير؟ وبالتالي ما الذي يمنع أن تكون النتائج مماثلة؟
من الواضح أن طيف “نرجسية” جبران باسيل لا تزال مخيّمة على وزارة الدفاع، خصوصاً وأن الوزير سليم أسير “الشرنقة الباسيلية”، ولن تصل مناشدة البطريرك إلى آذانه، ما ينعكس بصورة سلبية على المؤسسة العسكرية وعملها في ظل تحديات خطيرة تواجه لبنان، في ظل التصعيد الملحوظ على الحدود الجنوبية، والمخاوف من توسع نطاقه، وتحوله في أي لحظة إلى حرب موسعة وشاملة، على الرغم من أن كل ما يحمله المبعوثون بشأن منع توسع التصعيد يركز بصورة أساسية على دور محوري للجيش اللبناني إلى جانب “اليونيفيل”.
زياد سامي عيتاني- لبنان الكبير