ما الذي يؤخّر سريان المبادرة الاميركية؟
الحركة الديبلوماسية الغربيّة الموازية للمسعى الاميركي، تلاقي رغبة واشنطن بخفض التصعيد ومنع الانزلاق الى حرب واسعة، وفق ما تؤكده لـ«الجمهورية» مصادر ديبلوماسية غربية رفيعة. التي كشفت ما يفيد بأنّ القنوات الديبلوماسية الفرنسية والبريطانية على وجه الخصوص، شهدت كثافة اتصالات ملحوظة مع بيروت وتل ابيب، ورسائل مباشرة بتلافي خيار الحرب، وتقاطعت عند تغليب الحل الديبلوماسي في جنوب لبنان، كنتيجة مباشرة لوقف الحرب في غزة، على النّحو المحدّد في مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وفي تقدير المصادر الديبلوماسية عينها ان لا سقف زمنياً محدداً لبلوغ هذه الغاية، ولكن التعجيل بذلك، متوقّف على نجاح الوساطة المصرية والقطرية مع حركة حماس لِحَملها على الموافقة على المبادرة الاميركية». ولكن عندما تسأل المصادر عن موقف اسرائيل الحقيقي من هذه المبادرة، لا تؤكد او تنفي موافقة اسرائيل على مبادرة الرئيس الاميركي، بل تكتفي بالقول ان واشنطن على تواصل مكثّف مع الاسرائيليين.
غير انّ مصدرا ديبلوماسيا لبنانيا أكد لـ«الجمهورية» انّ كرة الحل في ملعب اسرائيل، والأميركيون راغبون في خفض التصعيد على جبهة الجنوب، كإجراء مساعد لبلوغ حل سياسي في جنوب لبنان، وقد أبلغونا بوضوح بأنّ انتهاء الحرب في غزة يعجّل بالحل السياسي.
وحول التهديدات الاسرائيلية بعمل عسكري ضد لبنان، قال المصدر: الاميركيون قلقون من هذه التهديدات، الا انهم لا يجزمون بوقوعها، بل هم يغلّبون الحل السياسي، وهوكشتاين قال بوضوح ان هذا الحل في متناول اليد، ربطاً بمبادرة بايدن التي يؤكد الاميركيون انها ستجد طريقها الى التطبيق في نهاية الأمر.
ولدى سؤاله: ولكن ما الذي يؤخّر سريان المبادرة الاميركية؟ أجاب المصدر: لم يطرح الاميركيون مبادرة لتسقط، فهم يعوّلون على نجاح الوساطة المصرية والقطرية مع حماس، ولن يفشلوا في حمل حكومة نتنياهو على تليين موقفها والانخراط بمسار الحل التي ترى واشنطن انّ فيه مصلحة لإسرائيل، والضغط الاميركي واضح في هذا الاتجاه. وتِبعاً لذلك، اعتقد انّ الصورة ستتبلور ضمن حدود زمنية لا يفترض انها بعيدة.
وخَلُص المصدر الى القول: قد تبدو حركة «حماس» متصلّبة حيال المبادرة الاميركية، لكن هذا امر مبرر في موازاة التصلب الاسرائيلي وعدم تجاوب نتنياهو وحكومته المتطرفة مع الجهود الرامية الى وقف الحرب. ولعل هذا الامر واحد من الاسباب الخفية الكامنة خلف احتدام الكباش بين ادارة بايدن ونتنياهو، الذي يتهمه مسؤولون كبار في الادارة الاميركية بأنه يمارس عملية ابتزاز علنية للرئيس بايدن على باب الانتخابات الرئاسية.
وكانت صحيفة «اسرائيل هيوم» قد كشفت، في تقرير امس، انّ رئيس الوزراء الاسرائيلي حذّر المسؤولين الأميركيين من «أن إعاقة إرسال الأسلحة لإسرائيل لن يؤدي الا الى تقريب الحرب الشاملة مع «حزب الله». واشارت الصحيفة الى «أن التحذير الخطير الذي أطلقه نتنياهو جاء في محادثات مغلقة مع كبار مسؤولي الإدارة بشأن حرب محتملة في لبنان، وكذلك أسباب الضغوط غير المسبوقة التي يمارسها نتنياهو على الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته».