ضربة قاسية: تهديد نصرالله لقبرص يرتدّ على “اللادولة” الساكتة!
سدّد الهجوم التهديدي الذي شنّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير ضد قبرص، ضربة قاسية، ليس للعلاقات الراسخة المميزة اللبنانية مع إحدى اقرب وأوثق الدول المجاورة للبنان، بل لـ”اللادولة” اللبنانية التي بدت في أشدّ حالات إنكشافها وإحراجها وإرباكها الى حدود “تعذر” بل استحالة صدور بيان إدانة او إستنكار أو تبرؤ رسمي من هجوم نصرالله عن أي مسؤول لبناني رسمي.
غاب الرد الرسمي العلني طوال ساعات، فيما كان يتفاعل التهديد لقبرص “بأننا سنتعاطى معها على أنها جزء من الحرب إذا أقدمت على فتح مطاراتها لإسرائيل” كما حذر نصرالله، إلى أن تم توزيع نبأ اتصال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب بنظيره القبرصي كونستانستينوس كومبوس، فيما افادت معلومات عن اتصال صباحي كان أجراه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالرئيس القبرصي واتفقا على “معالجة الموضوع بهدوء ومن دون ضجيج إعلامي وعدم تضخيم الموضوع”.
ولكن عدم صدور رد فعل رسمي علني، رسم معالم انكشاف متجدد للحكومة والدولة والديبلوماسية اللبنانية لكون تداعيات التهديد بدأت تلامس ردود فعل لم تتبلور تماماً بعد، لكنها تنذر بتداعيات ديبلوماسية أولاً وأمنية ثانياً، علماً أن هذه القضية لن تقف حدودها عند قبرص بل ستتمدد إلى الاتحاد الأوروبي كلاً، خصوصاً وأن الرد القبرصي على تهديدات نصرالله كان قاطعاً لجهة نفي الحكومة القبرصية بأنه لن يتم منح أي دولة الاذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص. وما بدا لافتاً في الترددات السلبية لهذا التطور أن “اللادولة” لم تغب فقط عن اهتزاز خطير يهدد علاقات لبنان الوثيقة بدولة لها هذا الموقع الجغرافي والاستراتيجي الحيوي للغاية بالنسبة إلى لبنان، بل “اختفت” أيضاً لجهة التعامل مع جوانب شديدة الخطورة تناولها السيد نصرالله في خطابه لجهة حديثه عن الحرب والاستعدادات لها وكأن لا دولة في لبنان معنية بكل ما أطلقه من مواقف.
واقتصر تعامل الحكومة مع تهديد نصرالله بمحاولات الاحتواء الشكلية إذ أجرى الوزير بوحبيب اتصالاً بوزير الخارجية القبرصي “وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة”. وأُفيد أن الوزير القبرصي أكد مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص أول من أمس من أن “بلاده تأمل في أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة”، وشدد على “أن قبرص ليست في وارد التورط بأي شكل في الحرب الدائرة في المنطقة”، كما أوضح أن قرار اقفال السفارة القبرصية أبوابها أمس ليوم واحد كان محدداً مسبقا لأسباب ادارية تتعلق بنظام التأشيرات وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءاً من اليوم.
وبعد المعلومات التي فسرت إقفال سفارة قبرص في لبنان أمس أبوابها كرد فعل على كلام نصرالله، أعلنت السفارة القبرصية في بيان أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 حزيران (يونيو) 2024.
كما أصدرت وزارة الخارجية بياناً شددت فيه على “أن العلاقات اللبنانية – القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الديبلوماسي وأن التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على أعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة”.
ولكن تقارير إعلامية أفادت أن بريطانيا وأميركا وإسرائيل بالتعاون مع قبرص تجري مسحاً شاملاً للبنانيين في الجزيرة “وسيتم التعامل مع مرتبطين بـ”حزب الله” في قبرص كإرهابيين”. كذلك أشارت إلى معلومات توافرت عن نية “حزب الله” استهداف مصالح بريطانية وأميركية وإسرائيلية في قبرص منذ شهرين.
ردود داخلية
وأثار هجوم نصرالله على قبرص ردوداً داخلية سلبية كان أبرزها لرئيس #الحزب التقدمي الاشتراكي السابق #وليد جنبلاط الذي كتب عبر منصة “إكس”: “في أيام الحرب الباردة توصّل الفرقاء من الجانبين إلى مفهوم التدمير الذاتي المشترك Mutual Assured Destructionأي استحالة الفوز لأي فريق فقط نهاية البشرية. ملاحظة، قبرص كانت ملجأً للبنانيين على مدى عقود أيام المحن”.
بدوره أكد النائب في كتلة “الجمهورية القوية “غسان حاصباني أن تهديد نصرالله لقبرص “ليس فقط مُحرجاً بل هو خطير جداً، لأن هذا “الحزب” كان سابقاً هدّد دول الخليج الشقيقة وأدخل لبنان في عزلة وهو اليوم يوسّع هذا التهديد ليشمل عبر قبرص تهديد الاتحاد الاوروبي لأنها عضو فيه. وهذا يشكل خطراً على لبنان كدولة ويضعه في عزلة عن العالم”.
واصدرت “مجموعة من الناشطين السياسيين” المعارضين البيان رقم 1 “على أن تتبعه في الايام المقبلة بيانات أخرى اعتبرت فيه “أن ما قام به “حزب الله” يُضرّ بمصالح لبنان واللبنانيين ضارباً عرض الحائط الدستور عندما هدّد دولة شقيقة يعتبرها العالم البوابة الشرقية لأوروبا والنافذة الوحيدة نحو الغرب”، وشددت على “أن في لبنان خياراً لبنانياً يرفض سلوك “حزب الله” شكلاً ومضموناً. وحرصاً على مصالح وعلاقات لبنان نُطالب الحكومة ومجلس النواب رئاسة وهيئة عامة بالخروج من دائرة الإستقالة عن دورهم والتحرّك بشكل سريع وفعّال رفضاً لما قاله نصرالله ودفاعاً عن مصالح ملايين اللبنانيين”.
وساطة بريطانية
اما في ما يتصل بالوضع المتفجر في الجنوب، فاعلن المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي مساء أمس أنه تلقى اتصالاً من وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أبدى فيه الأخير استعداد بلاده للقيام بأي اتصالات ومساعٍ لتخفيف حدة التوتر في جنوب لبنان وتثبيت الهدوء والأمن والاستقرار.
وأفادت محطة “سي أن أن” الأميركية أن إسرائيل أبلغت واشنطن استعدادها لتوغل بري وهجوم جوي على لبنان، ونقلت عن مسؤول أميركي رفيع قوله، إن احتمال حرب بين إسرائيل و”حزب الله” يتزايد مع تلاشي فرص التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و”حماس”.
وفي زيارتها الأولى لمقرّ قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (#اليونيفيل) في الناقورة، التقت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو وقوّات حفظ السلام التابعة لليونيفيل المنتشرة في جنوب لبنان. وقالت: “تهدف جهودنا المشتركة إلى استعادة الاستقرار على طول الخط الأزرق بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من التبادل الكثيف الذي أدّى إلى تعطيل حياة عشرات الآلاف على كلا الجانبين. من الضروري لجميع الأطراف وقف تبادل اطلاق النار والالتزام بحلول مستدامة تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 1701”. وأشادت بقيادة اليونيفيل وتفاني حفظة السلام التابعين لها، المتواجدين دائماً على الأرض ويواصلون دوريّاتهم في منطقة جنوب نهر الليطاني رغم الظروف الصعبة والخطيرة.
النهار