غزة تصرخ كفى وتفرمل السنوار.. “وإخوان لبنان” من ساكني المنازل المكيّفة بإمرة إيران!
بعد ثمانية أشهر على طوفان السنوار وزلزال حماسه، غزة تصرخ كفى، فيما يتسابق بقايا الأخوان المسلمين في لبنان من ساكني المنازل المكيّفة ومستخدمي السيارات الفارهة، للمفاخرة بالمشاركة بحرب قتلت وأعاقت ودمرت حتى أوائل حزيران الحالي 444 قتيلاً في جنوب لبنان وهدمت أكثر من 700 منزل وأنزلت أضراراً بأكثر من 10 آلاف منزل وهجّرت عشرات الآلاف…
حركة حماس انتهت بعد اغتيال مؤسسيها الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي بغارتين إسرائيليتين في غزة بفارق أقل من شهر في 22 آذار و 17 نيسان العام 2004.
وبعد سنتين وتحديداً في شهر آذار العام 2006 ألّف إسماعيل هنية أولى حكوماته وخص محمود الزهار، مهندس التبعية لإيران، بحقيبة وزير الخارجية.
تعرفت إلى طبيب الأطفال الرنتيسي لدى وصوله مع 414 شخصاً من أعضاء حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى ما عرف لاحقاً بزسم مخيم مبعدي فلسطين بسهل البقاع ليل 17 كانون الأول 1992.
كنت ضمن أول مجموعة من مراسلي وكالات الأنباء العالمية التي انتظرت وصول المبعدين في تلك الليلة المثلجة شمالي ما كان يعرف بالحزام الأمني الذي أدارته إسرائيل عبر ميليشيا جيش لبنان الجنوبي.
وصل الحشد مشياً في تلك الليلة العاصفة المثلجة، تقدمنا من الحشد وكان كل واحد من المبعدين يمسك بيده ورقة 20 دولاراً قالوا إنّ سلطات الإبعاد أعطتهم إياها بعدما أنزلتهم من حافلاتها وفكت قيودهم في الحزام الأمني وأمرتهم بالتوجه شمالاً… إلى لبنان غير المحتل.
خاطبني أحد المبعدين سائلاً: هل توجد بلدة قريبة؟
أبلغته أن شتورة هي أقرب بلدة وتبعد بالسيارة ساعة ونصف إذا كان الثلج كثيفاً.
سألني إذا كنت أذهب إلى شتورة وأعود في الصباح، وعرض علي الـ 20 دولاراً التي معه لأشتري له جهاز راديو.
أعطيته الترانزيستور الذي كان معي ورفضت العشرين دولاراً وسألته عن اسمه.
إستعار دفتر ملاحظاتي وقلمي وكتب د. عبد العزيز الرنتيسي. طبيب أطفال. ثم سألني عن اسمي.
في الصباح التالي أحضرت له معي دفترين وقلمين و”شوية مناقيش” وكانوا قد نصبوا خيامهم التي أمّنتها لهم الأونروا.
وجدته يغادر إحدى الخيم ويتوجه إلى بركة صغيرة بين الصخور مغطاة بطبقة من الجليد. كسر الجليد بيده وبدأ يتوضأ وهو ينادي “صلاة … صلاة”.
بعد الصلاة أعطيته ما أحضرت له، وقال لي أنّ الأونروا تؤمن الغذاء وكل المستلزمات وشكرني على إهتمامي وبعد فترة صرت أتردد إليه في ما عرف بخيمة غزة، في مخيم مرج الزهور.
نمت صداقة وإحترام بيننا وقال لي يوماً: “يا أستاذ حاسب، خود بالك، من ذلك الطبيب الذي يريد أن يعطي محاضرات إسلامية.” وأشار إليه بهز رأسه.
لم يسهب في الشرح لكن تذكرت ذلك الطبيب المهتم بالمحاضرات الإسلامية عندما ألف إسماعيل هنية حكومته الموالية لإيران وخص الدكتور محمود الزهار بحقيبة وزارة الخارجية.
في نهاية مقابلة أجرتها معه فضائية الجزيرة القطرية سنة 2022، سئل الزهار:
-“ماذا تعني لك المفردات التالية؟
“وعد الآخرة”؟
-*- اليوم الإلهي الموعود، وأراه قريباً، بزوال إسرائيل، لا أستطيع تحديد الوقت ولكن الظروف مؤاتية لذلك وهذا زمانه.”
“الوحدة الوطنية”؟
-*- لا تعني لي شيئًا إن لم يكن برنامج الوحدة هو الكتاب والسنة.”
“منظمة التحرير”؟
-*- لا يمكن إصلاحها، وارتكبت جريمة لا يغفرها التاريخ باعترافها بدولة الكيان.”
“حماس”؟
-*- ترجمة واقعية للقرآن والسنة.
“المقاومة”؟
-*- فكرة وعقيدة وإيمان.
“غزة”؟
-*- عزة وكرامة، وهي مسقط رأسي وأبي وجدي.”
غزة، التي قال الزهار عنها إنها عزة وكرامة، صار شعبها يقول له ولسنواره وحماسه إنّ “البطولة هي المسؤولية والمحافظة على بقاء شعبك حين يكون الهدف إفناء شعبك.”
الكاتب والمحلل السياسي والموجه الغزاوي أحمد أبو أرتيمة، الذي فقد ولده عبد الله إبن الـ 13 ربيعاً بغارة إسرائيلية على منزل العائلة ذكر أنّ 15 ألف أب لم يحتفلوا بعيد الأب هذه السنة في غزة لأنّ إسرائيل قتلت أولادهم.
وكتب أبو أرتيمة على موقعه في 11 حزيران الساعة 18:37
“البطولة التي أعرفها لا تعني سوى شيء واحد،
“الواقعية في فهم قدراتك والظروف المحيطة، والمحافظة على بقاء شعبك في مواجهة خطة إبادته، وعدم تحميل الناس أكثر مما يطيقون.
“وحين تتورط في مواجهة غير متكافئة، فالخروج بأقلّ الخسائر، وما يبدو استسلاماً أحياناً، هو ذروة البطولة إن كان منطلقاً من الإحساس بمأساة الناس، والحرص على إيقاف نزيفهم.
“البطولة ليست عناداً، ولا تجاهلاً لمعطيات الواقع، واختلال موازين القوى..
“البطولة هي المسؤولية، والمحافظة على بقاء شعبك، حين يكون الهدف إفناء شعبك.”
بعد ثمانية أشهر على طوفان السنوار وزلزال حماسه، غزة تصرخ كفى، فيما يتسابق بقايا الإخوان المسلمين في لبنان من ساكني المنازل المكيّفة ومستخدمي السيارات الفارهة، للمفاخرة بالمشاركة بحرب قتلت وأعاقت ودمرت حتى أوائل حزيران الحالي 444 قتيلاً في جنوب لبنان وهدمت أكثر من 700 منزل وأنزلت أضراراً بأكثر من 10 آلاف منزل وهجّرت عشرات الآلاف.
النائب السابق خالد الضاهر، المعروف بتحدره من تنظيم الإخوان المسلمين، يخلط بين غزة وحركة السنوار ويتهم الدول العربية بالتخلي عن غزة ويعلن في مقابلة تلفزيونية بثت قبل نحو أسبوع استعداده للقتال من جنوب لبنان حيث لا يجرؤ أحد على حمل بندقية إلا بأمر من حزب إيران وتحت إشرافه.
الضاهر قال لتلفزيون سوريا (غير المتحدث باسم نظام الأسد) إنّ العرب “مجرمون” وأعلن عن استعداده للقتال مع حزب إيران من جنوب لبنان.
نسي الضاهر، أو تناسى، أو لا يريد أن يتذكر، أنّ حزب إيران غزا بيروت الغربية ذات الغالبية السكانية المسلمة السنية في 7 أيار العام 2008 وقتل من قتل، واستباح ما استباح، تحت عنوان “السلاح دفاعاً عن السلاح”، في إشارة إلى شبكة اتصالاته وكاميرات المراقبة التي يُزعم أنه كان يستخدمها لرصد الحركة عبر مطار رفيق الحريري الدولي، وبقية المعابر الحدودية البرية والبحرية، كما رصد الإتصالات الهاتفية لنواب وشخصيات حركة 14 آذار السيادية الذين اغتيل العديد منهم تفجيراً.
ونسي الضاهر، أو تناسى، أو لا يريد أن يتذكر، أنّ الناشط في حزب إيران المدعو محمد يوسف أحمد منصور، وهو شيعي من جنوب لبنان، كان قد دخل جمهورية مصر العربية بجواز سفر لبناني “أصلي”، جميع مكوناته مزورة، إضافة إلى الشخص الذي استلمه باسم مواطن بيروتي سني هو سامي شهاب، اتهمته مصر بممارسة الإرهاب، وقررت سجنه 17 سنة لم يكن قد أمضى منها أكثر من سنتين، عندما اقتحمت حماس السجن سنة 2011 وأطلقت سراحه وزودته بجواز سفر سوري حصلت عليه من مخابرات الأسد، إستخدمه لدخول السودان براً ومنها إلى سوريا ولبنان حيث أقيم له إستقبال حاشد.
وما زال منصور طليقاً، ولم تحاول منظومة السلطة اللبنانية السؤال عن عنوانه وإمكانية التحقيق معه، مع أن مصر كانت قد عممت مذكرة توقيف دولية بحقه.
وما زال منصور محكوماً بالسجن في مصر، أما في لبنان فلا داعي للسؤال عن مصيره، لأنه يعتقد أنّ منظومات السلطة المتعاقبة لم تحاول حتى أن تسأل عن عنوانه.
التناسي هو الأسلوب اللبناني المتعارف عليه، لتجاوز المآزق والإهانات، لكن جديد اللبنانيين، أو بعضهم على الأقل، هو ليس فقط تناسي الإهانة بل تجاوزها والتحالف مع من كان قد أهانك، ويسمونه براغماتية، أو “النفعية” باللغة العربية، بمعنى المصلحة بالعامية، فمن لا مصلحة له معك لا يرد لك السلام، ومن تقوده مصلحته إليك يقبّل يدك حتى لو بصقت في وجهه.
محمد سلام- هنا لبنان