“حزب الله” وإسرائيل: هل تنشب الحرب الشاملة.. من سيرتكب خطأً مميتا؟

الفارق بين القوتين هو أن باستطاعة إسرائيل أن تقتل "حزب الله" أكثر؟

طرح تأزّم الاحتدام الحربي بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” علامات استفهام بارزة في الداخل اللبناني، حول ما إذا كانت الحرب الشاملة تدنو أكثر في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية الأشدّ ضراوة، والتي تستهدف مقاتلين أساسيين في “حزب الله”، في موازاة تسريع هذا الأخير إطلاق صواريخه نحو المستوطنات الإسرائيلية.

وكان قادة في الجيش الإسرائيلي قد أصدروا توصية حديثة خلال اجتماع لمجلس الحرب الإسرائيلي قبيل حلّه، بإنهاء العمليات العسكرية في رفح سريعاً للتفرّغ للجبهة مع لبنان، رغم أن ذلك لا يلغي محاولات التوصل إلى اتفاق ديبلوماسي يُنهي القتال على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. وينتظر الجيش الإسرائيلي قرار القيادة السياسية بشأن الأوضاع مع لبنان، لكن تحضيراته الحربية على حالها لحرب شاملة.

فهل بدأت تخرج المناوشات الحربية بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي عن السيطرة، بعد التأجج الأكثر تفاقماً في الأيام الماضية؟ وهل هناك خشية فعلية من حرب شاملة؟ وماذا عن حثّ قادة إسرائيليين على الإسراع لإنهاء العملية العسكرية في رفح، والتفرّغ للجبهة مع لبنان؟

خطأ مميت
يقول الخبير العسكري العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ “النهار العربي”: “نحن أقرب ما يمكن من الانزلاق إلى الحرب، والمؤشر الأكبر على ذلك هو الموقف الأميركي في إيفاد كبير مستشاري الرئاسة الأميركية آموس هوكشتاين إلى المنطقة لتدارك الموقف. فقد بدأ الانزلاق إلى الحرب أكثر، والضوابط السابقة كلها لم تعد كافية، فيما الخشية من دخول إيران في المعارك القتالية للدفاع عن “حزب الله” قائمة، ما يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة قد تستدعي تدخّلاً أميركياً لحماية إسرائيل، مع الإشارة إلى أن واشنطن لا تسعى إلى الحرب وكذلك تل أبيب و”حزب الله”، لكن تفاقم الأوضاع قد يدفع نحو الحرب الشاملة، إن ارتكبت جهة معينة خطأً حربياً”.

من جانبه، لا يردّ العميد المتقاعد يعرب صخر مسألة التصعيد إلى أن القتال بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي يخرج عن السيطرة، “لكن قواعد الاشتباك السابقة، التي كانت مضبوطة بعناية بين الفريقين، تنحو الآن في اتجاه تصعيد مضبوط، وسط عاملين أساسيين: إسرائيل ارتاحت في غزة وحقّقت أغراضها ميدانياً وعسكرياً تقريباً، فيما تبقى الأهداف السياسية والجيوسياسية وضرورة التفاوض لإعادة الأسرى ومبادرة الرئيس جو بايدن للسلام، والعامل الثاني هو تنفيذ المسيّرات الإسرائيلية عمليات نوعية في اصطياد أهداف قيادية أساسية في ’حزب الله‘”، كما يقول لـ”النهار العربي”.

من يقرّر؟
انطلاقاً من مواكبته التطورات العسكرية إقليمياً، يضيف عبد القادر، أن في إسرائيل، كما في كل الدول التي فيها حكومات فاعلة، القرار سياسي بامتياز، ومن يقود النتائج ويتحمّلها هي القيادة السياسية، “لكن في إسرائيل أيضاً مجلس وزراء مصغّر، يتخذ القرارات مستنداً إلى تمثيله الشعبي والبرلماني”.

وبحسبه، ليس القرار في خوض حرب موسعة موجوداً لدى قيادة “حزب الله”، فإيران هي من تقرّر، وإن وصلت الأمور لاحقاً إلى ذروتها، “فالقرار لن يُتخذ في لبنان إنما في إيران التي لن تضحّي في استثمارها بـ”حزب الله” زمنياً ومادياً، وهو من أدّى دوراً إقليمياً إيرانياً في المنطقة، واستطاعت طهران البناء عليه لتشكيل مجموعات مماثلة له في العراق واليمن”.

يرى صخر أن وضع غزة استتبّ اليوم لصالح إسرائيل، التي تريد الانصراف إلى الجبهة الأخرى، “فهذه الحكومة في تل أبيب تعيش على الحرب، لكن يبقى الموقف الأميركي الذي يكبح جماح تل أبيب هو ما يمنع تصعيد الأوضاع في الشرق الأوسط، “فإذا اتّسعت النيران لتعمّ الجبهة مع لبنان، فقد تنتقل إلى جبهات أخرى”، متوقّعاً ألّا يخرج التصعيد مهما احتد عن السيطرة، ضمن حسابات عسكرية وسياسية دقيقة.

من يقتل أكثر!
لكن، ماذا يحكم هذه الحسابات الدقيقة؟ يؤكّد عبد القادر وجود حالة من الرعب المتبادل بين إسرائيل و”حزب الله”. يقول: “في استطاعة ’الحزب‘ أن يضرب أهدافاً أساسية في الداخل الإسرائيلي، وهذا ما تخشاه تل أبيب، رغم أن القدرات الإسرائيلية التدميرية تفوق قدراته”. ويرى هذا الخبير العسكري أن الفارق بين القوتين هو أن باستطاعة إسرائيل أن تقتل “حزب الله” أكثر.

يضيف عبد القادر: “الفِرق القتالية التابعة لدول خارجية تفتقد التنظيم والطرق اللازمة للقيام بما يسمّى نظريات الحرب وحسابات الربح والخسارة، لكن إسرائيل قادرة بما تملكه من منظّرين وقادة عسكريين أن تحسب نظريات الربح والخسارة التي لا يستطيعها ’حزب الله‘. ونحن ننتظر ماذا سيحصل ومدى إمكان التصعيد، وإن كان ’حزب الله‘ قادراً على إلحاق الضرر بإسرائيل، فإنها قادرة على أن تجعل الحياة في بيروت غير ممكنة”.

مجد بو مجاهد- النهار العربي

مقالات ذات صلة