قبول التشاور إلى اتساع.. و”القوات” لم تبدّل موقفها!
تسير البلاد بعد عطلة عيد الأضحى المبارك في اتجاه الحوار، وإن كان ناقصا في ضوء غياب حزب «القوات اللبنانية» حتى الآن عن القبول بالحوار أو التشاور الذي دعا إليه منذ فترة طويلة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
في حين شجع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأفرقاء السياسيين في البلاد، على الحوار والتشاور، واستهل جلسة مجلس الوزراء في السرايا أمس بالقول: «سنة مرت على آخر جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا نزال نتناقش حول نوع الحوار وأشكاله. وهناك شبه إجماع على أن الحوار هو الأساس لإيجاد الطريق السليم من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة الاستقرار والانتظام إلى المؤسسات الدستورية.
أكرر الإلحاح والإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأدعو جميع الأفرقاء لأن نفكر معا ونتحاور ونتعاضد لإنقاذ وطننا من التحديات والأخطار التي تتهددنا جميعا. ونحيي كل المبادرات التي تقام في هذا الصدد ونقدرها، ونتمنى أن تكون مكللة بالنجاح».
في المقابل، شكلت زيارة وفد حزب «الكتائب» إلى عين التينة أمس الأول ولقاء رئيس المجلس نبيه بري إشارة إيجابية وصفت بالأهم وسط حال المراوحة التي تعيشها الساحة رغم حركة المبادرات التي كشفت اتساع الهوة وعجزها عن إحداث أي تغيير.
ففي مستهل اللقاء سأل نائب رئيس الحزب النائب سليم الصايغ الرئيس بري: «كيف صحتك دولة الرئيس؟»، ورد بري: «صحتي منيحة بس صحة البلد مش منيحة». وصمت بري قليلا ثم كرر مرتين إضافيتين: «يا سليم صحة البلد مش منيحة».
ووصف مصدر مقرب من عين التينة زيارة وفد «الكتائب» بـ«أكثر من إيجابية». وذكر أن البحث «كان جديا وفي العمق». ورغم غياب التصريحات، أوضح عضو الوفد النائب الصايغ «أن الكتائب ليست بحاجة لوسيط للتحدث مع رئيس المجلس أو مع أي كتلة نيابية أخرى، وأن قنوات الاتصال مفتوحة».
وقال مصدر لـ «الأنباء»: «هذه المشاورات قد تتطور أكثر»، مشيرا إلى أن التحول أو الليونة في موقف «الكتائب» بدا واضحا بعد زيارة وفد «اللقاء الديموقراطي» إلى بيت «الكتائب المركزي» والمواقف التي صدرت عنه.
وأضاف: «جاء تحرك اللقاء الديموقراطي بعد استشعار الحزب التقدمي الاشتراكي الأخطار المحدقة بالبلد نتيجة غياب أي أفق للحل مع استمرار الحرب على الحدود، وبهدف السعي إلى تهيئة أرضية مشتركة لمواجهة التحديات».
وأضاف المصدر: «كذلك جاء تحرك التيار الوطني الحر كمبادرة غير مكتملة وببنود يصعب تنفيذها. وقد أبعد رئيس التيار النائب جبران باسيل عنه تهمة العمل على عزل القوات اللبنانية، بالقول: لا أحد يستطيع أن يقصي أحدا أو يعزله».
وتابع المصدر لـ«الأنباء»: «إن الجمود السياسي الذي يلف الساحة سببه غياب المبادرات الدولية الجدية من جهة، وتمسك كل فريق بموقفه في انتظار ما ستؤول اليه المعارك على الحدود، والتداعيات التي ستنتج عنها من جهة ثانية».
في حين أكد مصدر نيابي بيروتي لـ «الأنباء»، أن المبادرة الخارجية التي قامت بها دول اللجنة الخماسية «تتكامل وتتقاطع مع مبادرات الداخل من تكتل الاعتدال الوطني إلى كتلة اللقاء الديمقراطي وصولا إلى سعي النائب جبران باسيل لإنجاز الملف الرئاسي، وهي إيجابية وتصب في مصلحة لبنان واللبنانيين. وقد وضعت أرضية متينة لحلحلة بعض العقد الداخلية التي تواجه عقد جلسة حوار أو تشاور، على جدول أعمالها بند وحيد هو انتخاب رئيس للجمهورية».
وشدد المصدر على «أن المحاولات التي بذلت في هذا الاطار ينبغي أن تكون لها ترجمة فعلية على الأرض، وأولها الثقة بين القوى السياسية اللبنانية، ليبنى على الشيء مقتضاه. ولاتزال هناك أزمة ثقة وهواجس لدى البعض، ينبغي أن تتبدد لإطلاق عجلة السير بالحوار المنتظر».
واعتبر «أن أي مشكلة في البلد تستدعي حوارا يشكل مظلة وطنية في تحديد مسار الأمور. لكن هناك من يحاول أن يشيطن الحوار ويعرقله لمآرب سياسية وربما شخصانية، مما يعطل الدولة وأجهزتها في تسيير أمور مواطنيها».
واعتبر المصدر «أن المشهد التحاوري أو التشاوري لا يزال ضبابيا، رغم كل المساعي الخيرة التي بذلت في سبيل جمع الشمل.
وتبقى كلمة الفصل في الدعوة إلى الحوار بموافقة أغلبية الكتل النيابية للبدء بالخطوة الأولى في التشاور حول الإسراع في انتخاب رئيس جامع للبلاد، ثم تشكيل حكومة قادرة على إخراج لبنان مما هو فيه من عذابات وأزمات تنعكس سلبا على حياة المواطنين جميعهم».
في المواقف أيضا، جدد رئيس حزب «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع موقفه من ضرورة ضبط اللجوء السوري خصوصا غير الشرعي منه في لبنان.
ووجه كتابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سلمه إلى المنسقة الخاصة للمنظمة الدولية في لبنان جينين هينيس – بلاسخارت التي زارته في مقر الحزب بمعراب في كسروان.
وتضمن الكتاب «كيفية تعاطي المكتب الإقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيروت».
وفيما الساحة السياسية الداخلية يلفها الجمود ولا تحمل أي جديد، فإن «جبهة الحدود» تتطور يوميا وسط تزايد التحذيرات والخشية من تفلت الأمور نتيجة التهديدات الإسرائيلية اليومية التي يعزوها خبراء إلى أنها نتيجة للضغوط التي يمارسها المستوطنون والتململ العسكري والسياسي الإسرائيلي العام، بعد ثمانية أشهر من الحرب دون تحقيق إنجازات ملموسة، على أي من الجبهتين سواء في لبنان أو في غزة.
وأشار مصدر قريب من «الممانعة»، إلى ان «الولايات المتحدة تضغط لتجنب أي تصعيد، وفي الوقت نفسه فإن إسرائيل تدرك أنها لا تستطيع أن تخوض أي حرب شاملة مع لبنان من دون موافقة كلية من واشنطن، التي ستصبح طرفا فيها، فيما لو أدت تداعياتها إلى حرب إقليمية».
ميدانيا، شنت إسرائيل غارة عنيفة على قرية جناتا بمنطقة صور، ما أدى إلى مقتل سيدتين وإصابة نحو 30 من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال وقد عرضت صورهم في المستشفيات التي وجهت نداءات إلى التبرع بالدم.
ولليوم الثالث على التوالي، واصل «حزب الله» إشعال منطقة شمال إسرائيل والجولان السوري المحتل بقصف استهدف مراكز عسكرية استراتيجية، مع تنويع الأسلحة المستخدمة في الحرب، إضافة إلى أسراب من المسيرات لضرب المواقع الحيوية العسكرية الإسرائيلية. فيما حافظت الغارات الإسرائيلية على روتينها اليومي الذي سارت عليه منذ بدء الحرب.
وقال مصدر لـ «الأنباء»: «إن تصعيد حزب الله وإن كان يحرص كما إسرائيل ايضا، على عدم الذهاب إلى توسيع الحرب، انما يعكس الرد على الغارة الأخيرة على بلدة جويا، والتي قضى فيها أربعة من المسؤولين الأمنيين بالحزب».
الأنباء الكويتية