إنهاء “رفح” للتفرّغ للبنان: كيف يُقرأ هذا الكلام؟
بعد اغتيال القادة الأربعة في جويا أشعل حزب الله شمال فلسطين المحتلة ليومين متتاليين، ما جعل الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن “جنون” حزب الله وتغييره لقواعد اللعبة، ولكن البادىء أظلم، ومن صعّد من خلال الاغتيال هو الإسرائيلي، وبالتالي ليس صحيحاً ان حزب الله قرر التصعيد في المواجهات، كما أن العدو الإسرائيلي، هو أيضاً من صعّد من خلال الرد بعملية جنّاتا.
بحسب مصادر مطلعة على ما يجري جنوباً فإن الضربة الإسرائيلية في جناتا مساء الخميس كانت تصعيداً نارياً كبيراً استُعلمت فيها صواريخ من العيار الثقيل، حيث كان مقصوداً إحداث هذا الحجم من التدمير لأن الرسالة الأساسية الاسرائيلية كانت في “شكل الضربة”.
تؤكد المصادر أن المبنى الذي كان فارغاً تم تدميره بالكامل، مشيرة الى أن الإسرائيلي يقول من خلال الضربة أنه مستعد لتغيير قواعد ضرباته التي كانت بأغلبها تقتصر على صواريخ المسيرات في الأماكن المأهولة بالسكان، ولكنه مستعد للتصعيد من خلال نوعية الصواريخ وحجم رأسها المتفجر، وأنه تقصد استهداف مبنى فارغ هذه المرة، مشددة على أن الرسالة وصلت وسيُقابلها الرد المناسب قريباً، وهنا أصل التصعيد الذي سيكون متوقعاً في الأيام المقبلة.
الى جانب عملية جناتا كان لافتاً حديث لمسؤول اسرائيلي كما تسريبات إعلامية عن توصية الجيش الاسرائيلي للمستوى السياسي بإنهاء عملية رفح للتفرغ للجبهة الشمالية في لبنان، فكيف يُقرأ هذا الكلام في لبنان؟
من حيث المبدأ، كل النقاشات الاسرائيلية تصب في إطار أن الذهاب إلى عملية عسكرية في لبنان يتطلب أولاً الانتهاء من الحرب في قطاع غزة أو على الأقل تراجع حدة المواجهات هناك، بالرغم من التصعيد الحاصل على الجبهة الجنوبية، نظراً إلى أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على الذهاب إلى معركة على الجبهتين بشكل موسع.
ولكن هناك بحسب المصادر قراءة لهذا الأمر، مغايرة لفكرة توجه “اسرائيل” الى الحرب مع لبنان، مفادها أن الجيش الاسرائيلي بحاجة ماسة الى إنهاء الحرب في غزة دون أن يخرج منها خاسراً أو ضمن اتفاق مع حماس فيه وقف للحرب لكيلا يُعتبر انتصارا للحركة، ولذلك يحتاج الى تبرير انهاء الحرب من خلال الإشارة والاضاءة الى “خطر كبير” يتهدد “اسرائيل”، يدفع جيشها لتبديل خططه، وهذا الخطر هو لبنان، حيث تكون النتيجة إنهاء الحرب في غزة أو خفضها الى مستوى كبير، وتصعيد لأيام في لبنان ضمن ضوابط وسقوف.
هذه القراءة بحسب المصادر تنطلق من عدم قدرة “اسرائيل” على خوض الحرب مع لبنان، وعدم رغبتها حتى، وعدم رغبة أميركا لاسباب تتعلق بأمن “اسرائيل” والمنطقة، لذلك، بناء على ما تقدم، يمكن قراءة التصعيد الذي يقوم به “حزب الله” في المرحلة الراهنة، كماً ونوعاً، في سياق السعي إلى ردع تل أبيب، ومنعها من التفكير في أي مغامرة تجاه لبنان، سواء كان ذلك قبل انتهاء العمليات العسكرية في غزة أو بعد ذلك، وإفشال مساعيها لرسم أي قواعد اشتباك جديدة، علماً أن الحديث عن الحرب الواسعة لا يزال مستبعداً، بدليل الحديث الإسرائيلي المستمر عن السعي إلى حل دبلوماسي، قبل التفكير في الذهاب إلى الحل العسكري.
محمد علوش- الديار