لودريان في الفاتيكان العارفة بـ “البير وغطاه”…بنصيحة أميركيّة؟
وحدها الفاتيكان صادقة في مساعيها مع لبنان، هي العارفة بـ “البير وغطاه” وبعجز بشره، فلجأ “باباها”، صاحب الربط والحل على الأرض، إلى الله الوحيد القادر على مساعدة هذا الوطن للخروج من انهياراته بالجملة، بعدما رهن أبناؤه الضالّون مستقبلهم بطبقة “الله لا يريكم”، سواء بقرار منهم أو غصباً عنهم، فدخلوا وأدخلوا معهم البلاد والعباد في نفق أزمات تتوالد دون بصيص أمل بولادة حلّ قريب، بعدما بات الجميع مسلّماً بحتمية الكارثة.
واقع جعل الفاتيكان حاضرة دائما في العلن كما في كواليس الازمات اللبنانية، عاملة على الاستفادة من كل ظرف دولي مستخدمة نفوذها المعنوي لفرملة بعض التسويات، التي باتت تاتي على حساب المسيحيين ووجودهم، وهو ما دفع بالفاتيكان الى تشغيل محركاتها، منذ مدة من أجل اتمام انتخاب رئيس للجمهورية، من ضمن حل اكبر يعيد التوازن المفقود الى السلطة.
عليه، تكشف مصادر مطلعة على الاجواء الدولية، ان الحملة الانتخابية للرئيس جو بايدن نصحت، في ظل التقارير التي تتحدث عن حسم “اللوبي اليهودي”، وبخاصة ال20% المقررة منه، خياراتها لمصلحة التصويت للمرشح الجمهوري، ان يعمل البيت الابيض على ادخال تعديلات على سياساته، ومراعاة الملفات التي تهم اللوبي الكاثوليكي في الولايات المتحدة الاميركية، والذي يعتبر صوته مقررا الى درجة كبيرة، اذ يبلغ حجمه حوالى 20 % من الكتلة الناخبة، ويشكل “بلوك” لا يستهان به.
وتابعت المصادر بان هذا اللوبي يتاثر تحديدا بخيارات الفاتيكان، وبالقوة المعنوية الممنوحة لكاردينال نيويورك، الذي أدى فيه هذا المنصب ادوارا كبيرة غيّرت في السياسة الاميركية، من معركة زحلة والموقف منها عام 1981، مرورا بانتخاب الرئيس بشير الجميل عام 1982، وصولا الى معركة 13 تشرين الاول 1990، الى الدور الكبير الخفي ابان “ثورة الارز” عام 2005.
واشارت المصادر الى ان مرحلة من الفتور سادت العلاقة بين الفاتيكان والبيت الابيض، نتيجة اختلاف وجهات النظر حول بعض الملفات وابرزها الملف اللبناني، حيث تراجع الرئيس بايدن عن اكثر من وعد قطعه لبابا الفاتيكان، حول اجراءات “موجعة” ستتخذ في لبنان تساعد الوضع المسيحي العام، وتعيد بعضا من التوازن المفقود.
من هنا، غمزت المصادر من قناة زيارة وزير الخارجية الفرنسية التي جاءت بنصيحة اميركية، وبعض اتصالات بالوسيط الاميركي هوكشتاين، خصوصا ان العلاقة بين المسيحيين و “الام الحنون” في اسوأ مراحلها، نتيجة قرار باريس في التعويل على الحصان الشيعي لبنانيا.
ونقلت المصادر عن اوساط بابوية، أن الفاتيكان على تواصل دائم وبشكل فاعل مع عواصم القرار الدولي وبخاصة مع واشنطن، حيث المطلوب ألا يدفع لبنان ثمن أي تسوية قد تحصل في المنطقة، حيث يصر “بي الكنيسة” على ثوابته لجهة تعبيره بشكل صريح عن أنّ هويّة لبنان في خطر، وثمّة انقضاض على صيغته الحضاريّة، لذلك واجب العالم الحر حماية النّموذج اللبناني في الشرق الاوسط.
واكدت المصادر ان الحاضرة البابوية تدعم بشدة مساعي بكركي، التي تسير ببطء حتى الساعة، نتيجة “عرقلات” مقصودة، لاعلان وثيقة مسيحية موحدة تشكل استراتيجية وطنية للعمل عليها مع الجهات الخارجية، تتناول كافة المشاكل التي لا قدرة للبنانيين على حلها دون مساعدة، على ان يثبت هذا الاعلان بنداء عن مجلس المطارنة يتبنى ما ورد في الوثيقة ويفسرها، لتسلك الامور مسارها كما حصل عام 2000.
وختمت المصادر، بأن الكرسي البابوي مقتنع بأزمة الثقة القائمة بين الشعب وحكّامه، غامزاً من قناة الطبقة السياسية ورموزها المسيحية، التي ترفض الاستماع إلى مطالب بيئتها، مصرّة على السير في حساباتها الضيقة، داعيةً الجميع إلى عدم الرهان على محدودية قدرة الفاتيكان على التحرك، إذ يملك من القوة المعنوية في ظل الأوضاع الدولية الحالية ما يكفي من أوراق ، تؤهله لتأدية دور أساسي في رسم مستقبل هذا البلد.
ميشال نصر- الديار