عودة الحريري مشروطة بمواجهة حزب الله؟

تبدّد كل ما حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مراكمته على نتائج زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية، والاتصال الثلاثي الذي حصل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. تبدد ولم يعد قابلاً للاستثمار ولا لإحداث أي تغيير في الموقف السعودي.

 

تهافت ميقاتي وحيرة الحريري
تأكد ذلك بعد الموقف السعودي التصعيدي تجاه حزب الله، فيما انطلق موقف رئيس الحكومة من فكرتين أساسيتين: دعوته إلى جلسة حوار للبحث في تعزيز علاقات لبنان العربية واستعادتها. وحرصه على عدم استفزاز حزب الله، واعتباره حزباً سياسياً، مع عدم موافقته على وجود نفوذ إيراني في لبنان.
مثل هذه المواقف لن تؤدي إلى أي تحسّن في علاقات ميقاتي بالسعودية، التي تعتبر هذه المواقف غير كافية، ولا مستقيمة. فأي شخص عاقل لا يرضى بكل هذه المتناقضات: إرضاء الأميركيين، الإيرانيين، حزب الله، السعودية، فرنسا، وسواهم في وقت واحد.

ولمثل هذه الإشارات تبعات سياسية عدة في لبنان، آنياً ومستقبلاً. وهي لا تقول شيئاً سوى المراءة، وأمعاناً في الضياع داخل البيئة السنية. خصوصاً بعد الحديث المكثف والتسريبات عن توجه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى عدم الترشح للانتخابات، ومن ثم لقاء الرئيس الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، وما سُرّب من معلومات عن اجتماع كتلة المستقبل الأسبوع الفائت، وطرح الحريري فكرة المقاطعة، وطلبه من نوابه نفي هذا الكلام، داعياً إياهم للإشارة إلى أنه سيعود إلى لبنان قريباً، لاتخاذ القرار المناسب.

خطوة الحريري هذه تنطوي على احتمالين لا ثالث لهما: لا يريد أن يفكر أحدٌ في الحلول مكانه انتخابياً، ولن يمنح الغطاء لأحد يفكر بخوض غمار المعركة الانتخابية، إذا كان يريد الانكفاء. أو أنه يعيد التفكير مجدداً في الترشح، لقطع الطريق على الآخرين الذين ربما استفزته تحركاتهم، ولم يعد قادراً على الابتعاد، معتبراً أنه المؤهل الوحيد لخوض المعركة الانتخابية، لأن أي جهة سنية سواه غير قادرة على تحصيل الشرعية الشعبية.

لكن لا شك في أن الحريري يحاول النظر إلى الوقائع السياسية اليومية. وهي تشير إلى أن لبنان مقبل على مزيد من الانهيارات والصراعات السياسية بأبعاد إقليمية. وهذا ما قد يدفعه إلى الاستمرار في الإحجام والانتظار.

الأكيد أن ميقاتي لا يمكنه أن يحلّ مكان الحريري سنياً. فبعد موقفه الأخير ارتفع منسوب الغضب السعودي. وهناك جهات داخلية وخارجية تدفع في اتجاه عودة الحريري إلى الساحة السياسية، لأن لا قدرة على إنتاج البديل. لكن بشرط أن يلتزم بعد عودته سقفاً سياسياً في مواجهة حزب الله، على نحو ما كان قائماً أيام 14 آذار واستعادة التحالفات نفسها. لكن هذا غير متوفر حتى الآن.

وهنا لا بد من الإشارة إلى تحرّك السنيورة الذي لا يريد ترك الساحة فارغة. وهو قد يستمد دعماً معنوياً في البداية، بعدما حازت شخصيات مقربة منه سابقاً الجنسية السعودية، كرضوان السيد ومحمد السماك. وهذا قد يكون عنصراً تمهيدياً لاستعادة نشاطه بلا تفاهم كامل مع الحريري.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة