الهدنة في غزة تقترب.. هل تشمل الجبهة الجنوبية للبنان؟
في وقت تنشط فيه الحركة الاميركية لاحتواء التصعيد على الجبهة الجنوبية ومنع تدحرجها الى حرب واسعة، ومحاولة فرض هدنة في قطاع غزة، التي يتولاها وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، الذي وصل الى اسرائيل أمس، للدفع بمبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن، برزَ استبعاد اسرائيلي للحرب، حيث نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين اسرائيليين قولهم: «انّ الحرب في لبنان ليست حتمية، وقد أبدينا انفتاحنا على الجهود الديبلوماسية لباريس وواشنطن». فيما برز على الخط الموازي تأكيد من قبل «حزب الله» مفاده «اننا لا نريد الحرب، ولكن إن وقعت فإننا سنخوضها»، وكذلك اعلان من قبل وزارة الخارجية الايرانية عن «ان المقاومة لن تقف مكتوفة الايدي اذا أقدمت اسرائيل على مغامرة في لبنان».
الى ذلك، كشفت مصادر رسمية لـ»الجمهورية» عما سَمّتها معلومات ديبلوماسية غربية مؤكدة، ترجّح بلوغ هدنة في قطاع غزة في وقت قريب، خصوصاً انّ الدفع الاميركي «كبير جداً» في هذا الاتجاه».
وفي رأي المصادر ان المعلومات الديبلوماسية مستندة الى خفايا الموقف الاميركي الذي باتَ يدرك انّ اداء حكومة بنيامين نتنياهو بات يشكل اضراراً بمصلحة اسرائيل، وانّ بلوغ هذه الهدنة وشمولها جبهة لبنان يؤمّن هذه المصلحة، ومن هنا تمارس واشنطن ضغوطاً جدية على اسرائيل، ليست معزولة عنها استقالات بيني غانتس وغادي ايزنكوت وآخرين، والتي تتقاطع مع تقديرات المحللين والمعلّقين بأنّ هذه الاستقالات ستكون لها تداعيات على المستويين السياسي والعسكري، خصوصاً انّ جميع دول الغرب الداعمة لإسرائيل باتت تدرك انّ الاستمرار بالدعم أصبح أصعب بعد استقالة غانتس وايزنكوت.
يُشار في هذا السياق الى ان الاعلام الاسرائيلي بمجمله بات يركز على اهمية بلوغ هدنة توفّر صفقة تبادل للاسرى، وأورد انه بالرغم من تَمكّن الجيش الاسرائيلي من استعادة 4 من الاسرى، الا انّ هناك توافقاً في المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على أنّ السبيل لإعادة الأسرى هو من خلال صفقة. وهو الامر الذي ركّزت عليه صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية التي نقلت عن مسؤولين اميركيين واسرائيليين قولهم انه لن تتم اعادة غالبية الاسرى الاسرائيليين المُتبَقّين في قطاع غزة الّا من خلال الوسائل الديبلوماسية.
وأعلنت هيئة البث الاسرائيلية، نقلاً عن مسؤؤولين سياسيين، قولهم «اننا لن نتمكن من الوصول الى تسوية في الشمال من دون التوصل إلى اتفاق في غزة».
الى ذلك، اعتبرت صحيفة «The Telegraph» البريطانية أنّ «الصراع الطاحن على الحدود اللبنانية الإسرائيلية أصبح موضع تركيز حاد في الأيام الأخيرة بعد أن وصلت الضربات عبر الحدود إلى مستوى جديد من الشدة باستخدام أسلحة أكبر وأكثر تطوراً، ممّا عَمّق المخاوف من صراع شامل بين «حزب الله» وإسرائيل أو حتى حرب إقليمية.
واشارت في تقرير الى انه «رغم أن المواجهة على الحدود الشمالية أصبحت غير محتملة، فإنّ قليلين يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية، باستثناء عناصرها الأكثر تطرفاً، تريد فتح جبهة ثانية». وبحسب التقرير فإن مشكلة الحرب المنخفضة الحدة هي أنها عرضة لسوء التقدير والتصعيد، وفي الأيام القليلة الماضية وصلت إلى مستوى خطير حقاً. انها لحظة حساسة للغاية بين الطرفين. ومن الناحية المنطقية، لا يرغب أيّ من الطرفين في مواجهة بعضهما البعض في حرب شاملة، لكن السؤال هو عند أي مرحلة سيعبران نقطة اللاعودة».
كما اشار التقرير الى ان اسرائيل لم تتمكن من فصل الوضع في الشمال عن الجنوب، مما تركها في «حلقة مفرغة» كما قالت سيما شاين، وهي مسؤولة كبيرة سابقة في الاستخبارات الإسرائيلية. وأضافت: «لم يتم اتخاذ قرار بعد، لكن يمكنني أن أقول لكم إن هناك ضغطًا متزايدًا في المؤسسة الأمنية للتوجّه نحو شيء أوسع».
ولفت التقرير الى انّ «العملية البرية خطيرة واكثر صعوبة من غزة، ورجّحت تقديرات المحللين انّ الضرر في اسرائيل سيكون شديداً وفي لبنان كارثياً. وخَلُصت الى أن السيناريو المخيف المتمثّل في الدمار الواسع النطاق في لبنان وإسرائيل، من خلال الصراع المتصاعد الذي يمكن أن يجذب المجموعات الموالية لإيران في سوريا والعراق واليمن إلى القتال، دفعَ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تحذير إسرائيل من فكرة الحرب المحدودة» في لبنان».