تهديدات قادة إسرائيل ضد لبنان… ضغط سياسي أم عاصفة عسكرية؟

يتعقد المشهد الإقليمي ويزدحم بالأحداث والمبادرات على وقع طبول الحرب التي يبشر بها طرفا المعركة، إسرائيل من جهة والجماعات المدعومة من إيران من جهة مقابلة. وما إن تولد مبادرة دبلوماسية تبشر بحل للحرب الدائرة في غزة ورفح أو على الجبهة الجنوبية للبنان، حتى يتم وأدها في مهدها من قبل الفريقين، والأعذار والحجج عديدة.

ومن هذه النقطة تجهد الدبلوماسية الدولية والعربية لإيجاد أسس لتسوية أو تهدئة تقضي بفصل الجبهات غزة عن الجنوب، منعاً لنشوب حرب موسعة أو اجتياح إسرائيلي يأتي على ما تبقى من الدولة اللبنانية.

الأمن الداخلي اللبناني في مأزق خطر

توازياً يتوجه الوضع الأمني الداخلي اللبناني إلى منحدر خطر، وتأتي حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية لدى بيروت في هذا الإطار، فعلى رغم الانتشار الأمني الكثيف للجيش اللبناني في محيط السفارة، تمكن المهاجم من الوصول إلى مكان قريب لينفذ هجومه، وهذه هي الحادثة الثانية التي تتعرض لها السفارة إياها بغضون أشهر قليلة. وشغلت الحادثة الرأي العام اللبناني في تفسيرها.

وقال متابعون إنه لا يمكن فصل حادثة إطلاق النار على السفارة عن أجواء الحرب في المنطقة، فيما ذهب بعضهم للقول إنها رسالة موجهة للولايات المتحدة لدعمها إسرائيل في حربها بغزة. ورأى آخرون أنها قد تكون استهدافاً للمفاوضات الدائرة لوقف إطلاق النار، علماً أن الصور التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمسلح، أوضحت كتابات موجودة على عتاده العسكري تشير إلى أنه ينتمي لتنظيم “داعش” الإرهابي.

ونقلت صحيفة “النهار” اللبنانية عن مرجع أمني سابق قوله “إنه ليس مستغرباً أن تحصل اعتداءات على سفارات وبعثات دبلوماسية غربية وسواها من مؤسسات ومراكز تابعة لهذه الدول، ربطاً بحرب غزة وما يجري في الجنوب، إذ اللعبة مفتوحة على كل الاحتمالات في هذا الإطار”.

50 ألف جندي احتياط استعداداً للجبهة اللبنانية

في السياق لم تهدأ التصعيدات والتهديدات المتبادلة بين “حزب الله” والحكومة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة القليلة الماضية. وخلال زيارة أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكريات شمونة القريبة من الحدود مع لبنان قال إن “الأرض احترقت هنا، ونحن مستعدون لعملية مكثفة للغاية في لبنان”، على خلفية اندلاع حرائق في غابات أشعلها سقوط صواريخ ومسيرات أطلقها “حزب الله”، ضمن القصف المتبادل منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

واندلعت الحرائق في 15 موقعاً بشمال إسرائيل نتيجة صواريخ “حزب الله”، في مقابل حرائق في الداخل اللبناني نتيجة القذائف الفوسفورية والمضيئة التي تطلقها القوات الإسرائيلية، وبدوره ومن كريات شمونة دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى “الحرب على لبنان” و”حرق وتدمير جميع معاقل (حزب الله)”.

وكان بن غفير أعلن في وقت سابق أن ما يحدث في شمال إسرائيل، هو “تجسيد لنتائج سياسة الاحتواء”، مضيفاً أنه “حان الوقت ليحترق لبنان كله”. بدوره أشار وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار إلى أنه “لا يمكن تأجيل المعركة في الشمال أكثر من ذلك… وأن تأجيل المعركة مع (حماس) جلب السابع من أكتوبر 2023 وتأجيلها مع (حزب الله) سيسبب لنا كارثة أكبر”، مضيفاً أن “تأجيل المعركة ضد إيران يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تدمير إسرائيل”.

من جهتها أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش ينتظر قراراً من الحكومة لجعل المواجهة مع “حزب الله” في لبنان “ساحة لحرب رئيسة” تشمل عملية برية، وتحويل الحرب على قطاع غزة إلى “ساحة معارك ثانوية”.

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الحكومة سمحت باستدعاء 50 ألف جندي احتياط إضافي استعداداً للتصعيد في جبهة لبنان، بدورها كشفت “القناة 14″، أن التقدير في إسرائيل هو أن حرباً مع “حزب الله” قد تندلع في الأسابيع المقبلة.

وفي السياق، أعلنت الخارجية الأميركية أن “الوضع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية لا يزال خطراً ونعمل على احتوائه”. وكان مسؤولون في الإدارة الأميركية ومنذ مارس (آذار) الماضي رجحوا احتمالية أن تشن إسرائيل عملية برية في جنوب لبنان نهاية الربيع أو بداية الصيف، وأظهرت استطلاعات رأي في تل أبيب حينها تأييد غالبية الإسرائيليين لاستمرار الهجمات على “حزب الله”، حتى إبعاده عن الحدود.

“حزب الله” سيخوض الحرب إذا فرضت عليه

وعلى الجانب اللبناني يصعد “حزب الله” من مستوى تهديداته، إذ أشار نائب أمينه العام نعيم قاسم إلى أنه “إذا أرادت إسرائيل خوض حرب شاملة، فإن المقاومة جاهزة للمعركة، ولن تسمح لإسرائيل بتحقيق أي انتصار”، متوعداً بأن أي توسع إسرائيلي في الحرب على لبنان سيقابله خراب ودمار وتهجير في إسرائيل. وقال إن الحزب “مستعد للأسقف العالية بالتصعيد حتى ولو أدت إلى حرب شاملة ليفهم العدو أنه لا يستطيع تهديدنا بالتصعيد، لأننا حاضرون لذلك وهذا ما يردعه عن التصعيد”. وشدد قاسم على أن هذه الجبهة لن تتوقف إلا مع توقف الحرب وإطلاق النار في قطاع غزة، مستدركاً أن قرار الحزب ألا تتوسع الحرب، لكنه سيخوضها إذا فرضت عليه

.

اندبندنت

مقالات ذات صلة