قوة “الحزب” تخرّب الحسابات الإسرائيلية: مخاوف من تهجير 100 ألف إسرائيلي جديد من منازلهم ومستوطناتهم
هل ينتظر اللبنانيون حرباً إسرائيلية أم تسوية؟ الجميع في حالة ضياع وترقب، لمسار تطورات المواجهة العسكرية المفتوحة في الجنوب، بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
على هامش هذه المواجهات، وفي ظل تصاعد وتيرة العمليات، إضافة إلى ارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية، يضج لبنان بالكثير من النقاشات حول احتمالات الحرب أو التسوية. يحاول الإسرائيليون التغطية في كلامهم وتهديداتهم على الوقائع الميدانية. وغالباً ما ينتقلون إلى مرحلة أخرى أكثر تقدماً في تصريحاتهم، لا سيما في ظل دعوات وزراء إلى شن حملة عسكرية واسعة ضد حزب الله، ولو اقتضى ذلك إحراق الضاحية الجنوبية لبيروت.
سجالات لبنانية.. وإسرائيلية
مثل هذه التهديدات من شأنها أن تشغل اللبنانيين والإسرائيليين عن وقائع كثيرة، يضاف إليها تحذيرات الوزراء لرؤساء المستوطنات الشمالية بالاستعداد إلى حرب أكبر واعتبار أن ما يجري ليس إلا بداية. كل هذه الأجواء من شأنها أن تضفي جواً حربياً على الساحة اللبنانية. وهنا تتكاثر التقييمات لمسار المعركة وأفقها. بين من يعتبر أن إسرائيل، وبعد الضربات التي تلقتها وخسارتها لمفهوم الردع، لا بد لها أن تقدم على عمل عسكري أوسع من شأنه استعادة التوازن الردعي. وبين من لا يزال يستبعد ذلك. ومع التناقض في التوجهات، لا يزال الانتظار قائماً لمسارات الحرب على غزة ومعركة رفح، وسط إشارات إسرائيلية صدرت مؤخراً، تفيد بأن معركة رفح يفترض أن تنتهي في غضون نهاية شهر حزيران، يضاف إليها جو آخر حول استعداد إسرائيل للتركيز على الجبهة الشمالية منذ بداية شهر تموز.
السجالات اللبنانية، تقابلها سجالات إسرائيلية بين من يريد التصعيد السريع، وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر أن التوجه الأساسي في المعركة هو التركيز على غزة وليس الانتقال نحو لبنان. فيما يخرج من يقول إن الاهتمام بالجبهة اللبنانية يجب أن يحصل إما بعد انتهاء معركة رفح، وإما في حال الوصول إلى تسوية أو هدنة في غزة. يأتي هذا الكلام كرد على مواقف الخارجية الأميركية، التي تعتبر أن أي اتفاق حول وقف النار في غزة سينسحب على الجبهة اللبنانية ويسهم في خفض التصعيد.
حسابات الحرب
لبنانياً، وعلى الرغم من تكثيف مواقف التهديد الإسرائيلية، واستعراض الكثير من السيناريوهات العسكرية للحرب مع لبنان، إلا أن العديد من المسؤولين اللبنانيين ما زالوا على قناعتهم بأن اسرائيل تصعّد كلامياً، من دون أن يكون هناك فعل حقيقي، خصوصاً أن حسابات الإسرائيليين يجب أن تختلف عن الحروب السابقة، في ظل إظهار حزب الله لقوته ودقة معلوماته وقدرته على إصابة أهداف بعيدة جداً عن الحدود. فالأيام الماضية التي شهدت استهداف نهاريا كانت إشارة تمهيدية أنه بحال تكررت العمليات، يعني أن الحزب يفكر جدياً في توجيه ضربات من شأنها تهجير 100 ألف إسرائيلي جديد من منازلهم ومستوطناتهم، ما سيشكل مزيداً من الضغط على الداخل الإسرائيلي. بناء على وجهة النظر هذه تبدو هناك قناعة لدى بعض الأطراف في لبنان أن إسرائيل لن تفكر في التصعيد، وستسعى للوصول إلى حل ديبلوماسي وسياسي لتحقيق الأمن والاستقرار، كحل أفضل من تحمل تكاليف أي معركة عسكرية واسعة.
في المقابل، الجانب الآخر من النقاشات اللبنانية لا يزال يعتبر أن الوضع بلغ مرحلة متقدمة الخطورة، وأن إسرائيل لن تكون قادرة على السكوت، أو على الذهاب إلى حل ديبلوماسي وسياسي من دون تنفيذ عملية واسعة غير واضحة المعالم حتى الآن، بهدف استعادة منظومة الردع لديها. لأنه في حال تم الوصول إلى اتفاق ديبلوماسي وفق الوقائع الحالية فإن حزب الله سيخرج منتصراً، طالما أن الوقائع العسكرية بقيت على حالها.
منير الربيع- المدن