المشاهير وحوادث القتل الخطأ… ذنوب مغفورة أو مدفوعة

يتسبب المشاهير والنجوم مثل الجميع في بعض الحوادث التي تقع ضمن قائمة القتل الخطأ، سواء حوادث سيارات أو غيرها، وهناك قوانين حددت عقوبات هذه الحوادث ومتعارف عليها، ولكن عندما يكون الجاني شخصية معروفة يتحول الأمر إلى قضية رأي عام، ويتعامل مع القتل الخطأ بصورة غليظة، مما يضع الشخصية المعروفة في مرمى الاتهامات والتراشق وأحياناً الابتزاز، وبعض المشاهير ينالهم السجن أو الفدية أو يتحطم مستقبلهم بسبب تلك الحوادث.

وشهدت الأيام الأخيرة تورط عدد من المشاهير في جرائم قتل خطأ، معظمها من طريق حوادث دهس وتصادم سيارات أو ما يسمى حوادث سير، وراح عدد من الضحايا في تلك الحوادث، ليجد الفنان نفسه في موقف شديد الحرج مجتمعياً وإنسانياً وقانونياً وعبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تشن عليه هجوماً وتتهمه بالغطرسة والإهمال والتهاون في حياة الناس.

دهس خطأ

الفنان المصري عباس أبو الحسن دهس من طريق الخطأ منذ أيام سيدتين مصريتين بسيارته. واستمعت أجهزة الأمن إلى أقواله التي أكد فيها أنه كان يسير بسيارته على طريق المحور المركزي في الشيخ زايد، وفوجئ بوجود سيدتين أمامه على الطريق، وأنه لم يتمكن من إيقاف السيارة، إذ إنهما ظهرتا فجأة أمامه فاصطدم بهما. وأكد أبو الحسن أنه نزل من السيارة وحاول مساعدة الضحيتين وطلب لهما الإسعاف، بينما تعرض هو للإصابة بقطع في “وتر أكيليس” خلال محاولته إنقاذ السيدتين، ونقله إلى المستشفى وإجراء بعض الفحوص الطبية، ثم غادر على كرسي متحرك بصحبة الأجهزة الأمنية إلى قسم شرطة الشيخ زايد لاستكمال الإجراءات القانونية.

وتكفل أبو الحسن بعلاج السيدتين وسط هجوم كبير عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر الترند لأيام طويلة، إذ تحول الموضوع إلى قضية رأي عام مع ظهور شهود عيان يؤكدون أن الفنان كان يسير بسرعة جنونية، وأن السيدتين دهستا بصورة غير مسبوقة، لدرجة أن محاولات استخراجهما من تحت عجلات السيارة استغرقت ما يقارب 20 دقيقة.

وتفاقمت الأزمة عندما توفيت إحدى السيدتين متأثرة بإصابتها الخطرة، وما زالت الأخرى في حالة حرجة على رغم خروجها من المستشفى. وقررت النيابة العامة بالشيخ زايد، ندب مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على المتوفاة لبيان مدى وجود شبهة جنائية في الحادثة من عدمه. وصرحت النيابة بدفن جثمان المجني عليها عقب الكشف، بعد تأكد عدم وجود شبهة جنائية.

وتصاعدت الاتهامات من السيدة الثانية ضد أبو الحسن، قائلة إنه توقف عن التكفل بعلاجها، بينما خرج الأخير بمستندات تثبت أنه أنفق نحو 300 ألف جنيه مصري (6 آلاف دولار) على العلاج، وأنه يتعرض لمحاولات ابتزاز يعف عن ذكرها.

وكانت النيابة العامة في الجيزة قررت ترك أبو الحسن بكفالة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه، على خلفية التحقيق معه بتهمة دهس السيدتين بسيارته.

أزمة صاصا

وتعرض مؤدي أغاني المهرجانات “عصام صاصا” للتحقيق، عقب دهسه شاباً يدعى أحمد مفتاح على الطريق الدائري السريع، مما أدى إلى وفاته على الفور، لتوجه إلى صاصا تهمة القتل الخطأ. وجاء في أقواله أنه في ساعة متأخرة من الليل وفي طريق سير سريع غير مخصص للمارة فوجئ بالرجل من دون سابق إنذار وحاول تفاديه دون جدوى.

وتم الإفراج عن صاصا بكفالة مالية وتعهد بدفع الفدية لأهل المتوفي، وكشفت زوجة صاصا أن أهل الضحية حاولوا كسب المال بابتزاز الجاني على رغم أن القتل حدث من طريق الخطأ.

وعلى جانب آخر، أثبت تقرير مصلحة الطب الشرعي في شأن تحليل عينة من دماء عصام صاصا أثناء الحادث، تعاطيه مواد مخدرة أثناء قيادة سيارته أعلى الطريق الدائري.

وتمت إحالته إلى المحاكمة الجنائية العاجلة لاتهامه بتعاطي جوهر مخدر وتسببه خطأً في موت شخص، نتيجة إهماله ورعونته وعدم احترازه ومراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة بتجاوزه السرعة المقررة قانوناً، وقيادته سيارته تحت تأثير مادة مخدرة وأخرى مسكرة، وما ارتبط بالواقعة من جنح أخرى.
وجاء دفاع صاصا عبر محاميه أنه كان يسير على سرعة 70، وأن المجني عليه كان يعبر نهر الطريق مخالفاً قانون المرور.

أحمد جمال ينضم إلى القائمة

وانضم إلى قائمة مرتكبي حوادث القتل الخطأ المطرب أحمد جمال الذي أحيل منذ ساعات إلى النيابة العامة، لاتهامه بإصابة شخص من طريق الخطأ، إثر اصطدامه بسيارته. وتحفظت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة على المطرب على خلفية الحادث، وكشفت المعاينة أن المطرب اصطدم بشخص ما أصابه بكدمات وسحجات، وتم التحفظ على السيارة والاستعلام عن الحالة الصحية للمصاب.

وبعد التحقيقات، قررت جهات التحقيق المتخصصة بالجيزة إخلاء سبيل المطرب بكفالة مالية، بعد أن وجهت له تهمة الإصابة الخطأ في واقعة دهس مسن أثناء عبوره لطريق الفيوم الصحراوي.

أبناء النجوم

وتورط ابن الفنان أحمد رزق أيضاً في حادثة تصادم بدراجة بخارية، إذ كان يسير بسرعة جنونية ومن دون رخصة وفي اتجاه عكسي فصدم شاباً يعمل كعامل توصيل، ويركب دراجة بخارية كان يسير في اتجاهه. وتعرض ابن رزق لكسور متفرقة بينما يرقد الشاب الآخر في حالة حرجة، بعدما تعرض لكسور داخلية أخطرها بالجمجمة إضافة للنزف الداخلي.

ومنذ فترة تمت إحالة نجل المطربة أصالة إلى المحاكمة، بعد دهسه شاباً بسيارته في منطقة التجمع الخامس، ووفاة الضحية. وتم التصالح بين أسرتي الجاني والشاب ضحية الحادثة بعد الاتفاق على دفع دية مالية.

وكان خالد أيمن الذهبي دهس أحد المارة بدائرة قسم التجمع وفر هارباً، مما أدى إلى مقتل المجني عليه، فيما عاد خالد بعدها وسلم نفسه للشرطة.

ووافق أهل المجني عليه على التصالح، وتنازلوا عن القضية. وقررت محكمة جنح القاهرة الجديدة بانقضاء الدعوى الجنائية بعد تصالح الطرفين. وقال والد المجني عليه، إنه تنازل بالصلح عن القضية رقم 12717 لسنة 2019، الخاصة بقيام خالد أيمن الذهبي نجل الفنانة أصالة المتهم بقتل ابنه هاني إثر صدمه بسيارته، وذلك مقابل مبلغ مليون جنيه مصري.

وصدم المخرج رامي إمام نجل الفنان عادل إمام منذ أعوام، سيدة من أهالي البدو على طريق القاهرة الإسكندرية في منطقة العامرية، وكادت القضية تدمر حياته وتعرضه للسجن، لكنها لم تحل إلا بالتصالح، إذ اشترطت أسرة الفقيدة حضور عادل إمام بنفسه وتقديم دية قدرت بنحو 150 ألف جنيه مقابل التنازل عن قضية القتل الخطأ التي تسبب فيها نجله.

قمر وأبو الليف

وواجه المطرب مصطفى قمر تهمة القتل الخطأ بعدما دهس سيدة مسنة بسيارته، وأنهيت الأزمة بدفع دية وصلت قيمتها إلى 150 ألف جنيه، وأفرج عنه بكفالة مالية.

وفي عام 2017، حكم على الفنان نادر أبو الليف بالسجن لمدة عامين وبغرامة قدرها 5000 جنيه بسبب حادثة قتل خطأ لسائق عربة كارو، وتم حل الأزمة مع عائلة الضحية بعد تدخل لاعب كرة شهير قام بالوساطة ودفع الفدية.

ومنذ فترة قبضت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة على الفنان مصطفى هريدي بعد وقوع حادثة تصادم مروري في منطقة الشيخ زايد، وتبين أن الفنان صدم بسيارته التي كان يستقلها بسرعة زائدة سيارة شخص آخر كان بصحبته 3 من أصدقائه، مما أسفر عن إصابتهم جميعاً ونقلهم إلى المستشفى.

ومن أشهر حوادث القتل الخطأ، ما تورطت فيه الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب، إذ تعرضت للمحاكمة بعد وفاة شاب دهسته بسيارتها، وصدر ضدها حكم بالحبس لمدة سنتين وكفالة 50 ألف جنيه.

المادة 238

وتحدثت “اندبندنت عربية” إلى المتخصص القانوني أيمن طلعت، الذي أكد أن “العقوبات المخصصة لحوادث القتل الخطأ معروفة وحددها القانون في المادة 238 من قانون العقوبات، وتنص على أن من تسبب خطأً في موت شخص بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة هي الحبس مدة لا تقل عن عام ولا تزيد على خمسة أعوام وغرامة لا تقل عن 100 ولا تتجاوز 500 جنيه، أو بإحدى العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث، أو امتنع وقت الحادثة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك”. وأضاف طلعت “تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن عام ولا تزيد على سبعة أعوام إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن عام ولا تزيد على 10 أعوام”.
وأوضح المتخصص القانوني أن “هناك حالات تكون شديدة الحساسية، مثل تسبب مشاهير أو نجوم في حوادث الدهس أو القتل الخطأ، وهنا تأخذ القضايا منحى آخر بدافع قوة الرأي العام، الذي في الغالب يكون مهاجماً للشخص الشهير ويتهمه بالرعونة أو استخدام النفوذ والمال، بينما إذا كان الفاعل شخصاً عادياً لن تكون المسؤولية المجتمعية والعامة بهذه القسوة، وبعض المشاهير يتعرضون إلى الضغط لكثير من الأسباب، أبرزها الابتزاز حتى يحصل أهل الطرف المتضرر على تعويض كبير”. وتابع “وفي حالة محاكمة مثل هؤلاء المشاهير في حوادث من هذا النوع وبدافع الضغط العام، يحرص على إيقاع أقصى عقوبة بعد تحليل الدم أو إثبات تعاطي أي نوع من المخدر لتغليظ القضية ووضعها ضمن حيز الإهمال وتعاطي المخدر. وفي كثير من الحالات لا ينتظر أهل المتوفى نتائج المحاكمات ويقبلون بالفدية أو التصالح بشروط معينة يرونها تعويضاً مناسباً أكثر جدية من انتظار حكم السجن لعام، أو تعويض بسيط بعد أعوام من مكوث القضية في المحاكم.

اندبندنت

مقالات ذات صلة