«حزب الله» يتهم خصومه برفض الحوار وبالسعي لانتخاب رئيس بـ«غالب ومغلوب»!
اتهم «حزب الله» خصومه السياسيين في لبنان برفض الحوار؛ بهدف انتخاب رئيس (للجمهورية) وفق قاعدة الغالب والمغلوب، بينما يسعى أنصار الحوار، وبينهم الحزب، لانتخاب رئيس وفاقي لكل اللبنانيين، وذلك في ظل أزمة سياسية حالت دون إنهاء الشغور الرئاسي منذ نحو 20 شهراً.
وفشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس، بعدما كانت الجلسات تفقد نصابها القانوني، وعقدت الجلسة الأخيرة في شهر يونيو (حزيران) 2023. وتسعى مبادرات دولية، من بينها الحراك الفرنسي، لتحقيق توافق بين اللبنانيين لتأمين انتخاب رئيس بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، أي 86 نائباً في الدورة الأولى، أو تأمين حضور ثلثي أعضاء البرلمان في الدورة الثانية، التي يفرض الدستور انتخاب الرئيس فيها بأكثرية النصف زائد واحد (65 نائباً).
وقال النائب محمد رعد، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، في احتفال تأبيني في بلدة البابلية بجنوب لبنان، الأحد: «بعد سنة ونصف السنة على الشغور، قال مبعوث دولي إنه يتفهم أن اللبنانيين لا يريدون الآن انتخاب رئيس للجمهورية بسبب الحرب على غزة»، مضيفاً أن «حزب الله» أبلغه: «إننا نسعى لانتخاب رئيس، وعمر الحرب في غزة هو 8 أشهر، في وقت نحن نعيش الفراغ منذ سنة و8 أشهر»، مجدداً تأكيده: «إننا لا نربط حاجتنا لانتخاب رئيس بالحرب على غزة».
وقال رعد إن المبعوث الدولي «أخذ هذا الانطباع من لبنانيين يكذبون عليه، ويحشُون أدمغة الوسطاء الغربيين بأكاذيب لتبرير تقاعسهم وتعطيلهم للاستحقاق الرئاسي». وأضاف: «منذ اليوم الأول رئيس المجلس النيابي نبيه بري دعا إلى الحوار كما جرى العرف»، مذكراً بانتخاب الرئيسين السابقين ميشال سليمان وميشال عون بموجب حوار، وموضحاً أن: «الحوار يهدف إلى أن يجتمع الناخبون بممثلي الكتل، رغم أنهم قد لا يتفقون على اسم الرئيس، لكن حضورهم يذيب بعض الجليد الذي يمنع التواصل فيما بينهم، وذلك لتحقيق نصاب قانوني».
وتابع رعد: «عندما أقر النصاب القانوني للجلسة بثلثي أعضاء البرلمان، كان الدستور يصر على وجوب مشاركة كل الطوائف والمذاهب بالحضور». وزاد: «ما يريده رافضو الحوار أن يدعونا إلى تكميل النصاب، وانتخاب الرئيس الغالب، ويظهروا أنفسهم أنهم غالبون، وأن غيرهم مغلوب، وبذلك يعودون إلى مفهوم الغالب والمغلوب». وأضاف: «نحن نريد رئيساً لكل اللبنانيين تحت سقف الوفاق الوطني، وهم يريدون رئيساً تحت سقف الغالب والمغلوب»، لافتاً إلى أن «تعطيلهم الحوار يعطل النصاب الوفاقي».
لم تحرز زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، في الأسبوع الماضي، إلى بيروت، أي تقدم على مستوى تقريب وجهات النظر، ويصر رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» على إجراء حوار أو تشاور، تليه جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، فيما يصر خصومهما على تطبيق الآليات الدستورية عبر دعوة النواب إلى جلسة انتخابات رئاسية في البرلمان بدورات متتالية. وطالب البعض بضمانات ألا يفقد نواب الحزب و«حركة أمل» وحلفاؤهم النصاب القانوني للجلسة، كما يرفض خصوم الحزب وصول المرشح المدعوم منه، وهو رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، إلى سدة الرئاسة.
ويصر «حزب الله» على الحوار، وقال نائب أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، السبت: «إننا دائماً كنا ندعو للحوار من أجل الخروج من المأزق، على قاعدة أن الطريق المسدود لا يؤدي إلى الانتخاب، وتطبيق الدستور يتطلب خطوة بناءة مبدعة، وقلنا هذه خطوة اسمها حوار، لا تُبدل ولا تُغير في الدستور على الإطلاق، وإنما هي مقدمة من أجل أن نفتح الطريق أمام الانتخاب».
الراعي وعودة
وفي ظل هذا التعثر، قال البطريرك الماروني، بشارة الراعي، في عظة الأحد: «إن المسؤولين اللبنانيين لم يقوموا بوظيفتهم لجهة انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية خدمة الرئيس العماد ميشال عون وفقاً للدستور، ولم يختاروا منذ ذاك الحين رئيساً يُغيّر ويخلق بيئة وطنيّة جديدة نظيفة، وسلوكاً أخلاقياً، والتزاماً بالثوابت التاريخيّة».
بدوره، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، في عظة الأحد: «بعد استغلال النفوذ لسنوات، والتلطّي وراء المراكز من أجل استنفاد خيرات البلد وتخطي قوانينه، واتخاذ القرارات التي تناسب المصالح ولو على حساب المصلحة العامة، ها نحن أمام تعطيل مشبوه لانتخاب رئيس، يسهم في تفكك السلطة، وتحلل الدولة».
وتابع: «ما يفاقم الوضع تقاعس السلطة عن البحث الجديّ عن حل للمشكلات العديدة التي تنغص حياة اللبنانيين، وأولاها انهيار الاقتصاد، وكيفية إعادة أموال المواطنين، والحرب التي يتحمل نتائجها اللبنانيون دون موافقتهم عليها، وتردي الأخلاق، والفوضى التي تعم قطاع التربية، وضياع الطلاب نتيجة القرارات العشوائية التي تسهم في تدني مستوى التعليم». وشدد عودة على أنه: «على عاتق النواب مسؤولية تاريخية في تطبيق الدستور دون مواربة، وانتخاب رئيس في أسرع وقت لكي تعود المؤسسات إلى العمل المنتظم المنتج، المبني على الصدق والأمانة وابتغاء الخير العام».
الشرق الأوسط