“الحيط اللبناني” يصدم لودريان!

استطاع المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان في زيارته السادسة انتزاع تغيير مصطلح الحوار إلى “التشاور” من رئيس مجلس النواب نبيه بري وتأكيد من “حزب الله” على فصل ملف غزة عن الاستحقاق الرئاسي، إلا أن هذا لا يعني أن نتائج جولته كانت إيجابية، بحيث اصطدم برفض من “القوات اللبنانية” لـ “المشاورات” من دون شروط مسبقة كما يسعى بري، بينما وصفت أوساط الثنائي الشيعي زيارته بـ “السياحية”، واضعة إياها في إطار استطلاع الآراء ليقدمها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى نظيره الأميركي جو بايدن في القمة المرتقبة بينهما.

وتراجع لبنان الرسمي عن قراره بالسماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب على أراضيه، بحيث لم يقدم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الإقرار المطلوب لذلك. ونشرت الحكومة الثلاثاء قراراً معدلاً لم يأتِ على ذكر المحكمة الجنائية الدولية، وجاء فيه أن لبنان سيتقدم بشكاوى إلى الأمم المتحدة بدلاً من ذلك، في ما يبدو أنه تخوف من أن تصدر الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق قادة ومسؤولين من “حزب الله” أسوة بما حصل عندما أصدرت مذكرات اعتقال بحق قياديين من “حماس” واسرائيل على حد سواء.

لودريان
استكمل لودريان أمس لقاءاته مع القوى السياسية، فالتقى الرئيس بري ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد، وكتلتي “الاعتدال الوطني” و”لبنان الجديد”، وكذلك رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجميل، ثم توجه إلى بكركي للقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، قبل أن يختتم جولته بلقاء مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب.

جعجع
في عين التينة، أبدى بري استعداده لاستبدال كلمة الحوار بـ “التشاور”، إلا أن تغيير المصطلح وحده لا يبدو أنه سينفع، بحيث أكد جعجع أن “التسمية مهما كانت حواراً أو تشاوراً أو تحاوراً، لن نقبل بخرق الدستور ولا بأي سوابق لا لزوم لها”.

أضاف: “ما فينا نقبل معادلة: ما في شي بيصير بالبلد الا ما يمرق برئاسة المجلس ولو مش من صلاحياتها، فمن غير المقبول وغير المنطقي أن يصار الى عقد جلسة حوار أو مشاورات قبل الجلسات الرسمية عند أي استحقاق، ونحن في الوقت عينه سنبقى من أول المدافعين عن صلاحيات رئاسة المجلس والرئاسات الأخرى كلها”.

وعما اذا كان كلام الرئيس بري يوحي بشيء جديد، قال جعجع: “ان الموفد الفرنسي نقل استعداد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليكون ايجابياً، ولكن اذا كان هناك فعلاً من ايجابية، فعليه أن يدعو الى جلسة انتخابات رئاسية، وفي حال دعت الحاجة الى التشاور عندها يحصل من ضمن الجلسة، اذ ان الدعوة الى جلسة انتخاب هي من واجبات الرئيس وليست من صلاحياته فحسب”.

وكان بري على الرغم من سيره بمصطلح “التشاور”، شدد على أن تكون “مشاورات” من دون شروط مسبقة وتحت قبة البرلمان برئاسته.

“الاعتدال”
وأوضحت أوساط تكتل “الاعتدال” بعد لقائها الموفد الفرنسي أن “لودريان أعجب بكل نقاط المبادرة، وتمنينا عليه أن يلعب دوره حيال نقطتي الخلاف المتعلقتين بالترؤس والدعوة الى جلسة المشاورات، ويبدو أن الأجواء ميالة الى أن يكون هناك حل نظراً الى الحاجة لانتخاب الرئيس”، مشيرةً الى أن “لودريان قال ان هناك اجتماعاً بعد أسبوعين بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن وهو يُعد جدول أعمال هذه القمة حيال وضع لبنان، وبالتالي جولته جزء منها مرتبط بهذا الاجتماع والجزء الآخر لكونه منذ فترة طويلة لم يأتِ الى لبنان”.

الميدان
في الميدان، أعلن “حزب الله” استهداف التجهيزات التجسسية المستحدثة في موقع الراهب، وانتشار لجنود العدو في حرش شتولا بالقذائف المدفعية.

في المقابل، كتب الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على حسابه عبر منصة “إكس”: “إعترضت الدفاعات الجوية هدفاً جوياً مشبوهاً فوق المجال البحري في منطقة رأس الناقورة من دون تفعيل انذارات”.

وأضاف: “خلال ساعات الليلة الماضية هاجمت طائرات حربية مبنى عسكرياً تواجد داخله عناصر من حزب الله في منطقة الناقورة. كما هاجمت الطائرات بنى لحزب الله في رامية والطيري جنوب لبنان. وقصفت القوات بالمدفعية مصادر إطلاق القذائف الصاروخية التي أطلقت نحو منطقة شتولا يوم أمس”.

لبنان يتراجع
إلى ذلك، تراجع لبنان عن قراره السماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب مزعومة على أراضيه، فلم يقدم الوزير بو حبيب الإقرار المطلوب إطلاقاً، ونشرت الحكومة يوم الثلاثاء قراراً معدلاً لم يأتِ على ذكر المحكمة الجنائية الدولية وجاء فيه أن لبنان سيتقدم بشكاوى إلى الأمم المتحدة بدلاً من ذلك.

وكانت حكومة تصريف الأعمال صوّتت في نيسان الماضي على توجيه وزارة الخارجية لتقديم إقرار يسمح للمحكمة بالتحقيق في مزاعم عن ارتكاب جرائم الحرب على الأراضي اللبنانية منذ السابع من تشرين الأول وإجراء محاكمات بهذا الخصوص.

وقال مسؤول لبناني لـ “رويترز” طالباً عدم نشر اسمه إن قرار الحكومة في البداية أحدث “لبسا” بشأن ما إذا كان الإقرار “سيفتح الباب أمام المحكمة للتحقيق في كل ما تريد عبر ملفات مختلفة”.

ويبدو أن هذا التراجع مرده طلب وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال جورج كلاس إعادة النظر في الأمر. وأكد كلاس لـ”رويترز” أنه طلب إعادة النظر في قرار الحكومة الأولي، لكنه نفى أن يكون ذلك خوفاً من أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق أعضاء “حزب الله” أو حركة “أمل”.

ونددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بتراجع الحكومة عن قرارها. وقال رمزي قيس الباحث في شؤون لبنان لدى المنظمة: “أتيحت للحكومة اللبنانية فرصة تاريخية لضمان تحقيق العدالة والمحاسبة على جرائم الحرب في لبنان. عار عليهم تضييع هذه الفرصة”. واعتبر أن “العدول عن هذا القرار يظهر أن دعوات لبنان للمحاسبة جوفاء”.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة