ماذا تُخبّىء المقاومة في لبنان من مفاجآت جديدة للجيش الاسرائيلي؟

جبهة الجنوب من «الإسناد» الى «كسر التفوّق» الاسرائيلي

أظهَر تصاعد المواجهات في جبهة الجنوب اللبناني مؤخراً تغيير نمط العمليات العسكرية لطرفي القتال، بتوسيع الكيان الاسرائيلي رُقعة وحجم الضربات الجوية لِتَطال مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة، وتوسيع المقاومة رقعة الرد وحجمه ونوعيته واهدافه، وهو ما دفعَ بعض المسؤولين الرسميين والمحللين العسكريين الاسرائيليين ووسائل الاعلام العبرية – قبل غيرهم – إلى الإقرار بأنّ «حزب الله» دمّر الشمال وأنهى الحياة فيه، وانه لن يكون لسكان الشمال منازل يعودون إليها بسبب ضربات الحزب».

تجاوز «حزب الله» في المواجهات مع قوات الاحتلال خلال الاسبوعين الماضيين نمط وأسلوب القتال الذي اعتمده خلال الاشهر الماضية منذ بدء الحرب على غزة. وسُجّلت مؤخراً علامات فارقة في عملياته، أبرزها: استخدام الطائرات القتالية المُسيّرة الانتحارية بكثافة في مهاجمة قواعد ومرابض مدفعية وأجهزة رادار وتجسّس جيش الاحتلال في مناطق بعيدة عن خط المواجهة، تماماً كما فعلت اسرائيل في قصف مواقع في العمق اللبناني. واستخدام كثافة نيران كبيرة بالصواريخ «العمياء» (الكاتيوشا) لضرب المواقع العسكرية والمستعمرات القريبة من خط المواجهة، وهي صواريخ أعلنَ عدد من الخبراء الاسرائيليين «انها قديمة ولدى المقاومة عشرات الآلاف منها وربما تريد التخلص منها لكنها مؤثرة في إحداث تدمير ولو كان جزئياً». عدا عن استخدام الصورايخ الدقيقة والمُبصِرة عبر كاميرات تحملها وتحدد اي هدف بدقة. وإدخال صواريخ ثقيلة تزن بين 75 كيلوغراماً و300 و400 كيلوغرام ولها قوة تدميرية كبيرة. وآخر أنواع الصواريخ الثقيلة الجديدة «جهاد مغنية» التي أعلنت عنها واستعملتها المقاومة أمس.

ومع لجوء جيش الاحتلال الى حرب الحرائق باستخدام القنابل الفوسفورية والضوئية الحارقة لإشعال النار في الاحراج الواقعة ضمن الاراضي اللبنانية المقابلة لمواقعه ومستوطناته، لجأت المقاومة الى حربٍ بالمثل، وأحرقت ليل الجمعة – السبت الماضي مساحات واسعة في احراج مستعمرة كريات شمونة وهي اكبر مستعمرة اسرائيلية على الحدود، عدا عن استهداف المنازل في المستوطنات وتدميرها كلياً أو جزئياً، أسوة بما يفعله العدو باستهداف منازل المدنيين في قرى الجنوب. وبعد هذه «الليلة النارية» وما سبقها من استهداف قواعد عسكرية وثكنات ومقار قيادية عسكرية كبيرة، تراجعت اعتداءات الاحتلال على القرى وخَفّت وتيرتها نسبياً. وحيث أكد ضابط اسرائيلي في الشمال للإعلام العبري «انّ «حزب الله» لجأ الى معادلة توازن العين بالعين»، اي المنزل بالمنزل والمدني بالمدني.

هذه المعادلة القتالية الجديدة فرضها الحزب بالنار على جيش الاحتلال، وهو بذلك تجاوز إسناد جبهة غزة وصولاً الى اعتماد كسر التفوق العسكري الاسرائيلي، خاصة بعد استخدام الحزب صواريخ مضادة للطائرات أسقطت دُرّة الطيران الاسرائيلي المسيّر»هيرمز 450 وهيرمز 900»، وإجبار سلاح الطيران على استخدام طائرات «الفانتوم 16» القتالية لتعقّب مُسيّرات المقاومة التي استهدفت قاعدة «بيت هيلل» العسكرية قبل ايام قليلة وفشلت في إسقاطها. وقد استشعر جيش الاحتلال قبل غيره تغيير نمط قتال المقاومة وبات يحسب له ألف حساب بإجراءات حماية لمواقعه وجنوده أكثر مما هي إجراءات قتال هجومية جديدة.

وبرأي المراقبين المتابعين لسير المواجهات، فإنّ كسر التفوق العسكري الاسرائيلي سيدفع قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية الى إعادة الحسابات حول ما يتعلق بجبهة الشمال، وبخاصة حساب شنّ حرب واسعة او اجتياح محدود لبعض مناطق الجنوب الحدودية بهدف إبعاد قوات المقاومة الى شمال نهر الليطاني، وهو ما كانت تسعى إليه القيادة الاسرائيلية عبر المفاوضات التي قادها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لترييح جيش الاحتلال ومستوطنيه، لكن بلا جدوى، فأوقف مسعاه نتيجة موقف «حزب الله» السلبي المتشدد من الطروحات الاميركية والاسرائيلية.

يبقى انتظار مسار الحرب في غزة وهل سيتم اجتياح منطقة رفح بالكامل، وكيف ستكون نتائج المواجهات ومدى انعكاسها على جبهة الجنوب، وربما جبهات المواجهة الاخرى في العراق واليمن وسوريا؟ وهنا يُطرح السؤال: ماذا تُخبّىء المقاومة في لبنان من مفاجآت جديدة للجيش الاسرائيلي؟ وكيف ستتطور المواجهات؟

لكن يكفي قراءة ما يقوله الاعلام العربي نقلاً عن الجنود والمستوطنين في شمال فلسطين المحتلة والخبراء عبر شاشات التلفزة، ليتبيّن مدى الاستعداد الفعلي لدى اسرائيل لتوسيع المواجهات أكثر! إنه باختصار «الفشل والاحباط».

غاصب المختار- الجمهورية

مقالات ذات صلة