شحّاد ومشارط… وعنده من نفسه!
…وانتفض لبنان كلّه، من شماله إلى جنوبه وسهله مروراً بعاصمته. إنتفض شباب الوطن وشيبه. إنتفضت الأحزاب. إنتفض صنّاع الرأي رافضين أجمعين الهبة الأوروبية وقيمتها مليار و70 مليون يورو باعتبارها «رشوة» لإبقاء النازحين في لبنان. الكرامة، والحق يُقال، لا تقدر بثمن. عدا عن أن الرشوة غريبة عن تقاليدنا. لا ناخب يرتشي ولا شاويش ولا موظف مالية ولا خبير جمركياً ولا ناطور مياه ولا مدير مصلحة. وجايي أورسولا فون دير لاين تجرّبنا.
ليس في المؤتمر الصحافي لرئيسة المفوضية الأوروبية ما يشي بأن الحزمة المالية المقسّطة على أربعة أعوام تهدف إلى تعزيز رسوخ السوريين بأرض لبنان وتحضهم على البقاء حيثما هم مهما كانت العودة إلى حمص والغوطة ودوما واللاذقية مغرية. ولا قرأنا في سيماء وجه أخينا نيكوس خريستودوليدس أنه يضمر للبنان شرّاً. وليس من التهذيب بشيء أن يُقال للرئيس ميقاتي «هذا الكلام مو دقيق» وهو من وصف المساعدة بأنها «غير مشروطة» ومخصصة « للبنان واللبنانيين حصراً، وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً، إضافة إلى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية وزيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة».
أأصدق النائب البرتقالي أسعد درغام في ما ذهب إليه أن 40 % من الهبة للإخوان السوريين وأكذّب دولة الرئيس؟ عيب.
بعض الزملاء، من كاشفي «المستور في المنشور»، وممن يعرفون «البيضة مين باضها والقن مين عمّرو» ومن القابضين على أصل الهبة وفروعها استفاضوا وأسهبوا في شرح بنود الرشوة الأوروبية. ولسان حال الأغلبية «مش عاوزينكم ولا عاوزين أموالكم. كرامتنا لا تقدّر بثمن» رفض الهدية تصرف غير لائق. والهدية مليار وطابشين.
اليوم، وفي أسوأ ظرف زمان، جاءت الشطارة دفعة واحدة مصحوبة بالعنفوان الشديد.
منذ أربعة أعوام ونيّف وأيدينا ممدودة للتسول ولم نشعر بأي نوع من الكبرياء ولا بأي منسوب من الخجل.
منذ خمسة أعوام ونحن ننتظر فتات المساعدات، من هنا وهناك، كي لا يسقط البلد ولا تفرط مؤسساته، ولم تنجرح مشاعرنا يوماً.
منذ خمسة أعوام نفاوض كبلد مفلس صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بشروط قاسية، ومن دون أي عقدة نقص.
منذ عقد ونحن نلوم الأوروبيين والمجتمع الدولي على كل ما فعلوه لدعم النازحين من خلال التقديمات المالية السخية لهم في بلد البخور والعبور، في المقابل كل ما سمعناه:»طلبنا الداتا وما عطيونا الداتا» وإن ننسَ فلا ننسى الرحلات الطوعية. يرحل مئة يفد مائة ألف.
ختاماً على الست أورسولا أن تعي تماماً أن لبنان الشحّاد… هو في الواقع شحّاد ومشارط وعنده من نفسه.
عماد موسى