“اللجنة الخماسيّة” تتخبّط… هل تجمّد مساعيها؟

عاد الملف الرئاسي الى أسفل سلم الاولويات المحلية كما الخارجية، اذ بات واضحا ان “اللجنة الخماسية” التي كثفت الشهر الماضي حراكها واجتماعاتها عادت لتفرمل مساعيها، مع اقتناعها ان حل العقدتين اللتين لا تزالان تحولان دون الانتقال الى مرحلة جديدة من مبادرة “الاعتدال الوطني” قد يكون مستحيلا. فلا تجاوز رئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لاي جلسة تشاور مقبلة ممكن في ظل اصرار حزب الله على ذلك، ولا اقناع المعارضة بجدوى حوار يسبق جلسة الانتخاب مُيسر. فحتى مبدأ التشاور باتت تشكك فيه هذه القوى، متمسكة بوجوب الا تكون هناك دعوات للتشاور، انما تداع اليه كما لحظت مبادرة “الاعتدال” بصيغتها الاولى.

ولعل الاشكالية الكبرى تبقى بفشل “الخماسية”، كما كل مساعي الداخل في فك ربط مصير لبنان والرئاسة اللبنانية بمصير غزة، ومؤخرا بمصير رفح، ما يعني عمليا ان مصير الرئاسة بات مرتبطا بمصير المنطقة ككل، التي تتجه اما للانفجار الكبير في حال بقي رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو على تعنته بموضوع اجتياح رفح، او الى تسوية كبرى تبدأ بهدنة محدودة يُرجح ان تتوسع مؤسسة لتسوية كبرى ايرانية- اميركية تشمل المنطقة ككل، ويكون لبنان جزءا منها.

وايا كان السيناريو المرجح، فان مهام “الخماسية” تشهد فعليا فرملة غير مسبوقة ستهدد الدور الدولي في هذا المجال، في ظل حديث مصادر ديبلوماسية عن ان “التوجه لتجميد المساعي الدولية بالملف الرئاسي اللبناني مطروح، وان كانت الدول ال٥ لا تزال تعطي فسحة قصيرة من الزمن، لتجاوب قوى الداخل مع الجهود المبذولة”.

وتتحدث المصادر الديبلوماسية عن ٣ خيارات امام “اللجنة الخماسية” راهنا:

– أولا: مواصلة مساعيها الديبلوماسية وتثبيت دورها كمجرد وسيط بين القوى اللبنانية، والاستمرار في محاولة حل العقد التي لا تزال تحول دون تقدم الأمور بمبادرة “الاعتدال”، على اعتبار انها السلم الداخلي الذي قد يُنزل القوى المحلية عن الشجرة.

– ثانيا: الاستسلام لفشل مساعيها وتجميد حراكها ومبادرتها، وتسليم المهمة المستحيلة مجددا للمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان او المبعوث القطري

– ثالثا: الانتقال الى مرحلة الضغوط المباشرة على قوى الداخل، التي قد تبدأ بوتيرة منخفضة وتتصاعد تباعا. علما ان بعض اعضاء اللجنة يؤيد اللجوء الى التلويح بعصا العقوبات، في وقت يرفض اعضاء آخرون هذا التوجه ويصرون على سياسة الجزرة. اذ يعتبر هؤلاء ان العقوبات وفي حال تقرر اعتمادها، قد تشمل قوى في المعارضة كما في السلطة، باعتبار انه صحيح ان رئيس المجلس النيابي لا يدعو لجلسة انتخاب، ما يجعله مسؤولا اساسيا عن عدم حصول الانتخابات الرئاسية حتى الساعة، لكن في المقابل ترفض المعارضة الحوار للتوصل الى تفاهم، ما يعني ان الطرفين في موقع المعرقل للحلول وان بمستويات مختلفة.

وتستهجن مصادر في “القوات” وضعها في “كفة واحدة مع مَن يمسك بمفاتيح مجلس النواب ويرفض فتحه لانتخاب رئيس”، مشددة على ان “التمسك بتطبيق احكام الدستور الذي لا يتحدث عن حوار لانتخاب رئيس، انما عن جلسات انتخاب يفترض ان تكون مفتوحة ومتتالية، لا يمكن اعتباره تعطيلا!” وتضيف المصادر: “صحيح ان الامور رئاسيا تدور في حلقة مفرغة بسبب اصرار “الثنائي الشيعي” على فرض مرشحهم، لكننا سنبقى بالمواجهة ولن نخضع الى ارادتهم، ما دام لا مخارج دستورية اخرى يمكن اللجوء اليها”.

بالمقابل، لا يبدو حزب الله متفرغا للملف الرئاسي، خاصة في وقت تتضاعف التعقيدات في المنطقة، لذلك هو يبلغ من يسأله بوضوح انه متمسك ب٣ وقائع: ترشيح رئيس “المردة” سليمان فرنجية حتى يُعلن فرنجية العكس، التمسك برئاسة نبيه بري لاي حوار يتناول الملف الرئاسي، ورفضه الخضوع الى خيار المرشح الثالث تحت ضغط الحرب.

بولا مراد- الديار

مقالات ذات صلة