الوساطة تضع قطر في موقف معقد والحفاوة القطرية قد تنقلب إلى غضب: فهل تتخلى عن حماس؟
قال مسؤول مطلع على تقييم تجريه الحكومة القطرية إنها يمكن أن تغلق المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة في إطار مراجعة أوسع لدور الوساطة الذي تضطلع به الدولة في الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتظهر عدة مؤشرات أن قطر تتجه إلى التخلي عن الوساطة ورفع يدها عن حماس، ومن بين هذه المؤشرات أنها كانت تعتقد أن دور الوسيط سيحميها من غضب إسرائيل واللوبي الداعم لها في الولايات المتحدة، لكن هذا لم يتحقق وباتت الدوحة تتعرض لانتقادات كبيرة وأحيانا إلى تلويح بالعقوبات بسبب ما يعتبره أنصار إسرائيل، من شخصيات أميركية نافذة، دعما لحماس وتقوية لدورها، وفي نفس الوقت عجزا عن الضغط على الحركة لإطلاق المحتجزين الإسرائيليين والكف عن العرقلة المتواصلة لمفاوضات التهدئة.
ويشعر القطريون بأنهم باتوا في وضع صعب في ظل اتهامهم برعاية حركة حماس ودعمها وعدم الضغط عليها، وهو ما يجعلهم في مرمى العقوبات الأميركية، وقد يدفع الوضع الحالي إلى إعادة فتح ملف علاقات الدوحة مع الحركات الإسلامية المصنفة أميركيا كجماعات إرهابية مثل حماس.
لكن حماس نفسها باتت تتعمد إرباك قطر وإظهارها في موقف العاجز الذي لا حول له ولا قوة. وترفض الحركة محاولات من قطر لدفعها إلى التجاوب مع مقترحات التهدئة التي تقدمها الولايات المتحدة، وخاصة المقترح الأخير الذي وصف بـ”السخي جدا”، ورفضه سيحرج الدوحة أمام الأميركيين ويؤكد أن لا تأثير لها على حماس.
ولوحظ أن حماس تتعمد الإبطاء في الرد على المقترح الأخير بالرغم من دعم الأميركيين له. ويوحي الإبطاء بأن الحركة توجه رسالة إلى طرف ما، قد يكون الدوحة، لتؤكد له أن حماس ما تزال تتحكم بقرارها وأنها لن تقدم تنازلات لخدمة أيّ جهة أخرى حتى لو كانت قطر التي تستضيف قيادة الحركة وتتيح لها فرص الظهور الإعلامي باستمرار.
وقال المسؤول لرويترز إن قطر تدرس ما إذا كانت ستسمح لحماس بمواصلة تشغيل المكتب السياسي، وإن المراجعة الأوسع تشمل النظر في ما إذا كانت ستواصل التوسط في الصراع المستمر منذ قرابة سبعة أشهر.
وقالت قطر الشهر الماضي إنها تعيد تقييم دور الوساطة الذي تضطلع به في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، مشيرة إلى مخاوف من تقويض جهودها بفعل ساسة يسعون إلى تحقيق مكاسب.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه في حالة عدم اضطلاع قطر بدور وساطة، فلن تكون هناك فائدة من الاحتفاظ بالمكتب السياسي لحماس لديها، لذا فإن هذا جزء من إعادة التقييم.
وذكر المسؤول أنه لا يعلم ما إذا كانت قطر ستطلب من حماس مغادرة الدوحة إذا قررت الحكومة القطرية إغلاق مكتب الحركة. ومع ذلك، قال إن مراجعة قطر لدورها ستتأثر بكيفية تصرف إسرائيل وحماس خلال المفاوضات الجارية.
وقال مسؤول إسرائيلي السبت إن حركة حماس “تعرقل إمكان التوصل إلى اتفاق” تهدئة في غزة بإصرارها على مطلب وقف الحرب في القطاع.
واعتبر المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن “المعلومات التي تفيد بأن إسرائيل وافقت على وضع حد للحرب، في إطار اتفاق على تبادل للسجناء أو بأن إسرائيل ستسمح للوسطاء بضمان وقف الحرب، غير دقيقة. إلى الآن، لم تتخل حماس عن مطلبها بوضع حد للحرب، وهي بذلك تعرقل إمكان التوصل إلى اتفاق”، بشأن مقترح للتهدئة بعد نحو سبعة أشهر على اندلاع الحرب في قطاع غزة. وفي تقرير لها الجمعة، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي لم تسمّه القول إن واشنطن طلبت من الدوحة طرد حماس إذا استمرت الحركة في رفض اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
ولاقت الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قطر بعدم الضغط على حماس لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين صدى في دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، وظهرت أصوات تطالب الدوحة بقطع التمويل عن حماس وطرد قادتها خارج قطر، محذرة من أن الأميركيين سيعيدون تقييم علاقتهم معها، ما قد ينتهي إلى مراجعة تصنيف قطر كدولة صديقة.
وهدد عضو الكونغرس ستيني هوير الاثنين بإعادة تقييم العلاقات الأميركية مع قطر إذا لم تضغط الدوحة على حماس لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
وذكر النائب الديمقراطي أن قطر يجب أن تخبر حماس بأن هناك “تداعيات” إذا “واصلت الحركة عرقلة التقدم صوب الإفراج عن الرهائن والتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار”.
وفي رد سريع على هذه التهديدات، التي تعكس مزاجا عاما لدى السياسيين الأميركيين، بمن في ذلك من هم من حزب الرئيس جو بايدن، قالت السفارة القطرية في واشنطن إن تعليقات هوير “غير بنّاءة”، وإن “قطر وسيط فقط، لا نتحكم في إسرائيل أو حماس. وهما المسؤولتان الوحيدتان عن التوصل إلى اتفاق”.
ولم تلجأ الدوحة إلى الدفاع عن موقف حماس، وهو الموقف الذي تروّج له في وسائل إعلامها لكسب تعاطف أنصار حماس والإخوان، ولكن سعت للنأي بنفسها عن الحركة وأفعالها والقول إنها مجرد وسيط يقوم بدوره بطلب من الولايات المتحدة في 2012.
وتستضيف قطر المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2012 كجزء من اتفاق مع الولايات المتحدة.
ويعيش إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في الدوحة وسافر بشكل متكرر، بما في ذلك إلى تركيا، منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
العرب