الجماعة الإسلامية واجهة “الحزب” السنيِّة
لم تكن مصادفة إعادة إحياء قوات «الفجر» المنبثقة عن الجماعة الاسلامية، والتي كانت نشطت ابان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في ثمانينات القرن الماضي، واصبحت بعدها خامدة حتى الذوبان الكامل.
بعد انتخابه امينا عاما للجماعة الاسلامية في لبنان محمد طقوش مؤخرا، خلفا لعزام الايوبي، لم يخفِ ميوله لحزب الله وتلاقيه معه في العديد من الامور والقضايا، ولاسيما منها مقاومة إسرائيل، واشارته للتمايز بملفات اخرى، مع تأكيد ثقته بحركة حماس، برغم خصوصية واستقلالية الجماعة عن الحركة.
كانت عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومبادرة حزب الله لدعمها وفتح جبهة الجنوب ضدها، مدخلا للحزب والجماعة لتطوير علاقتهما واستفادة كل منهما من الآخر.
سعى الحزب لاعادة تظهير الجماعة كحركة سنيّة مقاومة الى جانبه، والدفع بصورتها، الى واجهة الجبهة، مع تقديم كل الدعم التسليحي والتموضعي، لاظهار وجود غطاء سنيّ الى جانبه في عملية المشاغلة مع إسرائيل، لاسيما في المناطق والبلدات ذات الغالبية السنيّة بالعرقوب، بعدما لاحظ رفض ومعارضة، اكثرية المكونات اللبنانية الاساسية من السنّة والمسيحيين والدروز، عن فتح جبهة الجنوب بقرار ذاتي بمعزل عن قرار الدولة او الاطراف السياسيين، باستثناء قوى محدودة الشعبية والتأثير.
وفي المقابل وجد الامين العام للجماعة الاسلامية، الفرصة مناسبة، للاستفادة من الانضواء في المواجهة إلى جانب الحزب، لتحقيق طموحاته في تكبير دور الجماعة، محليا واقليميا واظهارها بالداعم لحماس في معركة غزّة من جهة، ومحاولة استقطاب الشارع السنّي المتعاطف معظمه مع الحركة، على أمل أن تستقطب الجماعة، حيزاُ من هذا الشارع المشرذم، جراء غياب الزعامات السنيّة الوازنة، بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي منذ عامين.
أراد حزب الله بتظهير الجماعة تلوين المقاومة بفصيل سنّي إلى جانبه، وتوظيف هذا الواقع ضد مكونات السنّة المعارضين بالداخل لاشعال الجبهة جنوبا، وتوجيه رسالة غير مباشرة للعرب الرافضين لاسيما بالخليج.
وبينما انتهزت الجماعة مناسبة تشييع شهدائها في بيروت وعكار، لابراز قوتها، وصورة وجودها الجديدة بالسلاح غير الشرعي، مقلدة لحماس باطلالتها، ولاعطاء انطباع للرأي العام بدور مختلف عن السابق. وبالرغم من تعاطف محدود معها، انطلاقا من التضامن مع الشعب الفلسطيني في مقاومة العدو الاسرائيلي في غزّة، تناست ان هذا المشهد لا يلقى الرضى والقبول في الوسط السنيّ خصوصا واللبناني عموما، انطلاقا من التمسك بسلطة الدولة والشرعية، ورفض سيطرة السلاح غير الشرعي، وتناست ان تحالفها مع حزب الله، المدان باغتيال زعيم السنّة في لبنان رفيق الحريري، وتسلطه على مشروع الدولة في لبنان، وتبعيته لايران، يؤدي الى النفور منها، ويزيد التباعد عنها، في حين يخشى البعض من ان ينتهي بها المطاف في تحالفها مع الحزب، بعد انتهاء حرب المشاغلة، والتوصل إلى اتفاق نهائي مع إسرائيل جنوبا، إلى تنظيم حزبي مسلح، توكل اليها بعض مهمات «المشاغلة» ضد خصوم الحزب السياسيين بالداخل.
اللواء