المتوقّع والمفاجئ في عراضة ببنين المسلّحة: محطات… دائماً غب الطلب
اعتمد «حزب الله» تسليح جماعات «سنية» تدور في فلكه، وذلك منذ مصادرة السيادة التي كان يتولاها النظام الأسدي في لبنان قبل خروج جيشه عام 2005. فكانت قوات شاكر البرجاوي وجماعات «الأحباش» و»فتحي يكن» و»عصبة الأنصار» والتنظيمات الفلسطينية الاسلامية المسلحة في عين الحلوة، ناهيك عن «فتح الإسلام» وشاكر العبسي، والخط الأحمر الذي رسمه الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله لمنع مواجهته واخراجه من مخيم نهر البارد عام 2007 على يد الجيش اللبناني.
وبالطبع من دون إغفال التزام «الحزب» بتسليح الأحزاب والقوى «الرسمية» كالقوميين والشيوعيين وما إليهما، وتشهد منطقتا جنتا ووادي يحفوفا في البقاع على التدريبات والرعاية المستدامة. وأخيراً لا آخراً، ها هي «قوات الفجر» نجمة الساحة، في حين يستمر غياب الجهات القضائية والأمنية الرسمية، عن البحث والتحري وضبط مصدر كل هذا السلاح «المشرعن» وفق قاموس الممانعة، والمتدفق بحماها ورعايتها.
وغالباً ما استخدم «الحزب» هذه الجماعات لزعزعة الأمن في لبنان والعبث بالاستقرار والأمان وعرقلة قيام الدولة، وتحديداً بعد العام 2005، تلبية لمصالح رأس محوره الإيراني واستكمالاً لمخططه الذي نعيش جحيمه في واقعنا الراهن. واليوم مع «طوفان الأقصى» و»حرب غزة» ومصادرة المحور الممانع قرار الحرب في لبنان، كان لا بد من تغذية هذه المجموعات عسكرياً ورفدها بتشكيلات جديدة وفق ما تتطلبه المرحلة لتضليل الرأي العام اللبناني، الرافض للحرب والدمار وأخذ لبنان إلى المجهول وتعريضه أكثر فأكثر للإجرام الإسرائيلي إلى ما قدّر الله، وذلك من خلال فتح ساحته للراغبين في الجهاد تحت عنوان القضية الفلسطينية وما تحمله من اعتبارات في الوجدان لفئات واسعة من اللبنانيين، وتحديداً السنة.
لذا كانت العراضة العسكرية في ببنين العكارية، وقبلها عراضات في مناطق أخرى، وتصريحات لرؤساء أحزاب مستزلمة للممانعة عن مشاركتهم في الجهاد المقدس، بما يبرر إشهارهم سلاحهم. هذا عدا فتح الجنوب للفصائل الفلسطينية «الإسلامية» وليس الوطنية. وهات يا صواريخ تطلقها كتائب «عز الدين القسام» وترد عليها آلة القتل الإسرائيلية بوحشيتها المعهودة.
ويدفع لبنان الثمن، لتصل خسائره الإجمالية إلى ما يقارب 350 مليون دولار في الجنوب، وفي لبنان بشكل عام تقدر هذه الخسائر بنحو مليار و600 مليون دولار. ولكن تبقى الأرقام محتقرة في همّة «الحزب» الذي يستمد توكيله من الله سبحانه وتعالى، وليس من بشر تافهين يشكلون نسبة لا يستهان بها من الشعب اللبناني. والتوكيل يعطي الأولوية لاستكمال المشروع الإيراني في المنطقة، والاجرام الإسرائيلي مبرر دسم وحلقة مثمرة مساعدة.
أما ردّات الفعل، فيمكن استيعابها، حتى أنه يمكن الالتفاف على امتعاض الجماعة الإسلامية في بيانها الآسف لـ»المظاهر المسلّحة وإطلاق الرصاص الذي رافق انتقال جثماني الشهيدين من طرابلس إلى ببنين وخلال التشييع»، واعتباره «خارجاً عن أخلاق أهلنا وطبيعتهم»، والرافض «أي مشهد يثير الذعر والخوف بين اللبنانيين، والجميع مدعو لبذل جهده في حماية وإعمار وبناء الوطن ومؤسساته».
كذلك يمكن الالتفاف على ما يتسرب عن كون المشاركين في عراضة ببنين العسكرية ليسوا من الجماعة، ولكن من «سرايا المقاومة»، الذين تمت برمجتهم لمهام وظيفتها تقضي بحرف البوصلة عن العلة الفعلية الكامنة في مصادرة إيران السيادة اللبنانية.
بناء عليه، المفاجئ في عراضة ببنين العسكرية هو استنكار المعارضين للحزب الإلهي حصولها. فالمتابعة لما حصل ويحصل تجعلها في إطار البديهيات. فالمهم استكمال المشروع الإيراني، وبما يمكن استثماره من مجريات «حرب غزة». ما يعني أن حدث العراضة ينحصر في كونه محطة عابرة. من المتوقع أن تليها محطات… ودائماً غب الطلب.
سناء الجاك – نداء الوطن