العراضة المسلحة تصدم الأوساط الشعبية والسياسية!

لم تهدأ ردود الأفعال، سياسيًا وشعبيًا، من الظهور المسلح لمناصري الجماعة الإسلامية، أمس الأحد، في ببنين عكار، أثناء تشييع اثنين من قادة الجماعة، استشهدا جنوبًا.

فخلال التشييع الذي حضره المئات من أبناء البلدة ومناصري الجماعة، عمدت مجموعة من الشبان الملثمين تقلدت زيًا عسكريًا، إلى حمل الرشاشات وقاذفات الآر. بي. جي، وأطلقوا الرصاص عشوائيًا، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين، وأضرار في الممتلكات.

شكل هذا المشهد صدمة في بعض الأوساط الشعبية والسياسية، وتساءل كثيرون عن الرسالة التي أرادت الجماعة إيصالها من تشييع تحول إلى استعراض عسكري. علمًا أنها ليست المرة الأولى. ففي منتصف آذار الماضي، شهدت طريق الجديدة في بيروت، تشييعًا مماثلًا للجماعة الإسلامية، بعد استشهاد ثلاثة من عناصرها جنوبًا، في 10 آذار، وهم: محمد رياض محيي الدين وحسين هلال درويش ومحمد جمال إبراهيم.

الفصيل السني
وكانت الجماعة الإسلامية قد نعت اثنين من قادتها المقاتلين، وهما مصعب ومحمد خلف، اللذين استشهدا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت سيارتهما في البقاع الغربي في 26 نيسان الفائت.

وصباح الأحد، انطلق موكب التشييع من طرابلس، نحو مسقط رأسهما في بلدة ببنين عكار. وأظهرت مقاطع الفيديو من ساحة العبدة في عكار كثافة النيران التي أطلقها المشيعون الملثمون، ما أسفر عن إصابة طفل، إضافة إلى إصابة سيدة بشظايا على الأقل.

وواقع الحال، منذ إعلان انخراطها في جبهة الجنوب، ولأول مرة في 18 تشرين الأول، عند إطلاق صواريخها نحو فلسطين المحتلة، بدت الجماعة الإسلامية كأنها تسعى لإعادة إحياء دورها كفصيل سني مقاوم ضد إسرائيل، رغم محدودية دورها وأثر عملياتها. وهو ما تعزز في الجنازتين الجماهريتين اللتين أحيتهما لشهدائها الخمسة، الأول لثلاثة مقاتلين شيعتهم في طريق الجديدة، والثانية للمقاتلين خلف اللذين شيعتهما في ببنين أمس.

وفي احتواء للموقف، أعربت الجماعة الإسلامية في بيانها أمس عن شكرها لأهالي عكار على التشييع، لكنها أسفت لما أسمته بالمظاهر المسلحة وإطلاق الرصاص.

علمًا أن هذا التشييع، حضره أمين عام الجماعة الإسلامية محمد طقوش، وشاهد ميدانيًا المظاهر المسلحة للذين ارتدوا زيًا عسكريًا وكانوا ملثمين بصورة بدت منظمة. وأدان طقوش خلال كلمته إطلاق الرصاص، واصفًا إياه بالفعل المحرم، “لعدم ترويع الأهالي”.

وتفيد معطيات “المدن” بأن عددًا كبيرًا من المسلحين الذين حضروا التشييع، لم يكونوا من “قوات الفجر” (الجناح العسكري للجماعة).

ردود منددة
توازيًا، تداول ناشطون على نطاق واسع الفيديوهات المنتشرة للمسلحين أثناء عملية التشييع، واعتبر البعض أن ثمة استغلالًا للمناسبة لتكريس منطق السلاح المتفلت.

ووجد نواب كثيرون في هذا الحدث مناسبة لتمرير رسائل، حول عدم شرعية السلاح وضد حزب الله في الجنوب.

من جانبه، اعتبر النائب إبراهيم منيمنة بأن الجماعة الإسلامية وقيادتها “تتحمل مسؤولية العراضة العسكرية المنظمة في عكار اليوم وإطلاق النار وسقوط ثلاثة جرحى من بينهم طفل”. وقال متسائلًا: “لا يمكن لبيان سطحي أن يلغي هذه الحقيقة.. فهل المقصود بالمزايدة بالعراضات المسلحة من بيروت إلى عكار وطرابلس، أن السلاح يحمي السلاح؟”.

وقال النائب مارك ضو: “العراضات العسكرية لأي ميليشيا مرفوضة في أي منطقة في لبنان. لا أمان ولا أمن إلا بوحدة السلاح تحت ظل وقرار الدولة والمؤسسات الشرعية حصرًا”.

كما صدر موقف عن الرابطة المارونية، اعتبرت فيه بأن “المظاهر المسلحة ببلدة ببنين، أثناء تشييع عنصري الجماعة الإسلامية، مدانة ومرفوضة لأنها تشكل تعدياً صارخاً على سيادة الدولة وقوانينها المرعية..”.

وقال النائب وضاح الصادق: “لا يخدم الظهور المسلح الداخلي سوى إسرائيل، فالرصاص والقذائف الصاروخية العشوائية سقطت في عكار البعيدة مئات الكيلومترات عن القدس، وأصابت لبنانيين وأظهرت مجدداً الإصرار على دقّ المسمار تلو المسمار في نعش الدولة”.

توازيًا، أكد عضو المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية ورئيس بلدية ببنين، كفاح الكسار، بأن “مطلقي الرصاص خلال التشييع ليسوا من أبناء الجماعة الاسلامية، وإذا ثبت أن أحدهم أطلق رصاصة، فسنسلمه للأجهزة الأمنية”!

جنى الدهيبي- المدن

مقالات ذات صلة