فلتان مسلّح في دولة «أمنها فلتان»: تشييع “مسلّح” لعنصرَي “الجماعة”
رافقَ تشييع مصعب وبلال خلف من «الجماعة الإسلامية» في بلدة ببنين- عكار، إطلاق نار كثيف وظهورٍ مسلّح واسع تجلّى بشكل واضح من مدخل عكار عند نفق بلدة المحمّرة، مروراً بالعبدة وساحتها، وعلى طول الطريق حتى الوصول إلى بلدة ببنين وساحتها، وهناك كان التحضير لدفنهما في مقبرةٍ وسط البلدة.
كان الظهور المسلّح لعناصر تابعة لـ»قوات الفجر»، التي قالت مصادرها لـ «نداء الوطن»: «مهمّة قواتنا في ببنين وعلى مسار التشييع، كانت تأمين التنظيم اللوجستي، وليس لها علاقة بإطلاق النار الذي حصل لا من قريب أو بعيد، ونجزم بأنّ أي رصاصة لم تطلقها عناصرنا، وكشف هوية من أطلق الرصاص من مسؤولية الأجهزة الأمنية، وعليها أن تعرفهم». كما ألقى الأمين العام لـ»الجماعة» محمد طقوش كلمة خلال التشييع «حرّم فيها إطلاق الرصاص»، ودعا إلى فرض الأمن.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ قسماً كبيراً من المسلّحين كان من غير «قوات الفجر»، التي ارتدى عناصرها لباسهم العسكري، أما بقية المسلّحين الملثّمين، فهم شبّان من ببنين وخارجها، وقد لا ينتمون إلى أي تنظيم مسلّح، غير أنّ مثل هذه المناسبات غالباً ما يستغلها كثيرون لحمل السلاح وإطلاق النار، حتى أنّ من أراد أن يجرّب سلاحاً حربياً أو ينفّذ استعراضاً مسلحاً، فإنّ مناسبة كهذه تعتبر فرصته.
في المقابل، كلّ النداءات المتكررة التي أطلقها الشيخ سعيد خلف والد مصعب، وهو المسؤول عن «الجماعة الإسلامية» في عكار، كما تلك التي أُطلقت من مآذن المساجد، بالطلب من الجميع عدم إطلاق النار، لم تلقَ آذاناً صاغية. وكان الشيخ خلف قال في رسالة للجميع قُبيل التشييع: «إحتراماً للشهادة ودماء الشهداء، أطلب عدم إطلاق الرصاص وترويع الناس، ومن أراد تضييع هذا الرصاص في الهواء، فالأجدى أن يعطى لنا، ونحن نتكفّل بإرساله للمقاتلين ضدّ إسرائيل».
والأمر لم يقتصر على الرصاص فقط، فالقذائف ومنها الـ»آر بي جي» كانت حاضرة في الساحات، وتحدثت المعلومات عن سقوط عدد من الجرحى أمس نتيجة الرصاص العشوائي، والسلاح المتفلّت الذي قضّ مضاجع الناس، كما حرَم كثيرين من المشاركة في التشييع لاعتقادهم المسبق بأن الوضع سيكون على هذه الحال.
قرابة الثالثة بعد الظهر تم دفن العنصرين بعد إقامة صلاة الجنازة في مسجد الحبيب المصطفى وسط بلدة ببنين، واستمرّ إطلاق الرصاص، وقد انهمر على أماكن عدة، ما أثار الرعب والذعر في نفوس المواطنين. إنتهى يوم التشييع الطويل بأقلّ الأضرار مقارنة بحجم الرصاص الذي أُطلق. نفضت «الجماعة الإسلامية» بجناحيها العسكري والسياسي يدها ممّا حصل، ووضعت الأمر في عهدة الدولة وأجهزتها الأمنية.
بالمحصلة، السلاح المتفلّت كان الظاهر الأبرز فيما الدولة كانت الغائب الأبرز. إنه مشهد يتكرّر في عكار وغيرها كل يوم، في دولة لا تملك من أمر الحرب والسلم شيئاً، وأكبر دليل على ذلك ما يحصل في الجنوب، حيث أن هناك حزباً يقاتل ودولة تتفرّج، والفلتان المسلّح في دولة «أمنها فلتان» ليس حكراً على منطقة.
مايز عبيد- نداء الوطن