في خضم الكباش المفتوح: 8 آذار “تتوعد” جعجع بما “يدهشه”… و”القوات”: “مستمرون ونحن أم الصبي”
لم يكن مشهد نواب المعارضة في عرين “القوات اللبنانية” في معراب يحتاج الى تأكيد الفرز الحاصل في الخريطة النيابية، ولو ان الدعوة حملت عنوان “1701 دفاعا عن لبنان”. وينسحب اللقاء نفسه والانقسامات حوله على ملفات اخرى شائكة في مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية. واذا كان عدد محدود من النواب السنّة قد لبّوا دعوة “القوات” إلا أنه سُجل غياب للتمثيل الدرزي، والشيعة ليسوا في وارد الحضور في الاصل، فضلاً عن ان عددا من النواب المسيحيين لا يلتقون مع اهداف هذا اللقاء لجملة من الاسباب، ولا سيما منهم تكتل “لبنان القوي”، ولو اجتمع مع الدكتور سمير جعجع في “تقاطع” مرحلي وابن ساعته على انتخاب المرشح جهاد ازعور بـ59 صوتا. وكان واضحا عدم وجود تغطية سنية كبيرة للقاء معراب نظراً الى عدم تسوية العلاقات حتى الآن بين “القوات ” و”تيار المستقبل” ورئيسه سعد الحريري الذي يؤثر والرئيس نجيب ميقاتي على مجموعة كبرى من هذا المكون النيابي الذي يشكل بيضة القبان في اي جلسة انتخاب حقيقية.
ولا يمكن تجسيد صورة طاولة معراب وفق ما يدور في الجنوب فحسب وتفرّد “حزب الله” بفتح مواجهة عسكرية ضد اسرائيل، الا ان هذه القراءة لا تكتمل جوانبها من دون ربطها بالانتخابات الرئاسية، وتحديدا في وجه الكتل التي التقت في مجلس النواب بنصاب لا يقل عن 72 نائبا ومددت للمجالس البلدية والاختيارية، ولا مانع لدى بعضهم في ان يكون المشاركون على قلب رئاسي واحد.
وتترافق كل هذه التطورات مع مشروع التلاقي بين الرئيس نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حيث يبدو ان الامور بينهما تسير الى تقدم بدليل تفاهمهما في محطتين مهمتين في الايام الاخيرة تمثلتا في انتخابات نقابة المهندسين والتمديد للبلديات، ولولا مشاركة النواب العونيين لما توافر نصاب آخر جلسة التي تحتاج الى 65 نائبا.
ويجري بين الافرقاء “تشريح” لهذا التطور الذي اعاد الروح الى قوى 8 آذار بعد تقارب حركة “أمل” و”التيار”، في وقت يعبّر “حزب الله” عن ارتياحه لهذا التطور الايجابي بين حليفيه ولو ان الامر لا يتطلب من جانبه التصفيق لباسيل جراء مواقفه وتصريحاته الاخيرة حيال الحرب في غزة واحداث الجنوب والتي هي ليست محل ترحيب عند قيادة الحزب.
وفي معرض الحديث عن انزعاج جعجع مما يدور في أوساط الكتل التي يعمل على محاربتها والوقوف في وجه مشروعها بكل ما أوتي من قوة، ترد مرجعية في 8 اذار عليه بان يستعد جيدا “لأمور كثيرة ستدهشه”. ومرد هذا الكلام في وجه “القوات” ان التعاطي السياسي القائم بين الافرقاء لم يعد يحتمل المشهد الرمادي، وان الامور لم تعد مختلطة بين “الابيض والاسود” مع تحميل معارضي “القوات” مسؤولية استغلالها الظرف السياسي “حتى لو كان لا يصب في مصلحة البلد وتهديد سلمه الاهلي” . ويجري تعداد اكثر من واقعة من حادثة الطيونة الى جريمة قتل القيادي “القواتي” باسكال سليمان حيث اظهرت الوقائع وعلى لسان قائد الجيش العماد جوزف عون ان جريمة قتل سليمان ليست سياسية. وهذا ما تبلغته بكركي منذ الساعات الاولى، وحسنا فعل البطريرك بشارة الراعي في تصريحاته الهادئة والمدروسة بعناية شديدة.
في المقابل، تتصدى “القوات” لكل الحملات والتهجمات والاتهامات التي طاولتها على ضوء ما تسعى اليه من خلال لقاء معراب. وتقول على لسان نائبها جورج عقيص ان اللقاء حقق المطلوب ولو انها كانت تريد حضورا اكبر من خلال مشاركة نواب الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة “الاعتدال الوطني” ونواب آخرين. ورغم كل هذه التحديات لن تتراجع “القوات” عن مشروعها في تحصين البلد وعدم مصادرته (حزب الله) ومن موقعها “أم الصبي” في المعارضة، مع اشارة عقيص الى ان المسألة الوطنية ليست لعبة من يقود المعارضة او تحديد معركة أحجام لأي جهة “بل اين سيكون مصير البلد والحفاظ عليه في المرحلة المقبلة”. ولن تتوقف “القوات” عند ما اقدمت عليه اخيرا “بل ستواصل مروحة مشاوراتها ولقاءاتها مع الجهات التي تغيبت عن اللقاء لاسباب تخصها. وسنستمر في التشاور معها بغية التوصل الى جملة من الاهداف المشتركة. وشكّل مؤتمر المعارضة محطة اساسية يمكن البناء عليها”.
وفي خضم الكباش المفتوح بين الافرقاء والكتل النيابية وفي توقيت امني وسياسي خطيرين يتداول متابعون في حلقات ضيقة استعداد نواب المعارضة (اكثر من ثلاثين) الى تقديم استقالاتهم اذا سُدت الآفاق امام انتخاب رئيس للجمهورية، الا ان “القوات” ليست في هذا الوارد. ولا ترى اي جدوى من هذه الخطوة التي لجأ اليها البعض في المجلس السابق، وهي تقول انها في صميم المواجهتين السياسية والدستورية لـ”حفظ الوطن ومؤسساته”.
رضوان عقيل – النهار