بعد ان تحولت المنطقة الى “شبه غابة”: قرار رسمي باستعادة “الهيبة” الأمنيّة في الضاحية ومُحيطها

إستخدام السلاح "أسهل من شربة المي"

من المشاهد العادية في الضاحية الجنوبية، أن يقوم أحد الأشخاص على متن دراجته النارية باعتراض طريق شخص آخر على متن دراجة نارية أيضاً، ويقوم بضربه مستخدماً “الساطور” على مرأى عيون الناس في وضح النهار، ويتركه غارقاً بدمائه ويُكمل مسيرته. هذه المشاهد ليست لفيلم حركة وإثارة ولا مسلسل رعب، بل مشاهد حقيقية حصلت منذ أيام.

كذلك من الأخبار العادية أن يُقتل أحد نواطير البنايات خلال تفقده خزانات المياه على سطح المبنى، حيث صودف رؤيته لسارق على السطح، عاجله بطعنة سكين قطّعت أوصال قلبه. أو أن تُسمع الطلقات النارية في أكثر من مكان بسبب إشكالات مسلحة، حيث بات استخدام السلاح “أسهل من شربة المي” على حد قول أحد ساكني حارة حريك، وتستقر الطلقات في منازل الآمنين أو سياراتهم، أو أن يدخل شخصان الى شقة في حي الأميركان بالضاحية يسرقوها ويأخذون كامل وقتهم بذلك، علماً ان السرقة قد سبقها محاولات فاشلة في شقق أخرى في نفس المنطقة.

بعد كثرة المناشدات حول وضع طريق المطار الدولي التي تحولت الى مرتع للمجرمين، بدأت تحركات الأجهزة الأمنية تؤتي ثمارها، سواء لناحية التوقيفات او لناحية النوايا الحقيقية بالعمل على تغيير الواقع الأسود الذي مرّغ هيبة الدولة بالتراب، حيث تكشف مصادر أمنية ان قراراً على مستوى أمني عالٍ قد اتخذ لتغيير هذا الواقع، عبر تكثيف العمل الذي لم يكن متوقفاً يوماً، وبدأت الإجراءات على الأرض، منها ما هو مرئي كالدوريات العسكرية والأمنية التي تجري بلباس رسمي ولباس مدني، ومنها ما غير مرئي مثل التنسيق الكامل بين الأجهزة وتبادل المعلومات حول المطلوبين والمشاركين بالعمليات الإجرامية.

من الواضح أن عمل الأجهزة بشكل منفرد لن يُفضي الى نتيجة، إذ تبين أن هناك مطلوبين لم تتمكن الأجهزة من إلقاء القبض عليهم، نسبة لقلة المعلومات المتوافرة حولهم، رغم أن مخابرات الجيش اللبناني تمتلك بعض المعطيات، وجهاز المعلومات في قوى الأمن الداخلي يمتلك بعضها، بحيث انه إذا تم جمع المعطيات كلها تصبح عملية إلقاء القبض عليهم أسهل، لذلك هناك قرار بالتعاون ستظهر نتائجه تباعاً، من خلال توقيفات مهمة في الضاحية الجنوبية ومحيطها.

لا يكفي لاستعادة الهيبة أن يحصل هذا التعاون والتنسيق بين الأجهزة بل المطلوب أكثر بكثير، حيث تحولت هذه المنطقة الى “شبه غابة” بسبب غياب الخوف من الملاحقة والمحاسبة، كذلك هناك صعوبات كبيرة بضبط الأمن، ما لم يحصل تعاون بين الأجهزة اللبنانية والقوى الفلسطينية التي تُدير المخيمات الفلسطينية، حيث يلجأ كل مطلوب للاختباء فيها، سواء كان لبنانياً أو سورياً أو فلسطينياً، وآخرهم كان عصابة تمتهن السلب على طريق المطار باستخدام الكمائن، وهنا أيضاً تكشف المصادر أن الأجهزة الأمنية اللبنانية ستكثف تواصلها مع القوى الفلسطينية لتسليم مطلوبين، كاشفة أن هذا التواصل أثمر منذ فترة عن توقيفات مهمة.

تُعاني الاجهزة الأمنية من بطء الإجراءات القضائية واكتظاظ السجون، ولكن المصادر الأمنية تؤكد أن مسألة السجون قد تُعالج من خلال ترحيل السجناء السوريين الى سوريا، وعددهم بين 2500 و3000 سجين، ما سيعني إتاحة المجال لإدخال المزيد من المطلوبين، على أمل أن يسترجع القضاء حركته السريعة ويحكم بأحكام مشددة، لأن أغلب الموقوفين هم من السجناء السابقين الذين قضوا في السجون بضعة شهور فقط.

محمد علوش

مقالات ذات صلة