“لماذا تتجنب”الخماسية” الخوض بالسبب الحقيقي للفراغ”: سحب “يدها” سيعني الانهيار ودخول لبنان في نفق مظلم!!

أنهت لجنة سفراء “الخماسية” جولتها على القوى السياسية، وحطّت في عين التينة لإفراغ حمولتها على طاولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبشرتنا بجولة جديدة ستحصل قريباً لنقل الإجابات من بري الى القوى السياسية التي وجّهت الأسئلة، وبالتالي يمكن القول اننا ما زلنا في المربع نفسه الذي يتضمن فكرة الحوار وشكله ومضمونه، فلماذا لا تعترف “الخماسية” بالفشل؟

لم تتفق “الخماسية” على رؤية واحدة لكيفية حل المعضلة الرئاسية في لبنان، ولم تقدم حلولاً يمكن البناء عليها، فكانت في البداية لجنة يغنّي كل طرف فيها على ليلاه، فكانت نظرية المقايضة الفرنسية بين رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الحكومة، وبعد سقوطها كانت جولات منفردة للفرنسيين من جهة والقطريين من جهة، وبعدها جُمع القوم وقرروا العودة خطوة الى الوراء، والاتفاق على ان لا مرشح لأحد ولا “فيتو” من أحد على أحد، وأن “الخماسية” تعمل بأطرافها الخمسة ولا ممثل وحيد لها، لا المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان ولا غيره.

جاءت الحرب ودخل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين على الخطّ، فأثار ريبة بعض أطراف “الخماسية”، على رأسهم الفرنسيين ومن ثم السعوديين، إذ كان لهذا الدخول وقعه من خلال ربط جبهة الجنوب بمسألة الرئاسة، واعتبار التسوية من شقين يتعلقان بعضهما ببعض، فحط الفرنسي في أميركا لمناقشة هذه المسألة ولم تصل الى نتيجة، فالأميركيون متمسكون بأنه لا يمكن فصل جبهة الحرب عن جبهة الرئاسة، والفرنسيون يحاولون فعل عكس ذلك لأن الربط يعني تسليم الأميركيين دفة التسوية بمعزل عن مشاركة الآخرين، وهو ما اغضب السعودي أيضاً ، الذي تلمّس الرغبة الأميركية من خلال تحرك القطريين.

بعد الاتفاق على “اللاطرح”، حاول سفراء “اللجنة الخماسية” التسويق لمبادرة كتلة “الاعتدال الوطني” الداعية الى التشاور أو الحوار، وهم يقولون اليوم ان دورهم يشبه دور الوسيط بتقريب وجهات النظر، ولكن الكل يعلم أن المعضلة الرئاسية بحاجة الى قرار خارجي أساسه موجود لدى الأطراف الأساسية في هذه اللجنة، فلماذا “اللف والدوران”، ومحاولة إظهار وكأن المشكلة لبنانية بحتة؟ ولماذا الاستمرار في هذه الجولات التي لن تؤدي الى مكان، ما لم يتغير القرار الخارجي؟

بحسب مصادر سياسية متابعة، فإن حجم الدول المشاركة في هذه اللجنة ودورها على مستوى الساحة اللبنانية، يدفعها إلى الامتناع عن وقف الوساطة وإعلان فشلها، خصوصاً أن هذا الأمر سيعتبر كفشل لها، وهو ما لا يمكن تصوره، علماً أن الفرنسيين لا يزالون حتى اليوم يحاولون لملمة فشلهم في لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت. لذلك، تعمل هذه اللجنة، بحسب المصادر، على البقاء في دائرة الضوء، بعد أن كانت قد قررت العمل العلني المشترك على خط الوساطة، على قاعدة أنها عندما يحين موعد التسوية تكون جاهزة للإستثمار فيها.

من حيث المبدأ، إعلان هذه اللجنة عن فشلها، رغم أنها لا تمثل كافة الجهات المؤثرة في الساحة اللبنانية، سيعني الانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة قد تكون محفوفة بالمخاطر، وهو ما تتجنب كافة الجهات الوصول إليه، خصوصاً أن الواقع على هذه الساحة لا يحمل تصعيداً من هذا النوع، علماً أنه وبحسب المعلومات فقد اعتبر أن المعنيين الأساسيين بـ “اللجنة الخماسية” أن وقف عمل اللجنة أو إعلان فشلها، سيكون له آثار سلبية عديدة على الوضع في لبنان، لا سيما الوضع الاقتصادي والنقدي، لأن سحب اليد سيعني الانهيار وانسداد أي أفق للحل، وهذا سيُدخل لبنان في متاهة طويلة ونفق مُعتم.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة