سلاح ريال مدريد يعرفه الجميع ولا يعطّله أحد

يُعرف عن كارلو أنشيلوتي حبه لتكرار ما هو ناجح والحفاظ عليه، ويؤمن بأن الفكرة الجيدة حتى لو توقع الجميع تكرارها منه لكنها ستنجح بما أن تعطيلها ما زال أمراً صعباً على الخصم، لذا نتذكر كم كان يختار تكرار التشكيلة ذاتها حين كان مودريتش وكروس جاهزين بالماضي رفقة كاسيميرو، قبل انتقاله لمانشستر يونايتد، وحتى إن أردنا العودة بالذاكرة للخلف فسنتذكر شجرة أنشيلوتي أو طريقة “4-3-2-1” التي كان يصر عليها دائماً حين كان مدرباً لميلان دون أن تعرف ما هي أفضل الخطوات لتعطيل هذه الخطة.

الوصفة الجديدة للمدرب الإيطالي لا تتعلق بكتابة تشكيلة ولا خطة، بل هناك مفتاح جديد للنجاح يكرر ريال مدريد استخدامه ويجد أنه بمثابة الوصفة السحرية التي يستعملها حين تتوقف باقي المفاتيح عن العمل.

في الكلاسيكو بدا أن الريال بطريقه لإضاعة المباراة حين سجل فيرمين لوبيز هدف التقدم لبرشلونة، لكن الميرينغي استعمل وصفته سريعاً من خلال كرتين، واحدة من يمين الملعب ليساره، وأخرى من يساره ليمينه، وتمكن من فك عقدة اللقاء.

لو عدنا للقطة هدف التعادل فسنجد أنه قبل الهدف بثوانٍ قليلة كان فينيسيوس على أقصى الجهة اليسرى من الملعب وفاسكيز على أقصى الجهة اليمنى، لكن منذ استلام فيني للكرة عرف فاسكيز أن وقت تطبيق الحل قد حان وبدأ بالتحرك للداخل بعيداً عن عيون الرقابة، في الوقت ذاته كان هناك 3 لاعبين من ريال مدريد يتحركون إلى عمق منطقة الجزاء، وكلهم يعرفون أن التمريرة التالية لن تكون لأي منهم بل كل ما يريدونه هو تثبيت مدافعي الخصم وتشتيتهم، وفعلاً صعد فاسكيز وتابع تمريرة فيني وعادل النتيجة.

لقطة الهدف الثالث كانت سيناريو مغايراً من حيث الأسماء لكنه مشابه من حيث النتيجة، ينطلق براهيم دياز من العمق لكنه يعرف أن خطة التسجيل ليست كذلك فيمرر لفاسكيز على الجهة اليمنى، وفي الوقت ذاته يبدأ بيلينغهام بالتحرك من الجهة اليسرى نحو القائم البعيد، خوسيلو ودياز يركضان داخل المنطقة لتشتيت الدفاع وبيلي يذهب وحيداً ليسجل هدف الفوز.

سيناريوهان مشابهان جداً لما حدث ضد مانشستر سيتي ذهاباً حين وجد ريال مدريد نفسه متأخراً بهدفين لهدف ليستخدم الخطة ذاتها، فينيسيوس يذهب لليسار وبراهيم وبيلينغهام يضغطان من العمق، مع تعمد المغربي تثبيت غفارديول بمواجهته قدر الإمكان ليصعد من كان ينتظر بالخلف فالفيردي ويسجل بلمسة واحدة هدف التعادل.

أكثر ما يجعلك تقتنع بأن هذه سيناريوهات معدّة سلفاً، هو أن جميع هذه العرضيات كانت كرات أرضية قوية، وفي كل مرة كان اللاعب مستعد للتسديد من لمسة واحدة مهما بلغت صعوبة الكرة، ما يعطيك انطباعاً بأنه عرف هذا الموقف جيداً بالتدريبات واستفاد منه.

هذا الحل ليس جديداً بالنسبة لريال مدريد، وأبرز لحظات استخدامه مع أنشيلوتي كانت بنهائي دوري الأبطال 2022 أمام ليفربول حين لعب فالفيردي تمريرة أرضية مقوسة بطريقة ممتازة من اليمين وتابعها فينيسيوس من على اليسار، مسجلاً هدف الفوز باللقب الـ14 لريال مدريد بالبطولة.

لكن السؤال هنا إن كان الخصوم يرون تكرار ريال لهذه الطريقة: لماذا يصعب إيقاف الفريق؟

تكمن الإجابة في نقاط أساسية عدة، أولاها أن هذه الأهداف تأتي غالباً بعد عملية تحول سريعة من الدفاع للهجوم والريال يملك معدل سرعة مرتفعاً جداً بنقل الهجمة ولا يتعلق الأمر هنا بسرعة الأفراد، مثل فيني ورودريغو، بل أيضاً بسرعة الانتشار الناجح، فكل لاعب يعرف مكانه ودوره، إضافة إلى أن هذا العامل يظهر أكثر بالشوط الثاني حين ينزل البدلاء على اعتبار أن الميرينغي يملك مفاتيح مميزة دائماً من الدكة مثل براهيم، وغالباً مودريتش وخوسيلو في الوقت الذي تعاني فيه معظم الفرق صعوبة مواكبة هذه السرعة.

النقطة المهمة الثانية هي أن هذه الكرات تُلعب نحو المساحة التي تكون خلف الظهير مباشرة، فحين تبدأ هجمتك من أقصى اليمين يصبح من الطبيعي أن ينسحب كل مدافعي الخصم انسحاباً متناسقاً نحو الجهة اليمنى، بالتالي يصبح الظهير الأيمن للخصم (المواجهة للجناح أو الظهير الأيسر) قريباً من عمق المنطقة، والمشكلة أن قلب الدفاع يعرف دائماً أن هناك من يحمي ظهره بوجود ظهير خلفه، لكن بالغالب لا يجد الظهير من يحمي المساحة من ورائه، فمن الصعب جداً أن يصل الجناح للبقاء بهذه السوية المتأخرة بعد تحول سريع للخصم، والمشكلة الأكبر هي أن ريال مدريد يخلق دائماً كثافة بالعمق تدفع حتى الظهير لترك مكانه وفتح مساحة أكبر، وبالتالي تسهيل مهمة القادم من الخلف للتسجيل.

يعرف أنشيلوتي أن فريقه يفتقد أحد أبرز العوامل الهجومية الأساسية هذا الموسم وهي امتلاك رأس حربة صريح، لذا تزيد قيمة الأسلوب والأفكار بالملعب لحماية الفريق من الضياع بدوامة العقم الهجومي، فإضافة لمنحه الكثير من المساحات لتكوين الخبرة وأخذ القرارات بالملعب للاعبيه، يجد كارليتو أفكاراً تجعل من ريال مدريد أكثر خطورة، وبالتأكيد ليس هناك ما هو أخطر من أن تعرف مفتاح خصمك لكن لا تتمكن من مواجهته!

النهار

مقالات ذات صلة