التمديد للبلديات الخميس: “مقتلة” إضافية للنظام!
لم تحل التطورات الكثيفة المتصلة بملفات الوضع المتفجر جنوباً والازمة المتفاقمة للنازحين السوريين والتحرك الديبلوماسي المتصل بأزمة الفراغ الرئاسي وما يدور من معطيات واقعية او مختلقة في شأنها، دون اندفاع استحقاق يبدو ان فئات عدة لم تعد تجد أي حرج في اعتباره “هامشيا” او ثانويا لتبرير “مقتلة” ديموقراطية جديدة ستلحق بالبلاد الخميس المقبل. والمقصود بذلك، انه في زمن تغييب رئاسة الجمهورية منذ سنة ونصف السنة والتساقط المنهجي للمواقع الإدارية والأمنية والمؤسساتية في كل الاتجاهات، ومع العلل والشلل النصفي الذي يتحكم بحكومة تصريف الأعمال، سيأتي الخميس دور الصدمة الإضافية المتصلة باندفاع “تحالف التمديد” للمجالس البلدية نحو اسقاط الانتخابات البلديةوترحيلها لمدة سنة إضافية وطبعا التبرير لا يحتاج إلى قرائح تتعب حالها ما دامت المواجهات في الجنوب افضل التبريرات وممنوع الكلام في أي استثناء او إجراءات تتيح اجراء الانتخابات في كل المناطق الأخرى تحت وطأة اتهام المنادين بذلك بالاتجاهات التقسيمية والانفصالية المزعومة !
على رغم تحفز كتل نيابية وقوى سياسية معارضة لخوض معركة اسقاط التمديد للمجالس البلدية وترحيل الانتخابات من أيار المقبل لمدة سنة، يبدو واضحا ان ما كتب قد كتب على ايدي تحالف التمديديين بحيث توافرت لهم الأكثرية العادية المرجحة التي ستكفل تمرير مشروع قانون التمديد في الجلسة التشريعية لمجلس النواب الخميس المقبل. وهو امر ان مرّ كما توحي كل المعطيات سيشكل صدمة حادة نظرا الى ان أنماط الفراغ والتمديد باتت المسبب الأول في سمعة الدولة اللبنانية القاتمة والطبقة السياسية لا سيما منها “الحاكمة” التي تتحمل تبعات الضرب المنهجي للمسار الديموقراطي وإفراغه من كل الأصول بحجج وبلا حجج. ولعل الأسوأ المرتقب هو ان لبنان الموعود حديثا بـ”رزمات” من الدعم والمساعدات سواء للجيش او في ملف النازحين او غيرها من الملفات سيتسبب له مجددا “مدمنو” التمديد بتداعيات سلبية يصعب استباقها ولكنها حكما ستكون إشارة قاتمة جديدة تضاف الى السجل الأسود الحافل بتجارب انتهاكات الديموقراطية والنظام وضرب كل محطات التغيير والإصلاحات.
وقد وضعت طبخة التمديد للبلديات على نار حامية مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة في الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس 25 نيسان الجاري لدرس إقتراحي القانونين المعجلين المكررين المدرجين وحدهما على جدول الاعمال وهما : إقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 المقدم من النائب جهاد الصمد. وإقتراح قانون معجل مكرر رامي الى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني .
وبطبيعة الحال، لكي تكتمل فصول المهزلة تابع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي اصدار قرارات دعوة الهيئات الانتخابية البلدية، واصدر امس مواعيد الدعوة في كل من محافظة بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك – الهرمل لانتخاب أعضاء المجالس البلدية وتحديد عدد الاعضاء لكل منها، ولانتخاب مختارين ومجالس اختيارية.
وعشية هذا الاستحقاق بادرت “كتلة تحالف التغيير” التي رفضت تأجيل الانتخابات البلدية للمرة الثالثة تواليا الى الإعلان عن تشددها برفض التشريع في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وأعلنت انها لن تشارك في جلسة الخميس.
في غضون ذلك، تعاود الحركة السياسية والديبلوماسية اليوم من حيث انتهت جولة سفراء المجموعة الخماسية الأسبوع الماضي اذ سيزور السفراء الخمسة ظهر اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”جوجلة” حصيلة ما افضت اليها جولة السفراء على القيادات السياسية. واما ما تردد عن امكان قيام الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت هذا الأسبوع فثبت ان لا أساس له من الصحة وليست متوقعة عودته قبل بروز معطيات جدية وحاسمة حيال امكان الخوض في تسوية باتت معالمها معروفة بعد ان تتوقف الحرب في غزة .
الدعم الاوروبي
وفي ملف النازحين السوريين بدأت التحضيرات لزيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس لبنان للمرة الثانية في 2 أيار المقبل، على أن ترافقه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للإعلان عن حزمة مالية من الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان في موضوع اللجوء السوري، وبهدف منع اللاجئين من الوصول بحراً إلى قبرص وذلك تحضيراً للمؤتمر الذي سيعقد في بروكسل أواخر شهر أيار. وفي هذا السياق جال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار أوليفر فارهيلي على رأس وفد، على المسؤولين الرسميين امس مؤكدا “ان استقرار لبنان وامنه هما أولوية أوروبية، ونريد ونسعى لتعاون اعمق بين لبنان والاتحاد الأوروبي في هذا الشأن”. وقال”اعدت تأكيد الدعم الأوروبي الطويل الأمد والمستمر للبنانيين ليتمكن لبنان من الاعتماد على دعمنا المالي والسياسي خلال السنوات المقبلة على الاقل خلال نهاية هذه الفترة المالية اي حتى 2027 .ومن الواضح أن المجلس الأوروبي لم يوضح فقط بأن الاتحاد الأوروبي مستعد للاستمرار بدعم النازحين السوريين في لبنان والأردن وتركيا، ولكنه أوضح أيضا بشكل كبير أنه علينا الآن مضاعفة جهودنا لمكافحة تهريب الأشخاص والتهريب بشكل عام وتعزيز حماية الحدود وأيضا ضبط الهجرة غير الشرعية”.
يشار في هذا السياق الى ان اجتماعا وزاريا وقضائيا سيعقد اليوم في السرايا برئاسة رئيس الحكومة للبحث في إجراءات تسليم السجناء والموقوفين السوريين الى سلطات دمشق كإحدى السبل التي سيتخذها لبنان في ضبط اللجوء السوري.
المصدر: النهار