لماذا” تمارضَ” البخاري قبل زيارة بنشعي.. وشُفي بسرعة قصوى في اليوم التالي؟
لطالما تميّز السفير السعودي وليد البخاري بديبلوماسيته ولباقته مع الحلفاء والخصوم، وهذا ما ينقله الطرفان عنه، اذ يشير دائماً الى انّ المملكة العربية السعودية تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا تؤيد مرشحاً للرئاسة او تدعمه، لانها لا تدخل في لعبة الاسماء، فلا مرشح للمملكة وهي ليست مع او ضد اي من المرشحين، وليست في وارد تعطيل مسيرة من يختاره اللبنانيون رئيساً، اذ تشدّد على ضرورة وصول رئيس توافقي – انقاذي غير متورّط بالفساد، اي كما يردّد دائماً اغلبية سفراء الدول المهتمة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.
الى هنا الموقف السياسي عادي جداً، لكن ما شكّل مفاجآة هو تغيّب السفير البخاري عن زيارة بنشعي قبل ايام قليلة، مع سفراء اللجنة الخماسية للقاء رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، فبرزت حينئذ التكهنات والقراءات السياسية عن سبب “تمارض” البخاري وشفائه بسرعة قصوى، وقيامه بزيارة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في اليوم التالي، مع السفير القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، والسفير المصري علاء موسى، فيما تغيبت السفيرة الأميركية ليزا جونسون، بسبب العقوبات الاميركية على باسيل، مما يعني ظهور المشهد المستجد: سفير مريض وسفيرة غائبة بين البيّاضة وبنشعي.
الى ذلك كثرت الاحاديث في الكواليس السياسية، عن سبب غياب البخاري وظهوره مع تفاؤل لافت، وجلوسه الى جانب باسيل، مع الاشارة الى انّ التقارب السعودي – العوني ليس وليد اليوم، بل منذ اشهر وإن كان بعيداً عن الاضواء، لانّ الوساطات فعلت فعلها لحصول هذا التقارب ونجحت بذلك، بعد فترة من التوتر السياسي عاشها النائب باسيل مع الرياض، لذا ووفق المعلومات إستعان باستراتيجية جديدة اليوم، بعيداً عن الوحدة السياسية بعد تكاثر خصومه وخسارته أسوار حارة حريك، لذا إختلف الوضع فطرقَ في البدء ابواب عين التينة بقوة لإعادة المياه الى مجاريها مع الحليف السابق و”اللدود” نبيه بري، فعمل على ترميم الجرّة السياسية معه ليس بالقول فقط بل بالفعل، واليوم أراد ذلك مع السعودية لكن بدراسة لافتة لخطواته المرتقبة إنطلاقاً من مقولة “الوحدة لا تجوز في السياسة”، وقد تلقى نصائح في هذا الصدد، اي ان يكون ديبلوماسياً مع مختلف الافرقاء والسفراء ممثلي الدول الفاعلة العربية والغربية.
وعلى خط زيارة البخاري الى بنشعي، افيد وفق المعلومات بأنّ السفير السعودي أراد إطلاق رسالة الى فرنجية، بأنّ تقاربه الكبير من حارة حريك ودعمها له رئاسياً ورفضها لأي مرشح آخر، لم يلاق قبولاً لدى الرياض، اذ تعتبره طرفاً وتفضّل وصول الرئيس الوسطي القادر على الحوار مع مجمل الاطراف السياسية، لذا أراد إرسال هذه الصورة له بطريقة مغايرة من خلال عدم الحضور، لتمرير رفضه للمحور المتموضع وراء فرنجية رئاسياً، خصوصاً انّ الاخير متمسّك بترشيحه المدعوم بقوة من قبل حزب الله، فيما اللجنة الخماسية متمسّكة بالخيار الثالث اي رئيس غير محسوب على جهة وغير إستفزازي للبعض، وبالتأكيد فهمَ رئيس “المردة” هذه الرسالة، فبقي لبقاً بدوره ولم يوجّه اي رسالة سلبية الى المملكة، وهذا ما بدا واضحاً خلال زيارته بكركي بعد ساعات، وتصريحه من على منبرها، حيث كان موقعه ايجابياً وديبلوماسياً.
فيما بدا البخاري منشرحاً ومرتاحاً خلال لقاء البياضة، كذلك باسيل، فكانت كل الامور واضحة وفق ما نقلت مصادر “التيار الوطني الحر” لـ”الديار” ولم يدخل اي جانب في لعبة الاسماء كذلك رئيس “التيار”، الذي لطالما حافظ على علاقته مع الرياض، وكشفت المصادر المذكورة عن وجود مسار إيجابي تفاعل اكثر، بعد مشاركة النائب باسيل في العيد الوطني السعودي الاخير.
وعن إمكانية ان يكون سبب التقارب السعودي هو التباعد الحالي بين البيّاضة وحارة حريك، اشارت مصادر “التيار” الى انّ انتخابات نقابة المهندسين التي جرت الاحد الماضي، أكدت زوال هذا التباعد بسبب تحالف “التيار” مع الثنائي وفوز مرشحه، لكن هنالك بعض التباينات حول موضوع وحدة الساحات وربط حرب غزة بجنوب لبنان، لكن لا تواصل بين حزب الله و”التيار” على الخط الرئاسي، وهذا لا يعني أن العلاقة متوترة بحسب ما ختمت المصادر المذكورة.
صونيا رزق- الديار