صفحة جديدة في الحرب بين إيران وإسرائيل !
رأى الكاتب الإسرائيلي ناحوم بارنياع في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن انتقال إيران إلى هجوم مباشر علني ضد أهداف في إسرائيل يفتح صفحة جديدة في الحرب بين الدولتين.
ولاحظ أن “واحداً من أصحاب القرار المركزيين أبرز سبب تبرير عمل عسكري، موضعي ومحدود وعاقل. لقد أخطأت شعبة الاستخبارات في تقدير الرد الإيراني على تصفية الجنرال زاهدي في دمشق وقد تخطئ مرة أخرى”.
وأشار إلى أن “ثلاث حكومات خرجت راضية من أحداث السبت الأخير. فقد أثبتت الإدارة الأميركية قدرة عسكرية وتحكماً بالتحالف الإسرائيلي – السُني الذي أقامته: هذا انتصار تكتيكي، وإسرائيل صدت الهجوم واستعادت لنفسها عطف حكومات الغرب”.
ولفت إلى أن “النظام الإيراني أثبت بأنه قادر على مهاجمة دولة أجنبية بمئات الذخائر الفتاكة. صحيح أن الهجوم صد، لكن لها حقاً كاملاً في الاعتقاد بأنها حققت انتصاراً استراتيجياً. ربما تتصرف كقوة عظمى على حافة النووي، وقد تسمح لنفسها أنها في المرة التالية ستطلق ذخيرة أكثر بوتيرة أسرع في توقيت أكثر راحة. إذ يمكنها التغلب على المشاكل التكتيكية”.
وبحسب الكاتب، هو تحذير لمقرري السياسة: التحالف الدولي الذي صد الإطلاقات من إيران ليس ملتزماً بإسرائيل إلى الأبد، لا أميركا ولا بريطانيا وبالتأكيد لا الأردن والسعودية. محظور التعاطي معه كهدية مجانية، كشيء مسلم به. لنجاح السبت الماضي الكثير من الآباء، وكل منهم يتوقع مقابلاً.
وقا الكاتب: “في الخطاب الداخلي بالمستوى السياسي والعسكري على حد سواء، هناك من بحث عن طريق لاستغلال الفرصة. إيران وأفعالها عادت إلى مقدمة المنصة، وهذا خير، والأهم، أن الغرب يفهم بأن النظام الإيراني يسير بعيداً، وبات خطيراً أكثر مما اعتقدوا. وهذا يؤثر على الطريقة التي يرى فيها الغرب المشروع النووي. لعله يجب اقامة تحالف أكثر توثيقاً ونجاعة لهزيمة إيران، أو على سبيل البديل، لعلها فرصة لحل مشاكل أخرى. لإسرائيل أوراق جديدة لتلعب بها. تريدوننا ألا نهاجم إيران؟ حسن. دعونا نحل مشكلة رفح. دعونا نحل مشكلة حزب الله. أو العكس، دعونا نوجه ضربة أكبر لإيران وعندها نعلن عن نصر مطلق سوقناه لقاعدتنا طوال أشهر، ونسمح لأنفسنا بإعطاء السنوار كل ما يريد ونتلقى كل المخطوفين ونتجاوز رفح”.
وبحسب الصحيفة، “كل هذا لم يحصل هذا الأسبوع. التبست إسرائيل في توجيه الضربة لإيران –لأسباب عملياتية– فتح الباب لضغط دولي بدأ يقضم بالدعم لها. رون ديرمر، مبعوث نتنياهو إلى الإدارة الأميركية، وصل إلى واشنطن. وهو غير مفوض تفويضاً واضحاً، لا في موضوع رفح ولا في موضوع إيران. نصف سنة وإسرائيل تتحدث عن مسألة اليوم التالي. كل القيادة الأمنية، من الجيش لـ “الشاباك” وحتى الموساد، ملأت الغرف المغلقة بأننا إذا لم نعمل على بديل لحماس في غزة، فستضيع كل إنجازات الجيش هباء، وستعود حماس. بعض من وزراء الكابنيت يقولون أموراً مشابهة، ومثلهم جنرالات متقاعدون يظهرون في وسائل الإعلام. الجيش الإسرائيلي يبقي خلفه فراغاً، والفراغ يمتلئ. حماس تعود إلى دير البلح، إلى خانيونس، تعود إلى شمال القطاع أيضاً، لكن نتنياهو يصر على موقفه. “مالطا يوك”، أي لا توجد مالطا. هكذا قال الأتراك بعد أن هزموا في المعركة على الجزيرة. “غزة يوك”، أي لا توجد غزة، يقول نتنياهو. أوراق أم لا أوراق، يبدو أن إسرائيل ليست في اللعبة”.
وأشار الكاتب إلى أن “مئات الأشخاص، في الجيش و”الشاباك” وهيئة الأمن القومي يعملون منذ نصف سنة على مسألة المخطوفين. آراؤهم عن السنوار وحماس متنوعة. كل وخبراته، كل وتحليلاته. بقدر ما أعرف، يسود هذه المنظومة إجماع حول موضوع واحد: السنوار يريد اتفاقاً، ويريد الاتفاق بشروطه. ثابت جداً، لا يغير شروطه منذ أشهر. العرض الحماسي الأخير الذي طرح على إسرائيل يدور حول المطالب إياها. السنوار لا يشدد مطالبه: هو يتمسك بها. للأسف، قد يسمح لنفسه بذلك؛ إما أن يكون واثقاً بأن إسرائيل لن تصل إليه أو أنه لا يأبه له. حقوقه كشهيد حصل عليها من الآن. ها هي الحقائق: هي عسرة على الهضم، لكن لا توجد حقائق وافرة أخرى في هذه اللحظة”.
وتابع الكاتب: “يصعب عليّ فهم منطق الحملة الجارية هنا في الأيام الأخيرة، حملة عنوانها “حماس لا تريد صفقة”. ما المعنى من إضاعة وقت رئيس الموساد ورئيس “الشاباك” ولواء الاحتياط ومندوب الجيش، ومئات العاملين، إذا لم يكن الطرف الآخر معنياً بالصفقة”.
وأفاد بأن “رئيس الموساد، من خلال الناطقة بلسانه، يسعى لإقناع الجمهور بمن فيهم عائلات المخطوفين، بأن لا مفر من السير حتى النهاية وقبول كل مطالب حماس ووقف الحرب، والانسحاب من القطاع والسماح لحماس بإعادة بناء نفسها، مقابل المخطوفين. لن تكون النتيجة النهائية بعيدة عن هذا. لا أعتقد أن السنوار يعيش اليوم حسب العناوين في صحف إسرائيل: المشاهد الأصعب لم تساعد في تغيير رأيه. أما بشأن الوسطاء فيجرون حساباتهم، حساباتهم فقط: قطر ترفض الاستسلام للطلب الإسرائيلي بإبعاد عائلات حماس من أراضيها ومصادرة أموال المنظمة، وتعمل من أجل ذاتها وليس من أجلنا، ومثلها مصر أيضاً؛ أمس دخلت شاحنات محملة بالسجائر إلى غزة. فهل هذه مساعدة إنسانية؟ علاج لتحسين الصحة؟ لكن أحداً ما في مصر يريد أن يكسب المال من الوساطة”.
وأشار الكاتب أيضاً إلى أن “الفرصة نشأت مرتين لإجبار حماس على تليين مواقفها: الأولى في أثناء العمل على الصفقة الأولى، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023. كان السنوار بحاجة يائسة للوقود والأدوية والغذاء. الضغط العسكري في شمال القطاع، في مدينة غزة وبناتها، كان صعباً جداً عليه. وافق على تحرير مخطوفين. عندما رأى أنه ينقصه مخطوفون كي يستوفي شروط الصفقة وطلب تغييرها، استخدم الطرف الإسرائيلي الفيتو. كان هذا خطأ مأساوياً. أولئك الذين اتخذوا القرار في طرفنا لم يتصوروا بأنهم يحكمون على المتبقين بنصف سنة في الجحيم وربما بالموت. أما الفرصة الثانية فكانت في الشهر الماضي، في ذروة معارك خان يونس. كانت حماس مستعدة للتراجع عن مطلب الانسحاب الإسرائيلي الفوري من القطاع كله، لكنها أصرت على إلغاء بتر القطاع وإعادة السكان إلى الشمال. استخدم الجيش الفيتو، وتمسك به نتنياهو، وتبدد الاحتمال. الجيش مستعد اليوم للتنازل عن البتر والسماح للفلسطينيين بالعودة إلى الشمال”.