باسيل ودوره المفصلي في المبارزة الرئاسية: حوار واتفاق مكتوب نهايته رئيس

في المشهدية العامة كان لافتاً الظهور المكثّف لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل اعلامياً طوال الاسبوع الفائت متسلّحاً تارةً بانتصارات نقابية لتياره وطوراً بمواقف سبّاقة قديمة له يحذّر فيها من خطر تدفق النازحين الى الداخل اللبناني.

الّا انّ لقاءه بالسفير السعودي وليد البخاري الذي لم يلتقه باسيل منذ تولّيه وزارة الخارجية استكمل تعزيز تلك المشهدية، وحسم باسيل من خلالها الجدل الدائر عن دوره المفصلي في المبارزة الرئاسية.

يقول البعض انّ وهج لقاء باسيل مع البخاري، وفي البياضة تحديداً، وبعد طول غياب أنسى المراقبين أصداء تغيّب السفيرة الاميركية ليزا جونسون عن اللقاء في حد ذاته، وعلى رغم من استباق السفير المصري علاء موسى أمس الأول اعلان غياب البخاري عن حضور الاجتماعات المقبلة الخماسية لدواع صحية، فإنّ مصادر «التيار الوطني الحر» كشفت لـ«الجمهورية» أن حضور السفير السعودي في دارة باسيل لم يكن مفاجئة بالنسبة إليه ولرئيسه لأنه كان معلوماً ومتفقاً عليه سابقاً «وقد تم إبلاغنا بها كما لا علم لنا بأسباب تصريح السفير المصري مع احترامنا له، والجميع يعلم بأنّ سفراء اللجنة الخماسية لا يملكون اسرار بعضهم، فلكلّ أسراره».

وعن زيارة بخاري لباسيل ضمن المجموعة الخماسية تقول مصادر التيار لـ«الجمهورية» انها «لم تكن مفاجئة لأننا كنا قد قطعنا اشواطاً من التواصل فيما بيننا في شكلٍ بدأ منذ سنة ولو انه كان متقطّعاً لكنه تَسارعَ منذ 23 ايلول الماضي، اي تاريخ مشاركة باسيل في احتفال السفارة السعودية بمناسبة «اليوم الوطني السعودي». ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم تسارعت خطوات التواصل بين باسيل والمملكة وليس فقط بينه وبين البخاري.

وتجدر الاشارة الى انّ اليوم الوطني السعودي كان قبل اسبوعين من بدء حرب غزة، ويمكن القول انّ السبعة أشهر الماضية كانت كفيلة بتطوير تلك العلاقة من خلال اطلالات عدة لباسيل قد تكون ساعدت في تقدمها إيجاباً عندما وَضّح اموراً كثيرة، مُشيداً بالتغييرات الجذرية التي يقوم بها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ومُبدياً اعجابه بها وبمدى انعكاسها ايجاباً على لبنان، مؤكداً أن الاسلوب الجديد للمملكة سيساعد حتماً على نزع الفتيل في المنطقة بدءاً من حوارها مع ايران وصولاً الى التقارب الخجول مع سوريا، الامر الذي، في رأي مصادر التيار، «يُجَنّب المملكة الخصومات الحادة في لبنان». وبالتالي يلحظ المراقبون مجموعة مؤشرات سواء من خلال خطابات باسيل المتكررة إن بالنسبة الى «وحدة الساحات» او لغيرها من المواقف قد ساعَدت، إن لم نقل، مَهّدت لتحسين العلاقة بين باسيل والمملكة.

الخماسية و«الوفاء للمقاومة»

في المشهدية ايضاً تغيّب السفير السعودي عن اللقاء مع كتلة «الوفاء للمقاومة»، الأمر الذي يؤشّر الى انّ المملكة تفصل بين العلاقة مع «حزب الله» والعلاقة مع ايران، اذ كان واضحاً انّ المملكة تعتبر ملفها مع ايران هو ملف خليجي ـ ايراني ثنائي فيما الملف مع «حزب الله» يحمل وجوهاً عدة، منها تكرار اتهام الحزب للمملكة بالتحريض وفي المقابل اتهام المملكة بيئة «حزب الله» بملفات الكبتاغون وغيرها…

لا كلام في الأسماء

وتقول مصادر «التيار» انّ فكرة الحوار المحصورة بالزمان والمكان ورئاسة الجمهورية هي فكرة حَمَلها باسيل الى الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في أول لقاء بينهما. وانّ اللجنة الخماسية وَرثت فكرة الحوار من لودريان الذي حمّله إيّاها التيار فماذا تغيّر اليوم؟ وماذا أبلغ باسيل الى الخماسية؟ وهل فعلاً أبدى مرونة بالنسبة الى الحوار فتنازلَ مثلاً عن بعضٍ من شروطه السابقة؟

تجيب مصادر «التيار»: «وضَعنا في السابق شرطا أساسيا في ان يكون الحوار بين متساوين وليس حواراً مفتوحاً مع الجميع ولا ندري الى أين يوصِل!. امّا عن تراجع باسيل عن شرط معرفة برنامج الحوار فتوضح المصادر «اننا لم نتكلم عن تنازلنا عن معرفة البرنامج، وهذا ما دار بيننا وبين اللجنة الخماسية: «قالوا لنا اننا نعلم انكم كتيار تنظرون الى الاستحقاق وكأنه سيادي، ونحن لا نسمح لأنفسنا بأن نتدخل في مسألة محصورة بالسيادة اللبنانية. فكان جوابنا انها بداية جيدة وبالتالي لا كلام في الاسماء». واضافت «شرحنا لهم كيف ان للّجنة الخماسية دوراً كبيراً في مساعدتنا، وطلبنا منهم ان يشترطوا علينا الاصلاح قبل مساعدتنا وانّ الامر لا يزعجنا في أن يقوموا بهذا الضغط على الحكومة ومجلس النواب قبل مساعدتنا.

امّا بالنسبة لشروط الحوار فقد قلنا لهم اننا مع فكرة الحوار الهادِف، ولكن قبلاً نريد ان ينطلق مبدأ الحوار من اتفاق مكتوب على ان يكون هذا الحوار محدوداً في الزمان ومحصوراً برئاسة الجمهورية. واذا تمّ التوافق على اسم نذهب ونُكرّس في مجلس النواب الاسم المتّفق عليه، ولكن ان لم يتم التوافق على اسم نريد ضماناً في ان تعقد جلسة لمجلس النواب ونذهب الى التصويت والمنافسة المشروعة على ان يتم تأمين النصاب. وهذا هو شرطنا وما قصدناه من وجوب ان يؤدي الحوار الى جلسة انتخابية نتيجة خوفنا وغيرنا من ان تتمّ إدارة البلاد في المستقبل عن طريق الحوار فيصبح عُرفاً وقاعدة. ساعتئذ تصبح طاولة الحوار بديلاً لدور رئيس الجمهورية وبديلاً للحكومة، فنصبح عند كل مفصل او معضلة نَحتكِم الى «عرف الحوار».

مرلين وهبه- الجمهورية

مقالات ذات صلة